الملتزمون.. وغير الملتزمين بالكمامة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 11 يناير 2021 - 7:35 م بتوقيت القاهرة

إذا كنا نلوم دائما المواطنين غير الملتزمين بالإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، فمن باب أولى أن نلوم أى مسئول لا يلتزم بالتباعد الاجتماعى وارتداء الكمامة.
ليس مقبولا أن يكسر أى مسئول كبير قواعد التباعد، لأنه حينما يفعل ذلك فإنه يهدم كل ما تقوله الحكومة للمواطنين عن الإجراءات والتدابير والمناشدات والمواعظ.
وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، يحرص طوال الوقت على ارتداء الكمامة، فإنه لا يعقل ألا يلتزم بعض الوزراء وكبار المسئولين بذلك، أو يتواجدوا فى مكان لا يلتزم بذلك أو بيئة منفلتة تشجع على نشر الفيروس وليس مكافحته.
بحكم عملى أحضر العديد من الفعاليات والمؤتمرات والندوات واللقاءات. ومنذ ظهور فيروس كورونا، فإن المؤتمرات التى يحضرها الرئيس السيسى، تكون الإجراءات الاحترازية فى أعلى صورها. البوابات تكون معقمة والمكان أيضا. الجميع يرتدى الكمامة، وأحيانا يتم عمل الفحص السريع أو «الرابيد تست» للحاضرين، وحينما يبدأ المؤتمر فإن المسافات بين المقاعد تصل إلى متر ونصف المتر.
الأمر نفسه ينطبق على القوات المسلحة وكل مؤتمراتها وندواتها ولقاءاتها واحتفالاتها. الالتزام بالإجراءات الاحترازية شامل وتام، من أول التعقيم مرورا بتوزيع الكمامات، نهاية بالتباعد بين المقاعد، وأحيانا إجراءات بعض الفحوصات الأولية.
وفى بعض المؤتمرات لرئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، كانت هناك تنبيهات بضرورة ارتداء الكمامة إذا فكر البعض فى خلعها، من باب التغيير، وقد رأيت ذلك بنفسى خلال المؤتمر الذى عقد فى كفرسعد قليوبية لمناقشة قضية التصالح فى مخالفات البناء فى نهاية الصيف الماضى.
فى الصيف أيضا كان هناك افتتاح قصر البارون إمبان بمصر الجديدة. يومها حاول البعض التقاط صورة للدكتور خالد العنانى وزير الآثار والسياحة فطلب منه بكل أدب أن ينتظر حتى يرتدى الكمامة. هذا تصرف ذكى ومطلوب لأن أى شخص سيرى الوزير لا يرتدى الكمامة، فلن يصدق بالمرة أى كلام حكومى عن ضرورة الالتزام بالقواعد، وسيقول ببساطة: «كيف تطالبنى الحكومة بأن أرتدى الكمامة وأعضاؤها لا يلتزمون بذلك؟!!».
ما فعله وزير السياحة، رأيت وزراء كثيرين يفعلونه، وهو ضرورة أن تكون قدوة لكل المواطنين. نعرف أن ارتداء الكمامة مزعج وخانق، لكن الرسالة تكون سلبية تماما حينما يشاهد المواطنون بعض المسئولين لا يرتدون الكمامة، أو لا يطبقون ما يرفعونه من شعارات.
هناك جهات صارمة فى تطبيق الإجراءات الاحترازية، وأخرى ليست كذلك، وبينهما مؤسسات وهيئات تطبق الأمر فى الشكل فقط.
الجهات التى لا تلتزم كثيرة للأسف. وبعضها يخضع لقوة وهيمنة رأى عام ضاغط من الموظفين، لا يلتزم بالإجراءات فى كثير من الأحيان، هو يرفع شعار «خليها على الله» أو «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» !!، وكأن الله لم يقل لنا أيضا: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» أو حديث: «اعقلها وتوكل».
المشكلة الأكبر تحدث حينما يأتى عدم الالتزام من الجهات التى يفترض أنها تدعو طوال الوقت إلى الالتزام بالإجراءات بل ومفروض عليها مراقبة تطبيق ذلك.
أعرف تماما أن هناك ضغوطا اجتماعية كثيرة تقع على عاتق بعض المسئولين، باعتبارهم بشرا لديهم مسئوليات وواجبات اجتماعية مثل حضور الأفراح والجنازات والعزاءات وغيرها. لكن يفترض أن الواجب السياسى والمجتمعى أهم ويعلو ما عداه. وبالتالى فعلى أى مسئول أن يكون شديد الالتزام فى هذا الشأن ويتغلب على أى عواطف تدفعه لفعل العكس.
هناك تقديرات تقول إن عدم التزام الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، بعدم ارتداء الكمامة، واستهتاره عموما بالفيروس، وعدم تقديره لخطورة الأمر، كان أحد الأسباب الرئيسية لخسارته منصبه، وأنه لولا كورونا، لربما اكتسح ترامب الانتخابات، بسبب المؤشرات الاقتصادية الجيدة، التى كانت سائدة قبل ظهور الفيروس فى أمريكا، والأمر نفسه ينطبق على الرئيس البرازيلى الشعبوى جايير بولسنارو، الذى كان ينكر وجود الفيروس أصلا، وأصر على عدم ارتداء الكمامة حتى أصيب!!.
نعود إلى مصر ونقول، صورة واحدة لمسئول غير ملتزم، أو يكون ملتزما، لكنه يتواجد فى بيئة غير ملتزمة، أو يحضر حفلا، يفترض أن القانون والقواعد الحالية تمنع عقده من الأساس، كفيلة بهدم كل ما تبنيه الحكومة من مناشدات ودعوات للمواطنين كى يلتزموا بالتباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved