سلامة فى خير

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 10 يونيو 2022 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

الحنين هو مفتاح التعرف على السينما فى كل البلدان خاصة فى الولايات المتحدة ومصر، ومن وقت لآخر فإن كتاب السيناريو أو المخرجين يقومون بإعادة كتابة وإخراج الأفلام القديمة لكى يشاهدها الجيل الجديد بنجوم آخرين ومعالجة مختلفة، وهناك خيط رفيع جدا بين هذه المعالجات التى تتراوح المسافة الزمنية بين الفيلم الأول والأفلام المعادة لا يقل عن ثلاثين عاما.

«مصطلح معادة remake»
هو فى غير محله بالنسبة للغة العربية وحتى الآن لم نعثر على كلمة مناسبة جدا له، فنضطر إلى كتابة الكلمة بحروفها الإنجليزية وهى تعنى أن شركات الإنتاج تقوم بإعادة عمل فيلم قديم ناجج ومضمون النجاح أيضا لعدة أسباب منها أن القصص فى الأغلب متشابهة وتدور فى حيز ضيق، وأن النجاح هو السبب الأول لهذا الأمر، وقد تحولت هذه الظاهرة إلى ما سمى فيما بعد بالثنائيات فبدلا من الريميك فإن الشركة المنتجة تقدم أجزاء تالية من الفيلم الناجح مثل الفك المفترس ورامبو ورحلة إلى النجوم وغيرها وفى مصر لدينا المحفظة معاية وحتى أولاد رزق وفيلم الفيل الأزرق.
هناك سمات محددة منها تجديد اسم المخرج واستعانه بمخرج جديد وكاتب آخر لكن يفضل أن يكون هو نفس المخرج مثلما فعل نيازى مصطفى فى سلامة فى خير حين قدمه مرة ثانية بعد أربعين عاما فى فيلم الرجل الذى باع الشمس، وكان حسن الإمام وهو أشهر من أعاد إخراج أفلامه القديمة «عشرة أفلام على الأقل» التى أخرجها فى الخمسينيات إلى أعمال أخرى أقل قيمة فنية فى السبعينيات.
فيلم سلامة فى خير 1937 الذى أكد فريد شوقى فى أحد أحاديثه أنه مأخوذ عن مسرحية فرنسية تأليف الكاتب ساشا جيتارى تم تقديمه فى مصر أكثر من مرة منها فيلم «صاحب الجلالة» إخراج فطين عبدالوهاب أما فيلم «الرجل الذى باع الشمس» فهو من بطولة يونس شلبى وعفاف شعيب وكل هذه القصص تدور حول الموظف الذى وجد نفسه ينزل فى أحد الفنادق ويضطر للقيام بدور بديل لحاكم أجنبى ثرى يريد أن يعيش حياة غير رسمية أثناء زيارته لمصر، طبعا هناك اختلافات كثيرة بين هذه الحواديت لكن هناك أيضا خيطا مشتركا فى القصة منها أن سلامة هو مواطن مغلوب على أمره فقير أمين، غشيم يجد نفسه فى عدد من الورطات المتلاحقة منها أن البنك الذى سيودع فيه الأمانة مغلق وعليه أن يلجأ إلى فندق ينزل فيه أحد الأمراء، هذا الأمير يطلب منه أن يقوم بدوره ويتظاهر بأنه صاحب الجلالة حتى يتاح له أن يختبر حبيبته وهى من عامة الشعب، أما عامل السيارات فى صاحب الجلالة فإنه يوافق على القيام بدور الملك الشرقى الذى جاء مع حريمه فى الوقت الذى تسعى فيه خلية من المقاومة للتخلص منه، وفى النهاية فإن كل بطل منهما على حدة يكسب قضيته وتظهر الحقيقة.. أما فيلم الرجل الذى باع الشمس فهو حلقة ضعيفة جدا تثبت أن للشيخوخة عاملا مؤثرا فى ظهور الفيلم وقد اتسم بالحيوية ويحمل اندفاع قوة الشباب، ومن الواضح أن نيازى مصطفى فى تلك الفترة كان مثيرا للحيرة فهو فى هذا الفيلم عاجز عن توصيل رسالته التى أبلغنا بها من قبل فى شكل ملحوظ، ولكنه فى فيلم آخر هو «التوت والنبوت» عاد إلى منتهى العنفوان المعروف عنه فى سينما الحركة.
بالنسبة لهذه الثلاثية فإن السؤال المطروح هو ماذا كسبت السينما فى الثمانينيات للعودة إلى الأفلام القديمة وأعادة إخراجها فلا شك أن فريد شوقى نجم هذه المرحلة كان فى أصعب حالاته إذا قمنا بالمقارنة بأفلام تم إنتاجها فى بداية السينما، فهو فى صورة باهتة فى فيلم البؤساء قياسا إلى عباس فارس، وأيضا فى فيلم رجب الوحش قياسا إلى زكى رستم فى فيلم عائشة، وبالطبع لا توجد أى مقارنة بينه فى فيلم صاحب الجلالة وحيوية نجيب الريحانى فى سلامة فى خير الذى لم يتكرر أبدا بما يعنى أن أغلب الإعادة كان صورة باهتة بشكل ملحوظ من الأفلام الأصل وذلك يحتاج إلى وقفة طويلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved