كوب 27.. قمة الأمل أم الفزع؟

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 10 نوفمبر 2022 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب أندرو بيتر، والكاتبة كيلى ليفين، تناولا فيه رأيين مختلفين بخصوص قمة المناخ بشرم الشيخ أحدهما متفائل والآخر متشائم، دعا كاتب وكاتبة المقال الأطراف المشاركة فى المؤتمر إلى تحمل المسئولية ودراسة ما يتوجب فعله لتحقيق نتائج ملموسة، حتى لا تضيع انبعاثات الكربون ــ الناتجة عن رحلاتهم الجوية لمصر ــ سدى.. نعرض من المقال ما يلى:
لو سألت خبيرين مختلفين فى المناخ خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ فى مصر (مؤتمر الأطراف 27) أن يصفا مشاعرهما فيما يتعلق بالمستقبل، فإنك ستحصل على جوابين مختلفين تمامًا. قد يقول أحدهما «نحن نحرز المزيد من التقدم بشكل أفضل مما كنا نتصوره فى أى وقت مضى» بينما يشعر الآخر بالأسف لأننا نسير بدون وعى لحتفنا مثل القوارض التى تسير إلى الجرف من أجل أن تسقط للأسفل. لا يمكن أن يكون كلاهما على حق، أليس كذلك؟
فى واقع الأمر، كلاهما يمتلك أدلة كافية تدعم رأيهما وفقط عندما نوازن بين هذين المنظورين يمكننا أن ندعو إلى الاستعجال والسرعة لمواجهة أزمة المناخ.
حتى نستلهم الأمل قد يشير الخبير الأول إلى أن تكلفة الطاقة الشمسية قد انخفضت بنسبة 99٪ منذ أن وضع الرئيس جيمى كارتر الألواح على سطح البيت الأبيض فى عام 1979 وأن سنة 2022 قد تصبح سنة قياسية بالنسبة لمصادر الطاقة المتجددة. تنمو مبيعات السيارات الكهربائية بسرعة كبيرة لدرجة أن محرك الاحتراق الداخلى يتراجع فعليًا وبشكل دائم. أما فى إندونيسيا فلقد انخفض معدل خسارة الغابات البكر لمدة خمس سنوات متتالية وذلك بسبب الشراكة المبتكرة بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدنى وخبراء التكنولوجيا.
علاوة على ذلك فإن حوالى 100 بلد تقريبًا ــ تمثل أكثر من 75% من الانبعاثات الدوليةــ التزمت بتحقيق صافى صفر انبعاثات بحلول منتصف القرن كما قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا دفعة ضخمة لمستقبلها الأخضر من خلال قانون خفض التضخم والذى يمكن أن يحشد ما يقدر بنحو 800 مليار دولار أو أكثر من أجل الاستثمارات المتعلقة بالمناخ.
ولكن حتى لا نعتقد أننا على وشك الخروج من هذه الأزمة، يشير خبيرنا المتشائم إلى أنه مع ارتفاع درجات الحرارة بمعدل 1.1 درجة مئوية فقط، فإن تغير المناخ قد أدى إلى تكاليف غير مسبوقة. لقد تركت الفيضانات الكارثية التى اجتاحت الباكستان هذا الصيف ثلث البلاد تحت الماء، وتعانى منطقة جنوب غرب أمريكا الشمالية من أسوأ جفاف منذ 1200 عام. أما فى الصين فلقد أدى الجفاف إلى إصابة إنتاج الطاقة الكهرومائية بالشلل وإجبار المصانع على الإغلاق. لقد عانى الحاجز المرجانى العظيم من ست حالات تبيض ضخمة منذ عام 1998. أما فى شرق القارة القطبية الجنوبية حيث كانت درجات الحرارة ذات يوم من هذا العام أعلى من المعدل الطبيعى بمقدار 38.5 درجة مئوية فلقد انهار للتو جرف جليدى ضخم ــ وهو أول حدث من هذا القبيل خلال الخمسين سنة الماضية على أقل تقدير.
إن ما يزيد الأمر سوءًا هو حرب روسيا على أوكرانيا والتى أشعلت المنافسة على الوقود الأحفورى بينما زادت الصعوبات التى تواجهها المؤسسات والبنوك والحكومات فى الوفاء بوعودها المتعلقة بالمناخ. نحن نتجه لزيادات فى درجات الحرارة أعلى بكثير من عتبة 2 درجة مئوية المنصوص عليها فى اتفاقية باريس للمناخ. إن كوكب بهذه السخونة بالكاد يمكننا التعرف عليه اليوم.
●●●
يلقى تقرير جديد مهم من مختبر تغيير الأنظمة ــ مبادرة نظمها معهد الموارد العالمية وصندوق بيزوس إيرث وشركاؤه ــ الضوء على هذه الحقائق ويشير إلى طريقة جديدة للتفكير فى التغيير، ومما يعكس أجواء التشاؤم يُظهر التقرير أن التحولات القطاعية الأربعين المطلوبة لمعالجة أزمة المناخ خلال هذا العقد ليست على المسار الصحيح.
على سبيل المثال يجب تسريع التخلص التدريجى من الفحم بمقدار ستة أضعاف ــ أى ما يعادل إخراج 925 محطة فحم متوسطة الحجم من الخدمة كل عام. وبالمثل، يجب أن يتضاعف رتم تخفيض معدلات إزالة الغابات السنوية بمقدار 2.5 مرة كما يجب أن يتسارع النمو الأخير فى غلات المحاصيل بنحو سبعة أضعاف هذا العقد لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان وبدون التعدى على مناطق الغابات. تعتمد كل هذه التحولات على تمويل المناخ العالمى، والذى يجب أن يزيد بمقدار ثمانية أضعاف مقارنة بمستوياته الحالية.
لكن التقرير يوضح أيضًا أن التغيير نادرًا ما يتم بشكل تسلسلى وبخط مستقيم، وأن التقدم المتسارع بشكل كبير يكون ممكنًا عندما تتم رعايته بواسطة قيادة جريئة وسياسات داعمة، ففى غضون عامين فقط، من 2019 إلى 2021، نمت الطاقة الشمسية بنسبة 47٪ على مستوى العالم، ونمت طاقة الرياح بنسبة 31٪ متجاوزة بشكل كبير توقعات المحللين، وبين عامى 2013 و2021، زادت الحصة العالمية من مبيعات الحافلات الخالية من الكربون من 2٪ إلى 44٪ ــ بزيادة قدرها 20 ضعفًا فى أقل من 10 سنوات.
علاوة على ذلك، نحن نعلم أنه يمكن دفع بعض الأنظمة نحو نقاط التحول الإيجابية ــ مثل التكافؤ فى الأسعار بين مصادر الوقود الأحفورى الحالية ومصادر الطاقة المتجددة ــ وبعد ذلك يصبح التغيير غير قابل للإيقاف. يجب أن نبذل قصارى جهدنا للوصول إلى نقاط التحول تلك فى أسرع وقت ممكن، وبالنظر إلى ضآلة ميزانية الكربون المتبقية للإنسانية، لم يعد لدينا رفاهية اتباع الخيارات الأقل تكلفة فقط. نحتاج إلى تغيير الأنظمة فى جميع مجالات النشاط البشرى ــ بدءًا من كيفية زراعة طعامنا وتزويد منازلنا بالطاقة إلى كيفية بناء مدننا ونقل أنفسنا وبضائعنا.
●●●
إن تسريع التحول نحو اقتصاد صافى صفر انبعاثات سيتطلب تغييرا فى الحوافز وقوانين وأنظمة جديدة وتحولات فى السلوك بالإضافة إلى الابتكار والقيادة التى لا تتزعزع. نحن على وشك أن نبدأ السنة الرابعة من هذا العقد الذى يُعتبر حاسمًا من أجل تجنب تغير مناخى كارثى. يجب علينا أن نفعل المستحيل بغض النظر عن التكاليف الأولية.
إن القادة الدوليين المجتمعين فى مؤتمر الأطراف 27 هذا الشهر يجب أن لا يشعروا باليأس أو أن يعلنوا بكل بهجة بإن النصر قد أصبح قريبًا. بدلا من ذلك، ينبغى عليهم أن يدرسوا بعناية ما يجب تغييره وما الذى يتطلبه الأمر لعبور نقاط التحول الأساسية، وهذه هى اللحظة التى نحتاج فيها إلى تهيئة الظروف التى ستؤدى إلى تغييرات أكثر إيجابية بحيث لا يمكن مقاومتها أو إيقافها وهذا من شأنه أن يجعل كل تلك الرحلات الجوية التى تخرج منها انبعاثات الكربون إلى شرم الشيخ تستحق تلك التكلفة.

النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved