لبنان ينتفض على صوت الموسيقى

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 10 نوفمبر 2019 - 5:10 ص بتوقيت القاهرة

نتعجب من الشعب اللبنانى فالجميع فى الشارع بملابسهم المختلفة وطوائفهم المتنوعة يعلنون الثورة وقد نادوا بالثورة على القادة السياسيين والفاسدين والطائفيين ولكن فى تقديرى لقد قاموا بثورة على أنفسهم أولا متعدين هويتهم الخاصة وانتماءهم السياسى وطائفتهم الدينية بعد أن عاشوا سنوات طويلة ارتفعت فيها حواجز الكره والبغض وأحيانا كثيرة القتل إذ أثناء الحرب الأهلية كان يتم القتل بمجرد الهوية الدينية والانتماء الحزبى. ثورتهم هذه هدمت تلك الحواجز الشائكة ومددت جسور التواصل والانفتاح والمحبة، فأعدوا اكتشاف ذاتهم اى المواطن اللبنانى الأصيل. لذا ليس غريبا أن ثورتهم اخذت لون الكرنفال ليعلن أن الشعب اللبنانى لا ولم ولن يعرف الانحناء لروح الشر وروح الانقسام وروح البغض، فقاوم الموت بالحياة والرصاص بالأغنية والقذائف بقصائد الشعر لأنه يؤمن أن الحياة أقوى من الموت والحق أقوى من الفساد والانفتاح أقوى من التقوقع والانغلاق.

دورنا كمصر وقد مررنا بنفس تجربة الثورة أن نساهم فى استقرار هذا الوطن الحبيب على قلب المصريين فمع حضورهم والتبادل بين الشعب عرفت مصر الأدب والمسرح واللغات والشعر والتجارة والانفتاح نحو العالم فهما دولتان ذات حضارتين عظيمتين فعلينا أن نحافظ عليهما ولا نجعل قوى الشر والانغلاق والتقوقع تنال منهما.

يعتبر الشعب اللبنانى أن حربهم الأهلية انتهت اليوم بقيامهم بالثورة فالشعب يريد بناء دولة مدنية حديثة قائمة على احترام التنوع والمواطنة وقبول الآخر. دون فساد ومحسوبية وألاعيب السياسة ولعل السلسلة البشرية اليد فى اليد التى امتدت 175 كم من طرابلس شمالا حتى صور جنوبا كانت رسالة واضحة للكل رافضة لأى استقطاب ولسان حال كل واحد منهم «أنا لبنانى »... فقط لا غير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved