شهادة إسرائيلية على أحداث مصرية

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الجمعة 10 يوليه 2015 - 11:20 ص بتوقيت القاهرة

يُطلعنا كتاب السفير الإسرائيلى الأسبق لدى واشنطن مايكل أورين على شهادته معبرا عن الموقف الرسمى لبلاده وعلاقتها الخاصة بواشنطن خلال فترة خدمته من منتصف 2009 إلى خريف 2013.

ولا يقدم الكتاب إلا عددا كبيرا من الاتهامات للإدارة الأمريكية وللرئيس أوباما بالتخلى عن الحليف الإسرائيلى، وتعريضه خصوصية العلاقات بين الدولتين لمخاطر غير مسبوقة. عنوان الكتاب مضلل بشكل كبير: «الحليف.. رحلتى عبر الانقسام الأمريكى الإسرائيلى» إذ يوحى بأن العلاقات بين الدولتين على شفا الانهيار! ورغم حالة الاستثناء التى تتمتع بها إسرائيل فى علاقاتها بواشنطن، يشتكى السفير الأسبق مرارا مما يراه عداء أمريكيا واضحا ظهر فى كل تعاملات الرئيس أوباما تجاه إسرائيل خلال السنوات الماضية.

إلا أن ما لفت نظرى فى الكتاب، الذى جاء على رأس قائمة مبيعات الكتب المتعلقة بالشرق الأوسط خلال الأيام الأخيرة، ما يتعلق بالشأن المصرى. ويعرض السفير أورين لموقف الإدارة الأمريكية ومحاولات إسرائيل التأثير عليها فيما يتعلق بعدد من الأحداث المصرية المهمة. ومن التركيز على موقف بلاده من ثورة 25 يناير حتى وصول الفريق عبدالفتاح السيسى لقمة السلطة السياسية فى مصر.

خدم أورين فى واشنطن من 2009 ــ 2013، وهو أكاديمى معروف حصل على شهادة الدكتوراة فى تاريخ الشرق الأوسط من جامعة برنستون العريقة، وهو مؤرخ له عدة كتب مهمة لدارسى الشرق الأوسط فى وقبل ذلك كان مواطنا أمريكيا ولد فى مدينة نيويورك، إلا أنه تخلى عن الجنسية الأمريكية من أجل طموحه السياسى داخل إسرائيل، وهو الآن عضو منتخب بالكنيست، ويعد أورين من أهم حلفاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وجود أورين بالمصادفة داخل البيت الأبيض مجتمعا مع فريق الأمن القومى المساعد للرئيس أوباما يوم تنحى الرئيس مبارك، وكذلك يوم عزل الرئيس مرسى. وينتقد أورين أوباما لاختلاف طريقة تعامله مع حالة الرئيسين، وطبقا لأورين، فقد طالب أوباما من مبارك أن يحدث التغيير «الآن» فى إشارة لضرورة تنحيه عن الحكم، أما فى حالة مرسى فلم يطالبه أوباما بالتنحى، بل طلب فى مكالمة هاتفية بأن تشمل العملية السياسية كل المصريين.

•••

ثورة 25 يناير: يروى أورين عن هذه الفترة أن الخلافات الأمريكية الإسرائيلية تعمقت بشدة مع نهاية يناير 2011. وكان موقف الجيش مهما جدا بعد نزوله للشوارع عندما زادت أعداد المتظاهرين من عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف، ووصولها فى النهاية لمليون متظاهر.

ويشير أورين إلى أن الجيش أكد تفهمه لمطالب الشعب المصرى المشروعة، وتأكيده على أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين. ويخلص أورين إلى أن صفقة من نوع ما عقدت بين الجيش والمتظاهرين ضمنت له التمتع بمصالحه المالية مقابل تخليه عن قائده الأعلى الرئيس حسنى مبارك. إلا أن سؤال مهم ظل مصدر ازعاج لأورين: من سيحكم مصر بعد مبارك؟ ويعتقد أورين أنه ليس بالطبع المتظاهرون الليبراليون ممن استغلوا الانترنت للتعبير عن مطالب الحرية والديمقراطية بزعامة مهندس جوجل وائل غنيم. «فقط جماعة الإخوان المسلمون التى كان لها تصور للدولة على شاكلة الخلافة الإسلامية ولديهم قوة تنظيمية للسيطرة على مقاليد الأمور» طبقا لروايته. ويتذكر أورين قوله لصحفيين أمريكيين «تفتخر إسرائيل أنها الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط، لكننا نتمنى أن تكون هناك ديمقراطيات عديدة. لكننا شاهدنا ذلك من قبل فى إيران وغزة ولبنان، ما يبدأ وكأنه ثورات علمانية تقدمية ينتهى بانقلاب راديكالى إسلامى».

واعتبر أورين وصول جماعة سياسية تريد «تدمير إسرائيل، وتعد الجماعة الأم لتنظيم حماس سيناريو مرعبا للإسرائيليين». ويشير أورين لعلاقته القوية بالسفير المصرى السابق فى واشنطن سامح شكرى (وزير الخارجية الحالى)، ويقول إنه هاتف شكرى عقب كل ظهور تليفزيونى ليشجعه بقوله Hang on There أو اصمد يا رجل.

•••

تنحى مبارك 11 فبراير: استمع أورين لأخبار تنحى مبارك بصحبة مستشار الأمن القومى الإسرائيلى أوزى آراد أثناء مناقشتهما للشأن المصرى مع فريق مجلس الأمن القومى الأمريكى فى واشنطن. وطبقا لروايته فقد ظهرت السعادة على وجه مساعدى أوباما لما آلت إليه الأوضاع فى القاهرة، وتبادلوا الضحكات والتحيات معا وعبروا عن سعادتهم لوقوفهم فى الجانب الصحيح من التاريخ. إلا أن أورين والزائر الإسرائيلى حذرا نظرائهم الأمريكيين من أنه لا يمكن تجنب وصول الإخوان المسلمين لحكم مصر لو أجريت انتخابات حرة.

سيطرة الجيش 3 يوليو: يهاجم أورين الادارة والاعلام الأمريكى لطريقة تعاملهما مع أحداث 30 يونيو و3 يوليو. ويقول «عندما وجد مليون شخص ضد مبارك فى ميدان التحرير، ركز الاعلام الأمريكى عليهم بصورة غير مسبوقة، إلا أنه ورغم تظاهر 14 مليون مصرى ضد الرئيس مرسى، ورغم توقيع 22 مليون شخص على وثيقة حركة تمرد، تجاهل الاعلام الأمريكى الحدث المهم وركز بدلا منه على جريمة قتل شرطى أبيض لشاب أسود فى ولاية فلوريدا».

ويعتقد أورين أن إدارة أوباما استمرت فى دعم مرسى حتى بعدما أزاحه الجيش عن حكم مصر وألقى القبض عليه. ويتهم أورين أوباما بتطبيقه سياسة سلفه جورج بوش «أجندة الديمقراطية» على الحالة المصرية رغم تعهده بعدم فرض أى نظام حكم على الشعوب الأخرى. و«لم تكترث الإدارة بطبيعة حكم مرسى وباستبداده طالما وصل للحكم عن طريق شرعية الانتخابات وأزيح عن الحكم بقوة السلاح» طبقا لرواية لأورين.

ويصف أورين مشاعر أعضاء فريق الأمن القومى الأمريكى بعد سماع بيان الفريق السيسى يوم 3 يوليو «إذ ساد صمت كبير وسيطر الغضب على وجوههم، وهذا على العكس تماما مما كان الحال عليه عند سماع خبر تنحى مبارك قبل عامين».

•••

«لماذا لا تريد أن تواجه أمريكا الواقع على حقيقته: كى تدافع واشنطن عن قيم الديمقراطية والحريات فى الغرب، عليهم دعم والحفاظ على حكام الشرق الأوسط المستبدين»، كانت هذه كلمات ذكرها أورين فى كتابه على لسان مسئول عسكرى إسرائيلى رفيع متحدثا لنظرائه الأمريكيين، وتلخص رغبة إسرائيل فى منع الشعوب العربية وشعب مصر من التمتع بحرية وديمقراطية كبقية شعوب العالم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved