مرة أخرى صراعنا مع إسرائيل ليس دينيًّا فقط

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 10 يونيو 2021 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

فى يوم السبت 29 مايو الماضى كتبت مقالا فى هذا المكان بعنوان «هل صراعنا مع إسرائيل دينى أم قومى أم وطنى؟»، انتقدت فيه تصريحات قادة حركة حماس الفلسطينية، والتى تختزل الصراع مع الإسرائيليين فى الجانب الدينى فقط، عقب اندحار العدوان الإسرائيلى على القدس والضفة وقطاع غزة، والذى استمر ١١ يوما فى مايو الماضى، وتسبب فى سقوط مئات الضحايا، وآلاف المصابين، وتدمير العديد من بيوت ومنشآت الفلسطينيين، الذين كبدوا بدورهم العدو خسائر نوعية كثيرة.
أحد القراء ويدعى «ح س» أرسل لى تعليقا مطولا يقول فيه:
«يا أستاذ عماد هو بعد ما جو بايدن يؤيد إعلانها دولة يهودية، فيه إيه تانى، دفن راسنا فى الرمل هو اللى جايبنا ورا. أقوى سلاح فى إيدك هو عقيدتك. الآخر يتمسك بعقيدته فى مواجهتك، وانت عايز تحوله لصراع سياسى أو حدودى. هذا كلام من ١٩٤٨ إلى الآن كلام فارغ، وقولى لماذ لم يتم حل الدولتين. إيه اللى مانع الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن تفرض ذلك الحل على الأطراف إن كانت صادقة. وسلملى على الأمم المتحدة فى ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وتعيين مندوبين للإشراف على تأجيج الصراعات فى العالم العربى والإسلامى. عينت الأمم المتحدة حكومة مؤقتة فى ليبيا وصنعت العواصم الغربية حفتر. أليسوا أعضاءً فى الأمم المتحدة التى عينت حكومة السراج من شجعه ومن موّله بالسلاح حتى تدخلت تركيا فبدأ الصراخ رغم وجود المرتزقه الروس وغيرهم. لم تتخذ الأمم المتحدة إجراءً ضد حفتر عند إعلانه الهجوم على طرابلس مرتين عازما إسقاط الحكومة التى عينتها الأمم المنحازة ضد العالم العربى والإسلامى. إدينى قضية واحدة لصالح العرب والمسلمين، اتخذت فيها الأمم المتحده قرارا حاسما. أليست القدس والأقصى قضايا أصدرت فيها الأمم المتحدة قرارات واجبة التنفيذ، فلماذا لم تنفذ. وإسرائيل تسخر من هذه القرارات، وتحميها الدول الاستعمارية. وبعد ذلك تكتب الكلام اللى إنت كاتبه فى عمودك، هذا كلام اليساريين والليبراليين والعلمانيين، وبقاله ٧٣ سنة، وإسرائيل تقوى وتتسلط وتعتدى وتسرق وتغتصب وإحنا بنكتب مقالات الصراع دينى ولا سياسى؟!!».
انتهى كلام الأستاذ «ح.س» وأقدر فيه حماسه وحميته الدينية، وأتفق معه تماما فى الكثير من النقاط، مثل أن المجتمع الدولى والدول الكبرى خذلت الفلسطينيين والعرب، وأتفق معه أيضا بشأن فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن فى تنفيذ وتطبيق القرارات الدولية التى تنصف الفلسطينيين.
بل أزيد عليه وأقول إننا إذا كنا كعرب أقوياء، كان الطريق السريع والصحيح هو تحرير أرضنا المحتلة بالقوة، منذ احتلالها فى ٥ يونيو ١٩٦٧. لكن الخلاف يا سيدى الكريم أننا ضعفاء جدا، أو أقوياء، لكن لم نستطع توظيف نقاط قوتنا سواء كعرب أو مسلمين، وبعضنا صارت علاقته بإسرائيل أقوى من علاقته بالفلسطينيين.
النقطة الجوهرية فى مقالى السابق هى أننا حينما نتعامل مع الصراع باعتباره دينيا فقط، فسوف نخسر جميع غير المسلمين، الذين يساندون قضيتنا العادلة باعتبارها احتلالا عنصريا لوطن وشعب آخر. هناك الكثير من المسيحيين والهندوس والبوذيين، وبعض اليهود وأديان وأعراف وطوائف أخرى كثيرة، يؤيدون حقوقنا العربية ضد الاحتلال الإسرائيلى، وحينما نقول إن صراعنا مع إسرائيل دينى فقط، فسوف ينصرف هؤلاء عنا، ويقولون لنا ببساطة: «شكرا ونأسف أننا تضامنا معكم»!!.
من خلال كلام الأخ المعلق عن تأييده للميليشيات المتطرفة فى ليبيا، أنه يؤيد قوى الإسلام السياسى ومنها حماس، وهذا حقه، وأسأله بوضوح: وهل تمكنت هذه القوى من تحرير فلسطين بالسلاح فقط؟ والسؤال الأهم: لماذا لم تسأل قادة هذه القوى التى تؤيدها عن سر علاقتها بالولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية، بل إن بعض هذه الدول التى تؤيد هذه الجماعات تقيم علاقات مع إسرائيل ومع اللوبى الصهيونى فى أمريكا وعواصم أوروبية؟!!
السيد الكريم، هناك تعقيدات كثيرة فى القضية، والصورة ليست بهذه البساطة والتسطيح الذى نتصوره. ليتها كانت كذلك، وكنا نستطيع تحرير فلسطين من النهر للبحر، وتعود فلسطين دولة عربية لكل سكانها المسلمين والمسيحيين واليهود.
الأخ الفاضل «ح.س»: هناك الكثير من غير المسلمين يدعمون حقوقنا فى فلسطين، فلماذا نخاطر ونخسرهم مجانا ونعتبر الصراع مع إسرائيل دينيا فقط، فى حين أنه ليس كذلك. هو صراع شامل سياسى وقومى ووطنى واقتصادى واجتماعى ودينى، وقبل ذلك وبعده صراع حضارى، لكى تكسبه ينبغى أن نتخلص من كل أمراضنا ومشاكلنا وأحدها هو التعصب الدينى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved