طريق الحرير البحرى الصينى وتأثيره على أمن المحيط الهادئ الهندى

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الإثنين 10 سبتمبر 2018 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع ERUSIA REVIEW مقالا للكاتب Subhash Kapila يتناول فيه مشروع طريق الحرير الصينى وسعى الصين إلى إنجاز المشروع فى إطار تحقيق أهدافها الاستراتيجية بأن تصبح قوة عالمية، وتأثير ذلك المشروع على الأمن فى منطقة المحيط الهادئ الهندى.
لقد برز مشروع طريق الحرير البحرى فى الصين خلال العامين الماضيين باعتباره تحديا استراتيجيا وعسكريا مباشرا لنموذج أمن المحيط الهادئ الهندى الذى تبنته الولايات المتحدة والهند واليابان والذى يهدف إلى إنشاء شبكة بحرية تهيمن عليها الصين. حيث إن ضمان تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة بحر الصين الجنوبى ومنطقة المحيط الهندى ضروريان لتحقيق الأمن والاستقرار الشاملين فى منطقة الهند الباسيفيكية الممتدة عبر غرب المحيط الهادئ والتى تشمل المحيط الهندى الغربى.
إن مشروع طريق الحرير البحرى الصينى ليس استجابة اقتصادية فقط، بل استجابة استراتيجية وعسكرية للمحور الاستراتيجى للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وكان ينبغى على الصين باعتبارها إحدى القوى العالمية الكبرى التعاون معهم فى الحفاظ على الأمن والاستقرار فى بحر الصين الجنوبى والمحيط الهندى، ولكن لم يحدث ذلك وبالتالى كانت هناك حاجة لاتخاذ تدابير مضادة.
وتتغافل الصين عن حقيقة أن الاستجابات الاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة والهند والتى تجد صدى أيضا فى اليابان وأستراليا هى الاستجابات المنطقية للصعود للصينى وأهداف الصين لطرد الولايات المتحدة من غرب المحيط الهادئ ومضاعفة تطويق الهند.
إن هيمنة الصين الكاملة على بحر الصين الجنوبى لا تعرض بقاء حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية للخطر فحسب، بل أيضا فى فيتنام والفلبين التى عانت من العدوان الصينى. حيث بدأ الوجود البحرى الصينى التدخلى فى المحيط الهندى بمشاركتها فى الدوريات البحرية الدولية فى خليج عدن لمنع القرصنة الصومالية. وتتعامل الصين بمعايير مزدوجة من حيث تسمية بحر الصين الجنوبى والمحيط الهندى. فنجدها تسخر من أى محاولات لإعادة تسمية بحر الصين الجنوبى لأنها تدل على سيادة الصين على هذا الممر المائى الدولى، ولكنها لا تتورع عن مطالبتها بإعادة تسمية المحيط الهندى.
***
ويضيف الكاتب أن مخطط طريق الحرير البحرى الصينى سيصبح تحديا استراتيجيا أكبر بالنسبة إلى المحيط الهندى الهادئ عندما تضاف إلى شبكتها البحرية «المغذيات» الاستراتيجية مثل الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى. ويطلق على هذه الممرات اسم «الممرات الاقتصادية» التى تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية فى البلدان المضيفة، ولكنها فى الواقع هى طرق سريعة استراتيجية تتيح للصين الوصول إلى المحيط الهندى عبر بحر العرب الشمالى وخليج البنغال.
ومع طموحات البحرية الصينية الواضحة واستراتيجيتها للسيطرة على المحيط الهندى يجب أن تدق أجراس الإنذار فى واشنطن ونيودلهى وفى أوروبا الغربية والعواصم الآسيوية. حيث يهدف مشروع طريق الحرير البحرى الصينى إلى تجسيد الطموحات البحرية العالمية فى الصين على النحو المنصوص عليه فى «الاستراتيجية البحرية الصينية» التى كشف عنها عام 2015.
ومن الجدير بالذكر أن تفكير الصين الاستراتيجى بعيد المدى يتفوق على تفكير الولايات المتحدة والهند، وهذا يمكن استخلاصه من حقيقة موثقة مفادها أن الصين سرعان ما بدأت بعد عام 1949 التحركات التحضيرية للصين للحصول على غواصات نووية على الرغم من حقيقة أن الصين فى تلك المرحلة لم تكن تتقن تقنيات إنتاج قنبلة نووية. ومن ثم يجب على الولايات المتحدة والهند واليابان ودول أوروبا الغربية أن تكون فى هذه المرحلة مستيقظة إلى حد كبير لطموحات الاستراتيجية الصينية البحرية على المدى الطويل.
التأكيد ليس مطلوبا لإبراز مدى أهمية أن بحر الصين الجنوبى والمحيط الهندى اللذان سيشهدان العبور الرئيسى لطريق الحرير البحرى الصينى يجب أن يظلوا مناطق حرة عالمية تسمح بالتدفق الحر للتجارة البحرية وحركة المرور بدون عوائق. وكيف يمكن أن تمضى القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والهند واليابان قدما فى هذا الاتجاه.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى عدة ملاحظات ومنها:
ــ إن طريق الحرير البحرى الصينى لم يحظَ بأى دعم ملحوظ من الدول الكبرى. وامتنعت الهند عن تقديم الدعم لطريق الحرير البحرى الصينى وكذلك إلى الممر الاقتصادى الصينى الباكستانى. ورفض رئيس الوزراء الهندى مودى فى الاجتماعات الدولية فى الصين التراجع عن رفض الهند لأن ذلك له تداعيات استراتيجية شديدة على الهند، ولا ينبغى للهند أن تقدم دعمها للمشاريع الصينية على الرغم من أى عروض سياسية من الصين.
ــ الدول الآسيوية قد انضمت إلى مشاريع الحزام والطريق فى الصين. حيث استغلت الصين دولا آسيوية مثل باكستان وميانمار ومالديف وسريلانكا من خلال تقديم استثمارات ضخمة للبنية التحتية.
ــ إن إنشاء الصين لقاعدة بحرية فى جيبوتى هو مثال على التطور المتزايد فى استراتيجية الصين البحرية.
ــ إن وصول الصين واستثماراتها فى هذه الموانئ مثل جوادر فى باكستان، وهامبانتوتا فى سريلانكا وفى جزر المالديف من شأنه أن يسهل استخدام مثل هذه الموانئ كمراكز دعم لوجستى للسفن الصينية لتوسيع نفوذها البحرى على هذه المساحات البحرية. ومع مرور الوقت ستغرق تلك الدول المضيفة «فخ الديون» الصينى ومن ثم فإن الطلب الصينى بشأن رسو سفن البحرية الصينية والغواصات النووية سيكون مطلبا متوقعا.
ــ وهناك ثمة ملاحظة أخرى تتعلق بالتنوع الجغرافى لطريق الحرير البحرى الصينى تتزايد يوما بعد يوم مع إغراء الصين للدول الضعيفة اقتصاديا.
***
ويستطرد الكاتب بعد ذلك موضحا الآثار الاستراتيجية لطريق الحرير البحرى الصينى على أمن واستقرار المحيط الهندى على الولايات المتحدة. حيث تم تحليل التحركات المرتبطة بالصين فى غرب المحيط الهادئ والتى أثرت على الولايات المتحدة ويكفى أن نقول إن الصين قد حاولت تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتعددة عن طريق الاحتلال العسكرى غير القانونى لبحر الصين الجنوبى، كما أن الصين فى وضع يمكنها من خنق اقتصادات اليابان وكوريا الجنوبية. وأخيرا، كل ذلك سيمكن الصين من وضع استراتيجية تراكمية شاملة تدفع الولايات المتحدة إلى الخروج عسكريا من غرب المحيط الهادئ.
ويشمل تأثير هذه الاستراتيجية الصينية على الهند مجالا استراتيجيا أوسع نطاقا بكثير لأن الصين فى مواجهة عسكرية مباشرة مع الهند على طول الحدود الشمالية للهند مع التبت المحتلة من قبل الصين.
وتشعر الصين بقلق استراتيجى أكبر من أن المحيط الهندى على خلاف حدود الهيمالايا فى الهند هو أحد المجالات التى تجد الهند فيها دعما قويا من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا ودول غرب أوروبا من حيث التقارب الاستراتيجى. هذا يغضب الصين أكثر عندما تعتبر أنها لم تكن قادرة على حشد الدعم من أى القوى الكبرى الرائدة فى جميع أنحاء العالم.
ومن الواضح أن هذه الدول تدرك تمام الإدراك أن دوافع الصين المعلنة لطريق الحرير البحرى لا تتطابق مع النوايا الاستراتيجية الأساسية للصين كما يدل على ذلك سجل الصين الواضح فى بحر الصين الجنوبى. لذلك يجب على الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا إلى جانب دول آسيوية أخرى على أطراف الصين التعاون بشكل مكثف لضمان خلو بحر الصين الجنوبى والمحيط الهندى من أى نوع من الاضطرابات الصينية. كما يجدر الإشارة إلى أنه يجب وقف نزوع الصين إلى استغلال نقاط الضعف الاقتصادية فى الدول الأصغر فى المنطقة.
إن تهديد الصين للسلام والاستقرار والذى يظهر فى تحركات الصين العدوانية فى بحر الصين الجنوبى والمحيط الهندى يتطلب مجموعة قوية من الاستجابات الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية من قبل الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، وتحتاج هذه الاستجابات إلى التنسيق والتكامل من أجل تشكيل قوة ردع حقيقية.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved