حبيبى الأسمر

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 10 ديسمبر 2021 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

 

يحيرنى ظاهرة المخرج حسن الصيفى كثيرا، فهو صاحب أكبر عدد من الأفلام وسط قائمة المخرجين، كان منتجا ومشاركا فى التأليف وبدأ حياته مساعدا وتلميذا لأنور وجدى وأخرج الكثير من الأفلام التى تدخل تحت إطار حرف ب أو ج والغريب أنه كان يستعين دوما بكبار النجوم ويراهن عليهم ولكنه لم يكن قادرا على استخراج مواهبهم بما يستحقون، وقد ارتبط لفترة بالمخرج والممثل محمود اسماعيل فعمل معه فى أفلام كثيرة مخرجا، وكان اسماعيل إما ممثلا أو كاتبا ولا أعتقد أننى استمتعت بأى من أفلامه إلا فى حدود ضيقة ومنهم فيلم اليوم حيث استمتع دوما بالأداء الأنيق لكل من يوسف وهبى واستيفان بالإضافة إلى جاذبية سامية جمال وتحية كاريوكا وقد عمل الصيفى فى أفلام نالت الكثير من النجاح التجارى «سمارة» و«بنت الحتة» و «وتوحة» و «زنوبة» وفيها يشارك محمود اسماعيل كممثل فى أفلام تدور فى عالم العصابات وقد كتب اسماعيل سيناريو فيلم «حبيبى الأسمر» ليخرجه الصيفى دون أن يشترك فيه اسماعيل كممثل، وهناك دائما تشابه بين هذه الأفلام خاصة فى علاقات الحب ومن أطلقوا على أنفسهم لفظ «المعلم» ويمكن وضع فيلم «حبيبى الأسمر» ضمن ما يسمى فى السينما الأمريكية فيلم «نوار» وهى الأفلام التى تدور بشكل مفتوح فى عالم بوليسى بعيدا عن جرائم القتل الغامضة التى يتم فيها كشف الفاعل مع المشهد الأخير مثل أعمال أجاثا كريستى لكن فيلم اليوم واضح فى الأجواء البوليسية، فنحن نعرف المجرمين من الطيبين منذ اللحظة الأولى وليس هناك أمر خفى بالنسبة للمتفرج وهو أمر موجود فى أفلام كتبها محمود اسماعيل وذكرناها الآن، جو عصابات وقصص عاطفية بين فقراء وأغنياء، كباريهات وتهريب ماس وزواج يعتمد على المصلحة وغيرة بين النساء وفى النهاية يتم القبض على العصابة وتعود الحبيبة المتمردة إلى أحضان الرجل الذى هربت منه، أما الحبيبة الموازية فهى تموت كى تنقذ الرجل الذى تحبه.
قصة الفيلم معروفة وواضحة ولكنها قصة أنيقة، فالخارجون عن القانون رجال يلجأون إلى الحب من أجل أن يستفيد من زوجته لتهريب بضاعات ثمينة دون أن تعرف الزوجة أن ملابسها مرصعة بالماس الثمين، وأهمية هذا الفيلم أنه جمع بين عدد من النجوم فى تألق واضح خاصة يوسف وهبى الذى كان قد تخلى عن المبالغة فى الأداء ليبدو رجل الأعمال «العصابات» الذى يعيش فى الزمالك وينتقل بين جبال لبنان وسويسرا وهو رجل بلا جذور، أعزب، تزوج وهو فى الخمسين وهو هنا أقرب إلى إدوارد روبينسون فى مثل هذه الأدوار، أما فراشة الرقص سامية جمال فهى هنا سمر بنت البلد التى تحب جارها أحمد الميكانيكى لكنها تهرب من عالمها الفقير ذات ليلة لتتزوج من الثرى الأنيق دون أن تنظر خلفها لبعض الوقت كى تترك الفرصة لجارتها الراقصة أن تعبر لأحمد عن عواطفها، إذا كات القصة بسيطة وواضحة فإن الممثلين هنا ليسوا أصحاب الوجوه الإجرامية التى يمثلونها فى أفلام أخرى وهذه صورة محمود المليجى عند حسن الصيفى دائما تختلف عن المجرم كما يصوره المليجى فى أفلام نيازى مصطفى، وأنا معجب بشدة ببساطة تحية كاريوكا فمهما أسند إليها المخرجون دور الخارجة عن القانون فإن ابتسامتها كفيلة بأن نرى العمق المشرق فى داخلها والغريب فى الفيلم أن تحية كاريوكا لم تنافس زميلتها الراقصة بل كانتا صديقتين متعاونتين ومتحابتين ولا شك أنه من الصعب أن نرى بطلا واحدا فى الفيلم وجميعهم كانوا فى الصف الأول خاصة استيفان روستى الذى يمزج بين دور الشر والمضحك، ورغم ما أقوله عن حسن الصيفى الذى شهد مساره كمخرج من حيث مستوى الأفلام ميلا منحدرا بشكل ملحوظ ابتداء من السبعينيات، رغم أنه المنتج فلا شك أن حبيبى الأسمر هو واحد من الأفلام المفضلة لى والسبب تلك الشبكة من الممثلين الذين يعيشون فى عالم متسامٍ حتى وإن كانوا يعيشون فى حى شعبى مثل أسرة سمرة وحبيبها أحمد الميكانيكى وأبيها شفيق نور الدين مثل هذه الشقق والأماكن يندر وجودها فى الأحياء الشعبية، بل إن الأب وهو يرفض نقود زوج ابنته يبدو فى أعلى حالات الكبرياء وهو يمنح الرجل الثرى مبلغ الثلاثين جنيها التى ادخرها لتجهيز ابنته. إنهم آباء بالغو السمو يختلفون عن الأشرار فى أفلام الواقعية المصرية عند صلاح أبو سيف وغيره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved