إخوان المغرب.. من القمة للقاع

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 7:15 م بتوقيت القاهرة

حينما يحقق حزب سياسى المركز الأول فى كل الانتخابات البرلمانية لمدة عشر سنوات كاملة ويشكل حكومات هذا البلد طوال تلك الفترة، ثم فجأة يتعرض لهزيمة مذلة ويهبط للمركز الثامن، ويخسر مقاعده الـ ١٢٥، ولا يحقق إلا ١٢ مقعدا، فيحق للناس أن يوصفوا هذا الحدث بالزلزال أو الهزيمة المذلة والنكراء والكاسحة.
هذا الأمر حصل يوم الأربعاء الماضى فى المغرب، حينما استيقظ الجميع، صباح الخميس الماضى على نتائج الانتخابات النيابية، ليتفاجئوا بأن حزب «العدالة والتنمية» الذى كان يفوز ويحقق المركز الأول فى كل الانتخابات البرلمانية منذ عام ٢٠١١، قد فقد ٩٠٪ من مقاعده الـ ١٢٥ فى البرلمان السابق، ولم يحصد سوى ١٣ مقعدا فى الانتخابات، بل إن أمينه العام سعد الدين العثمانى، لم يتمكن من تحقيق الفوز بمقعده فى إحدى دوائر العاصمة الرباط، بل جاء فى المركز الخامس أمام مرشحين مغمورين.
فى المركز الأول جاء حزب «التجمع الوطنى للأحرار»، ذو التوجهات الليبرالية محققا ١٠٢ مقعد من بين مقاعد البرلمان الـ ٣٩٥.
وهذا الحزب يقوده عزيز اخنوش، والمتوقع أن يكلفه الملك محمد السادس بتشكيل الحكومة طبقا لما ينص عليه الدستور المعدل فى عام ٢٠١١، ويعطى البرلمان الحكومة صلاحيات كبيرة مقارنة بالدستور، الذى كان سائدا قبل ذلك.
فى المركز الثانى جاء حزب «الأصالة والمعاصرة» بـ٨٢ مقعدا و«الحركة الشعبية» ٢٦ مقعدا، و«التقدم والاشتراكية» بـ٢٠ مقعدا ثم الاتحاد الدستورى بـ١٢ مقعدا فى حين أن بقية الأحزاب الأخرى لم تحصل إلا على ١٢ مقعدا، وهو نفس العدد الذى حصل عليه حزب «العدالة والتنمية» الذى يمثل إخوان تونس.
المفارقة أن نسبة المشاركة فى هذه الانتخابات المهمة تجاوزت حاجز الـ٥٠٪، مقارنة بنسبة مشاركة، وصلت إلى٤٢٪ فى الانتخابات الماضية التى جرت فى عام ٢٠١٦.
ارتفاع نسبة المشاركة يعنى أنه لا توجد حجة يمكن أن يستخدمها الإخوان لتبرير هزيمتهم الساحقة، إضافة إلى تنافس أكثر من ٣١ حزبا وائتلافا، تنافسوا على ٣٩٥ مقعدا فى الغرفة الأولى للبرلمان (مجلس النواب)، وفى نفس الانتخابات اختار الناخبون ٦٧٨ مقعدا فى المجالس البلدية.
السؤال كيف يمكن أن ينهزم حزب بهذه الصورة الغريبة، بحيث يهبط إلى المركز الثامن بعد أن كان فى المركز الأول لعقد كامل؟
الحزب الإخوانى يتحدث عن خروقات جرت فى الانتخابات، وكذلك تغيير نظام التصويت، لكن وزارة الداخلية أكدت أن الانتخابات جرت فى حيدة ونزاهة كاملة، ولم تسجل أى خروقات جدية يمكن أن تغير من جوهر النتائج.
لكن التفسير الجوهرى الذى يتفق عليه غالبية المحللين فى المغرب وخارجه هو أن الشعب المغربى قرر معاقبة جماعة الإخوان وحزبها بسبب الحصيلة المخجلة لهذه الجماعة طوال عشر سنوات فى الحكم.
ويفترض أن الرسالة الوحيدة التى تكون قد وصلت إلى الإخوان هناك هى أن الشعب المغربى لم يعد يثق فيهم، بعد أن منحهم الثقة طوال عشر سنوات، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، وبالتالى جاءت النتائج مفاجئة وغير متوقعة لكثيرين، حتى بالنسبة لبقية القوى السياسية والمحللين، الذين لم يتوقعوا بالفعل أن يكون التراجع بهذه الصورة الكبيرة.
هذه هى الرسالة المباشرة، للانتخابات المغربية، لكن تبقى أسئلة كثيرة تحتاج إلى مزيد من النقاش مثل، هل ستصل الرسالة للجماعة، أم يكتفون فقط بإقالة سعد الدين العثمانى وبعض قادة الجماعة ويبقى السؤال الأكبر وهو: ما تأثير هذا الزلزال المغربى على مستقبل جماعة الإخوان فى المنطقة والعالم؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved