مهمة البرلمان الأولى... مراجعة ٣٤٠ قانون

زياد بهاء الدين
زياد بهاء الدين

آخر تحديث: الإثنين 11 يناير 2016 - 11:05 م بتوقيت القاهرة

بدأ أمس الأول العد التنازلى للخمسة عشر يوما التى يتعين على البرلمان خلالها أن يراجع كل القوانين الصادرة خلال العامين الماضيين ــ والبالغ عددها وفقا للحصر المتاح لدى (٣٤٠) قانونا ــ لكى يقرر ما إذا كان سوف يقرها أم يرفضها، وذلك بموجب المادة (١٥٦)من الدستور. وبسبب هذا الضيق الشديد فى الوقت، بالإضافة إلى صعوبة الرجوع فى الأوضاع والنتائج التى ترتبت على غالبية هذه القوانين، فإن مجلس النواب لن يمكنه واقعيا مناقشتها كلها مناقشة موضوعية، وفى الأرجح أنه سوف يعتمدها بشكل عام، ربما باستثناء عدد محدود يكون هناك اتفاق مسبق بين غالبية الأعضاء على اسقاطه. وإزاء هذا الوضع المعقد فإن هذا المقال محاولة لتقديم خريطة مختصرة للقوانين محل المراجعة البرلمانية والصادرة خلال الفترة من ١٨ يناير ٢٠١٤ حتى نهاية عام ٢٠١٥، لكى يُمكِن للقارئ متابعة الموضوع وتكوين رأى بشأنه.

من بين (٣٤٠) قانون تم حصرها، فإن (١٥٦) منها تتعلق بموازنة الدولة والموازنات التقديرية لعشرات الهيئات العامة، وهذه قوانين لا جدوى من مناقشتها لأن العام المالى انقضى أكثر من نصفه. وصدر أيضا (١٦) قانونا لتنظيم أوضاع انتقالية مختلفة (من تنظيم الانتخابات حتى تغيير التوقيت الصيفى) وهى أيضا غير جديرة بالنقاش لأنها رتبت آثارا نهائيَة. أمَا فى مجال التنقيب عن البترول والغاز الطبيعى، فقد صدر (١٨) قانونا تتناول تقرير حقوق امتيازات التنقيب، وهذه أيضا لا جدوى من مراجعتها لان أحكامها نمطية إلى حد كبير وقد تقررت بالفعل ويصعب الرجوع فيها أو تعديلها. ونأتى بعد ذلك إلى (١١) قانونا تتناول تعديلات مختلفة فى نظم التأمينات والمعاشات، ومرة أخرى يصعب إلغاؤها لما ترتب عليها من حقوق وأوضاع تمس المواطنين، بجانب أن الحكومة صرحت أكثر من مرة عن قرب تقديم مشروع قانون جديد وشامل للتأمين الاجتماعى. ويترتَب على ما سبق أن هناك ما لا يقل عن (٢٠١) تشريع لا جدوى من مناقشتها ويتعين قبولها دون جهد كبير لأنها رتبت آثارا يصعب الرجوع فيها.
بخلاف ذلك فقد صدرت (٨) قوانين ضريبية، و(٨) زراعية، و(٨) فى مجال البيئة والطاقة، و(٢٢) تشريعا اقتصاديا آخر. كذلك صدر خلال العامين الماضيين (١٩) قانونا فى مجال تنظيم شئون القوات المسلحة ومجالس الأمن والدفاع القوميين، و(٧) تتعلق بتنظيم الشرطة والمرور، و(١٣) بخصوص السجون والإجراءات الجنائيَة والعقوبات، و(٤) ذات طبيعة مهنية، و(٤) بخصوص تنظيم الجامعات، بجانب (١٦) تشريعا فى موضوعات أخرى متفرقة.
وبذلك يتبقَى (٣٠) قانون صدرت على ما يبدو من رئاسة الجمهورية وصارت لها أرقام ولكن لم تُنشَر بعد بالجريدة الرَسميَة، ولابد أن يعاد عرضها على مجلس النواب الجديد ولكن خارج الفترة الزمنية الضيقة للمراجعة.

***

هذا استعراض سريع ومختصر للغاية للمهمة الأولى والخطيرة المعروضة على مجلس النواب. وكما سبق القول فإن المجلس ليس أمامه اختيار حقيقى سوى قبول غالبية هذه القوانين دون مناقشة موضوعية. ومع ذلك فإن هناك عددا محدودا منها ــ وهى من وجهة نظرى (١٥) قانونا ــ يجدر بنواب الشعب أن يتوقفوا عندها لما تمثله من خروج على أحكام الدستور أو إهدار لمُقتضيات المصلحة العامَة، وهذه القوانين هى:

١) القانون ١٧/ ٢٠١٥ («قانون الاستثمار الجديد») لما ترتب عليه من اضطراب شديد فى مناخ الاستثمار.
٢) قانون الخدمة المدنية الجديد ١٨/ ٢٠١٥، بسبب عدم جواز تمريره دون رقابة برلمانية لما له من أثر هائل وممتد لعشرات السنوات على ملايين المواطنين وعلى المجتمع عموما.
٣) القانون ٢٧/ ٢٠١٥ بشأن المناطق الاقتصادية الخاصة، لأنه لم يأت إلا بتعديلات طفيفة وغير مُجدية على القانون السابق ولا يصلح فى حالته الراهنة لتطوير منطقة خليج السويس فى إطار قانونى ورقابى سليم.
٤) القانون٨٩/ ٢٠١٥ بشأن حالات عزل رؤساء الهيئات الرقابية المستقلة لغياب ضوابط محددة تُنظم حالات العزل.
٥) القانون ١٢٨/ ٢٠١٤ («قانون الأشياء الأخرى»)، لأنه فرض قيودا غير دستوريَة على المجتمع المدنى والنشاط الإعلامى والبحثى والأكاديمى، كما نص على عقوبات تخلُ بمبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة.
٦) القوانين ٤١/ ٢٠١٤، و٨/ ٢٠١٥، و٢١/ ٢٠١٥، و٩٤/ ٢٠١٥ والتى تُجرِم أفعالا مختلفة متعلقة بالأمن، لتعارُضها مع ضرورة تحديد الأفعال الجنائية تحديدا واضحا وقاطعا، ولمخالفة مبدأ تناسب العقوبة مع الجريمة.
٧) القانونان ١٣٠/ ٢٠١٤، و١٣٦/ ٢٠٢٤ لسماحهما بإحالة المدنيين للقضاء العسكرى بالمخالفة للدستور.
٨) القوانين ١٥/ ٢٠١٤، و٥٢/ ٢٠١٤، و١٣٤/ ٢٠١٤، و٣/ ٢٠١٥، بشأن تنظيم الجامعات، لتقييدها حقوق الطُلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس فى التعبير والاحتجاج السلمى، ولاستبدال نظام انتخاب القيادات الجامعيَة بنظام التعيين القديم.
أما قانون تقييد حق التظاهر السلمى ١٠٧/ ٢٠١٣، وبرغم اعتراضاتى السابقة عليه، فلم أدخله فى نطاق هذه المراجعة العاجلة لأنه صدر قبل العمل بالدستور فى ١٨ يناير ٢٠١٤. ومع ذلك فإن هذا لا يعنى أنه صار مُقدسا وينبغى على مجلس النواب قبوله، بل إن إلغاءه ضرورى ولكن من خلال آليات المراجعة المعتادة للمجلس.

***

الأكيد أن واضعى دستور ٢٠١٤، حينما حددوا خمسة عشر يوما فقط لمراجعة القوانين الصادرة فى غياب البرلمان، لم يتصوروا أن يتأخر تشكيله لمدة عامين كاملين، ولا أن يصدر خلال هذه الفترة هذا العدد من القوانين التى لا يتوافر فيها اعتبارات الضرورة أو الاستعجال. ولذلك، وبرغم ضرورة تجنب المزيد من الاضطراب القانونى والدستورى، فان هذه فرصة لاعادة النظر فى القوانين التى ذكرتها لانها تمثل خروجا صارخا على أحكام الدستور أو تعرقل الإداء الاقتصادى أو تخل بمبادئ العدالة.

***

وفى النهاية أتوجه بالشكر إلى زميلى المحامى الشاب الأستاذ/ عبدالغنى سيد على مساعدته فى جمع وتحليل القوانين المذكورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved