ضحايا الحبس الاحتياطي وكورونا

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 11 مارس 2020 - 9:59 م بتوقيت القاهرة

منذ سنوات والدعوات لا تتوقف من أجل إعادة النظر فى ضوابط الحبس الاحتياطى الذى تحول من إجراء احترازى يضمن سلامة التحقيقات فى القضايا المعروضة على سلطات التحقيق، إلى مأساة للمتهمين الذين تستمر فترات حبسهم الاحتياطى لسنوات عديدة.

فى المقابل فإن السلطات المعنية، سواء بالتشريع أو بالتنفيذ لا تبدى التجاوب المطلوب مع هذه القضية الخطيرة التى باتت تمس عشرات الآلاف من المواطنين الذين يجدون أنفسهم وقد دخلوا نفقا لا نهاية له لمجرد اتهامهم بالقيام بأى عمل مخالف للقانون حتى إذا ثبتت براءاتهم بعد ذلك.

وأدى التوسع فى استخدام سلطات التحقيق للحبس الاحتياطى إلى زيادة كبيرة فى أعداد المحبوسين احتياطيا، الأمر الذى جعل من هذا الملف بابا واسعا للانتقادات الدولية لملف حقوق الإنسان فى مصر، كما أنه أدى إلى تكدس السجون بآلاف المحبوسين بتهم من نوعية «تكدير السلم العام ونشر أخبار كاذبة وبث مناخ تشاؤمى» وهى اتهامات لا يخشى من العبث بأدلة الإدانة فيها، كما أن المتهمين فيها لا يستطيعون الهروب من البلاد لأنهم أبسط وأضعف من هذا فى أغلب الأحوال.

ولأننا دائما نمر بمرحلة حرجة، ولنا خصوصيتنا التى لا تناسب دعوات الديمقراطية وحقوق الإنسان المقبلة من الخارج، فإننا، وبدلا من التفكير فى إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا وفق ترتيبات واشتراطات تضمن بقاءهم تحت سيطرة جهة التحقيق، لتقليل أعداد السجناء والمحبوسين فى السجون المصرية مع تزايد المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد، كما فعلت إيران، قررنا تعليق زيارة السجون لمدة 10 أيام.

وبحسب بيان مسئول مركز الإعلام الأمنى بوزارة الداخلية فإنه «فى ضوء ما تقرر بشأن تعليق جميع الفعاليات التى تتضمن أى تجمعات كبيرة من المواطنين فى إطار الإجراءات الاحترازية التى تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.. وبناءً على توصيات وزارة الصحة فى هذا الشأن، فقد تقرر تعليق الزيارات بجميع السجون لمدة عشرة أيام اعتبارًا من باكر الثلاثاء الموافق العاشر من مارس، وذلك حرصًا على الصحة العامة وسلامة النزلاء».

ولأن من يده فى الماء ليس كمن يده فى النار، فإن أهالى المحبوسين احتياطيا يقولون إن تعليق الزيارة لمدة عشرة أيام يعنى حرمان هؤلاء المحبوسين وغيرهم من السجناء مما يأتيهم من خارج السجن من أدوية أو أطعمة لا غنى عنها فى حالات كثيرة، لتصبح معاناتهم مضاعفة.

لماذا لا تفكر السلطات فى مصر، ولو لمرة واحدة، خارج صندوقها الحديدى، وتقرر التوسع فى إطلاق سراح المحبوسين احتياطيا وفقا للإجراءات التى تضمن حسن سير التحقيقات وعدم هروب المتهمين وعدم العبث بالأدلة، إن كانت هناك أدلة.

وبدلا من زيادة معاناة المحبوسين وأسرهم بعد أن اضطرت وزارة الداخلية إلى تعليق زيارة السجون «حرصا على الصحة العامة وسلامة النزلاء» فى مواجهة فيروس كورونا، هل يمكن الإفراج عن آلاف المحبوسين احتياطيا فتتخفف الدولة من عبء سجنهم وإعاشتهم فى السجون وحمايتهم من كورونا، من ناحية، وتقلص فرص اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان من ناحية أخرى؟

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved