أكذوبة الصديق الأمريكى
أشرف البربرى
آخر تحديث:
الأربعاء 10 سبتمبر 2025 - 8:40 م
بتوقيت القاهرة
كشف الهجوم الجوى الإسرائيلى على الأراضى القطرية الذى استهدف اغتيال قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» أثناء اجتماعهم لمناقشة المقترح الأمريكى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، أكذوبة الصديق والحليف الأمريكى للدول العربية وفى مقدمتها بعض دول الخليج التى قررت قبل شهور قليلة ضخ أكثر من 4 تريليونات دولار فى شرايين الاقتصاد الأمريكى دعما لهذه الصداقة وهذا التحالف الموهوم.
فالعدوان الإسرائيلى أكد ما هو مؤكد بالفعل لكن بعض الحكومات العربية تتجاهله وهو أن الحماية الأمريكية المزعومة لا تشمل المساعدة فى حماية تلك الدول من «التهور الإسرائيلى»، وأن لا صفقات السلاح التى تدفع فيها الدول العربية المليارات لشرائه من الولايات المتحدة والغرب ستضمن لتلك الدول الحماية، ولا استضافة القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها ستعطيها أى حصانة ما دام المعتدى إسرائيل.
والحقيقة أن تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، للصحفيين عن قيام الولايات المتحدة بتحذير القطريين من الهجوم الإسرائيلى قبيل وقوعه بوقت قصير، عندما قالت إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تلقى إخطارا مسبقا بالهجوم الوشيك من إسرائيل، فأمر مبعوثه الدبلوماسى ستيف ويتكوف بتمرير تحذير إلى القطريين، هو نوع من الضحك الأمريكى على «الذقون العربية».
فالسيد ترامب لم يكن يحتاج إلى تحذير القطريين وإنما كانت قواعد الصداقة والتحالف تحتم عليه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية أن يصدر أوامره إلى قاعدة العديد الجوية الأمريكية العملاقة الموجودة على الأراضى القطرية بإجبار الطائرات المقاتلة الإسرائيلية على العودة من حيث أتت، بدلا من السماح لها بانتهاك سيادة وقصف أرض دولة حليفة تستضيف واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية فى الخارج.
فمن غير المنطقى تصور أن أنظمة الدفاع الجوى فى قاعدة العديد لم ترصد المقاتلات الإسرائيلية قبل تنفيذها للعدوان، ومن غير المنطقى تصور أن هذه الأنظمة لم تكن قادرة على منع هذه المقاتلات من تنفيذ القصف، لكن الولايات المتحدة ومن ورائها الحكومات الغربية التى سارعت بإدانة العدوان الإسرائيلى، لا يمكن أن تحمى أية دولة عربية من عدوان إسرائيلى حتى لو لم يكن له ما يبرره من قانون ولا منطق.
فالتقارير الغربية تقول إن طائرات التجسس والاستطلاع الأمريكية والبريطانية كانت تحلق فى سماء الخليج أثناء العدوان الإسرائيلى على قطر، أى إن هذا العدوان جرى برعاية أمريكية بريطانية إذا صحت هذه التقارير ولا أظنها غير صحيحة.
وإذا كان للحكومات العربية أن تستخلص درسا واحدا مما حدث لقطر فهو أنه يجب إعادة النظر فى الاعتماد على الحليف الأمريكى الذى يثبت فى كل مرة تقريبا أنه لا يعتمد عليه، وأن مخاطر الاعتماد عليه تفوق كثيرا المكاسب.
ولما كان العدوان الإسرائيلى على كل الدول العربية قادم لا محالة فى ضوء تأكيد رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو إيمانه وإيمان من حوله بإسرائيل الكبرى التى تشمل أجزاء من مصر والسعودية ولبنان والأردن وسوريا والعراق، فإن اعتماد الدول العربية على التكنولوجيا والسلاح الغربيين أصبح مصدر خطر لا أمن لهما. فالهجوم الإسرائيلى على قطر أكد أن الغرب لن يسمح باستخدام أسلحته وتقنياته التى اشترتها الدول العربية ودفعت مقابلها مئات المليارات من الدولارات على مدى عقود فى التصدى لإسرائيل، التى مرت طائراتها فى السماوات العربية وتجاوزت أنظمة الدفاع الجوى الغربية المتطورة المنتشرة فى الدول العربية المحيطة بقطر.
الآن أصبح واجبا على الحكومات العربية إذا كانت جادة فى حماية الأمن القومى لبلادها أن تسعى للخروج من عباءة السلاح والتكنولوجيا الغربية، وأن تتخلص من أكذوبة الحليف الأمريكى، وتتجه نحو مصادر أخرى للسلاح والتكنولوجيا، بل والتحالف، سواء من روسيا أو الصين، خاصة بعد أن تفوق السلاح الصينى على السلاح الغربى فى المواجهة العسكرية الخاطفة الأخيرة بين الهند وباكستان.