«اللهم انصر عبدك ترامب»

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 10 نوفمبر 2016 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

«اللهم انصر عبدك المؤمن ترامب».. عبارة ساخرة قرأتها على صفحة احد الزملاء الصحفيين المصريين، قبل ظهور النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضى والتى انتهت بمفاجأة مدوية أوصلت قطب العقارات المليادير الأمريكى إلى منصب رئيس اقوى دولة فى العالم.

عبارة الزميل الساخرة، ورغم انها تكررت على كثير من صفحات وتغريدات غالبية الكارهين والمعارضين للإدارة الديمقراطية وللمرشحة الخاسرة هيلارى كلينتون، الا انها تعكس حجم الفرحة الغامرة لدى غالبية المؤيدين للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذين يعتقدون ان هذه الإدارة الديمقراطية لعبت دور رأس الحربة فى «العكننة» على الحكومة المصرية من ثورة ٣٠ يونيو التى اطاحت بحكم جماعة الإخوان، وأوقفت تمدد وانتشار حكم الإخوان لغالبية المنطقة.

حجم السخرية المصرية مما حدث فى الانتخابات الأمريكية كان مهولا، ومنه مثلا ان هيلارى بدأت تفكر فى الإقامة فى دبى، لكنها تنوى اداء العمرة اولا ومنها ايضا ان قوات الحرس الجمهورى الأمريكى تحركت لتأمين منزل الفائز والخاسر فى الانتخابات، على غرار ما حدث فى مصر بعد انتخابات ٢٠١٢ بين احمد شفيق ومحمد مرسى!.

أتفهم فرح بعض المواطنين المصريين، ولا يمكن لومهم على الفرح والتشفى فى هيلارى والديمقراطيين، لاعتقادهم انهم كانوا يدعمون محمد البرادعى اولا ثم الإخوان.

اتفهم ايضا شعور الكثير من المسئولين المصريين بالسعادة لأنهم كانوا يتعاملون مع اوباما وفريقه خصوصا فى مجلس الأمن القومى باعتبارهم «كابوسا» يعدون الأيام والليالى يذهب، ويحمدون الله على انه انتهى.

واستطيع ان اتخيل ان بعض المسئولين المصريين كان يتابع نتائج الانتخابات لحظة بلحظة، وربما يكون بعضهم قد قفز فرحا او هلل وزغرد وحضن اقرب صديق او قريب له.

أتفهم كل ما سبق لكن نتمنى ان يقف الأمر عند سخرية بعض الناشطين او الكوميديين العابرة، والسعادة السرية عند بعض السياسيين وان نفكر بجدية فى الطريقة المثلى لإقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة فى الفترة المقبلة.

ليس مهما مناقشة إلى أى مدى كانت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها مختلفة مع الحكومة المصرية، لكن الاعتقاد ان هزيمة هيلارى كلينتون وخروج اوباما من البيت الأبيض وفوز ترامب سيحل كل مشاكلنا فورا، فيه نوع كبير من التبسيط المخل والذى قد يؤدى إلى عواقب وخيمة.

المؤكد ان دور الرئيس الأمريكى مهم ومحورى، وشخصيته تؤثر كثيرا فى مجريات الأحداث، لكنه ليس المتحكم الوحيد فى الأمور. صلاحياته لا تشبه صلاحيات الرؤساء والملوك والأمراء فى العالم العربى والثالث.

على سبيل المثال عارض اوباما قانون جاستا الذى اقره الكونجرس بمجلسيه، ويتيح مقاضاة الأمريكيين للحكومة السعودية على دورها المزعوم فى هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، واستخدم حق النقض الفيتو، لكن الكونجرس رفض الفيتو ومرر القانون.

دور الكونجرس محورى وكذلك دور وزارة الدفاع والمجمع العسكرى وهناك دور وكالة المخابرات المركزية وبقية الوكالات الاستخبارية، وهناك دور الميديا او وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث وبالطبع هناك الرأى العام. تلك هى بحق دولة المؤسسات التى تتوازن فيها الصلاحيات، ولا تجعل سلطة تطغى فوق اخرى. وبالتالى فالاعتقاد ان ترامب سيقلب الأحوال رأسا على عقب هو نوع من الوهم المدمر. من حق أى شخص ان يفرح او يحزن لفوز ترامب وهزيمة كلينتون، لكن حينما يتعلق الأمر بالسياسة والمصالح فعلينا ان نفكر مليون مرة قبل ان نتخيل اشياء ثم نتفاجأ بحدوث عكسها!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved