متابعة تطورات ملف الصحة فى الأسابيع الماضية

علاء غنام وأحمد عزب
علاء غنام وأحمد عزب

آخر تحديث: السبت 10 يوليه 2021 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

تسببت جائحة كوفيدــ19 فى إعادة الاهتمام بملف الصحة عالميا وإقليميا ومحليا، فلقد خلقت جائحة كورونا أزمة هائلة لكنها فى نفس الوقت أتاحت الفرصة أيضا أمام البلدان لبناء أنظمة حماية صحية أكثر تكيفا ومرونة وشمولا، وأثبتت بوضوح أن وجود نظام تأمين صحى شامل يغطى جميع المواطنين لم يعد رفاهية أبدا بل ضرورة ملحة. وفى مصر، شهد ملف الصحة اهتماما ربما يكون غير مسبوق من قبل الباحثين والصحفيين، وأيضا من قبل المواطنين، وبالطبع أعادت الجائحة ملف الصحة لأولويات الدولة مرة أخرى، ولا يمر شهر حتى يكون هناك إما نقاش حول مشروع تشريع صحى جديد وهل له ضرورة أم لا، أو نقاش حول حقوق العاملين بالقطاع الصحى، أو متابعة للإجراءات الصحية للتعامل مع الجائحة، أو متابعة لملف التطعيم ضد كورونا. فى السطور القادمة تلخيص لأهم تطورات ملف الصحة فى الأسابيع الماضية.
•••
المحور الأول الذى شهد نقاشا واسعا هو تعويض ضحايا كورونا من العاملين بالقطاع الصحى. حيث تم عقد الاجتماع الأول لمجلس إدارة صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية يوم 6/7، وقد تم إنشاء «صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية» بموجب قانون 184 لسنة 2020، بحيث يصرف تعويض للمصاب بعجز كلى أو جزئى أو لأسرة المتوفى نتيجة مزاولة المهنة (تعويض مرة واحدة وليس معاشًا شهريًا)، وذلك بخلاف أى مستحقات أخرى من التأمينات والمعاشات. لكن أغلب موارد هذا الصندوق تأتى من مساهمات أعضاء المهن الطبية أنفسهم. وتنقسم مصادر تمويل صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية إلى 5% من إجمالى بدل المهن الطبية و5% من رسوم تراخيص العيادات والمراكز الطبية والمكاتب العلمية والمعامل والمستشفيات الخاصة و5% من رسوم تراخيص مزاولة المهنة و5% من مكافأة أطباء الامتياز، أو تبرعات أو هبات يقبلها مجلس الإدارة وتتفق مع أغراض الصندوق، بالإضافة إلى ما تخصصه الخزانة العامة للدولة من موارد لصالح الصندوق (دون الالتزام بنسبة محددة).
ولكن، من المهم أيضا التنبيه لما قد يظهر من مشاكل فى الأسابيع أو الشهور القادمة بخصوص هذا الصندوق، حيث أنه من المنتظر، ظهور لائحة النظام الأساسى للصندوق وإجراءات وضوابط صرف التعويضات للمستحقين من الأطقم الطبية، ومن المهم الآن التنبيه لعدم تعقيد اجراءات اعتبار المتوفى من العاملين بالقطاع الصحى على أنه ضحية كورونا، على سبيل المثال اشتراط تحليل الـ pcr وبالتالى يستبعد من لم يقم بهذا التحليل قبل الوفاة بالرغم من أنه قد يكون توفى بكورونا. فمن المفترض أن تكون رسالة الدولة من هذا الصندوق أنها تقدر وتعظم تضحيات الطواقم الطبية وتقدمها بصدر رحب وبامتنان تقديرا لتضحيات أبطالها من الفريق الطبى.
المحور الثانى، متابعة ملف التطعيم ضد كوفيدــ19. من الملاحظ ما يشبه التوقف فى حملة التطعيم منذ شهر تقريبا، فما تم رصده هو أن العديد من المواطنين لم يستلموا رسائل للحصول على التطعيم فى الفترة الماضية، وربما يكون ذلك لنفاد الكمية المتاحة فى البلاد، وهو ما أشار رئيس الوزراء له مؤخرا حيث قال «الحكومة لمست خلال الفترة الماضية، تأخر بعض الشركات التى تم التعاقد معها فى توريد الكميات المتعاقد عليها من اللقاحات فى التوقيتات المحددة، وذلك كنتيجة للضغط والطلب العالمى الكبير جدا على اللقاحات»، لذلك قررت الحكومة «امتلاك القدرة كى لا نكون تحت رحمة السوق العالمية».
يأخذنا ذلك للإعلان عن إنتاج أول مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا المصنع محليا باسم «فاكسيرا ــ سينوفاك» داخل مصانع الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا»، ومن الجدير بالذكر أن هذه الخطوة بمثابة (تغليف وتعبئة) حيث يتم استيراد المادة الخام اللازمة لتصنيع اللقاح من الصين. وهى خطوة ليست هينة، وتعتبر تطورا يستحق الإشادة والترحيب، خصوصا مع ما أعلن عن خطة طموح لمضاعفة الكميات المطلوبة من المواد الخام التى يصنع منها اللقاح، حيث أوضحت الحكومة أن التعاقد مع الشريك الصينى على تصنيع 40 مليون جرعة حتى نهاية العام، إلا أن الدولة المصرية طلبت مضاعفة هذه الكمية إلى 80 مليون جرعة بنهاية العام، ما يكفى لمنح اللقاح لـ 40 مليون مواطن من اللقاح المنتج فى مصر. ولكن يظل التساؤل هل تقدر وزارة الصحة على تطعيم 40 مليون مواطن فى الأشهر المتبقية من عام 2021 خصوصا فى ظل معدلات التطعيم الحالية؟
المحور الثالث مرتبط بالسياق الدولى، وهو جوازات سفر التطعيم. حيث انتقدت منظمة الصحة العالمية الفكرة بشدة وقالت إنها لا تُحبذ فرض ما يُسمى بجوازات سفر التطعيم ضد كوفيدــ19، التى تثبت حصول الشخص على اللقاح، كشرط للسفر. وأضافت المنظمة أن «جوازات سفر التطعيم» ربما لن تكون استراتيجية فعالة لأن اللقاحات غير متوافرة للجميع وأن هناك مجموعات فى المجتمع مستبعدة من التحصين. وأشارت إلى عدم وجود إمدادات كافية من اللقاحات لجميع الدول التى تحتاجها. رفض منظمة الصحة العالمية لجوازات السفر الصحية جاء ردا على قرارات بعض الدول بعدم الاعتراف باللقاحات التى يتم التطعيم بها فى دول أخرى، وذلك نظرا لأن السلطات الصحية فى هذه الدول لم ترخص باستخدامها بعد رغم حصولها على ترخيص منظمة الصحة العالمية. وبالطبع سيزيد تطبيق جوازات السفر الصحية من التمييز واللا مساواة وستكون الدول الأفقر هى المتضررة على عدة مستويات منها على سبيل المثال وليس الحصر حرمان العمالة التى تذهب للعمل فى الدول الأغنى من السفر، كما نشاهد الآن فى تأخر سفر العمالة المصرية للخارج بسبب سياسة جواز السفر الصحى.
•••
فى الخلاصة، رغم تعقيد وصعوبة الوصول للقاحات عالميا، واللا مساواة، إلا أن خطوة الشراكة مع شركة سينوفاك لتعبئة اللقاح محليا، هى خطوة على الطريق الصحيح. ويلزم أن يتبعها خطة لتوزيع اللقاحات على المواطنات والمواطنين فى الفترة المتبقية من العام بشكل واضح ودقيق، ويلزم ذلك الانتهاء فى نهاية 2021 من تطعيم العاملين بالقطاع الصحى، وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، والعاملين بالقطاعات الأساسية كالتعليم والمياه والكهرباء والمخابز والنقل العام وغيرهم.

• خبير سياسات صحية
•• باحث فى ملف الحق فى الصحة

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved