دعوة للوقف الفورى لأحكام الإعدام الصادرة فى عهد مبارك

ريم سعد
ريم سعد

آخر تحديث: الإثنين 11 أبريل 2011 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

 أطالب بالوقف الفورى لجميع أحكام الإعدام التى لم تنفذ بعد فى القضايا السياسية والجنائية الصادرة خلال حكم الرئيس السابق حسنى مبارك وإعادة التحقيق فيها وإعادة محاكمة المدانين أمام محاكم مدنية.

بصرف النظر عن رأيك المبدئى فى عقوبة الإعدام فأنا أدعوك أن تترحم معى على مئات المصريين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام فيهم خلال عهد مبارك. كان من ضمن هؤلاء من أدينوا فى قضايا سياسية وتم الحكم عليهم بمقتضى محكمة طوارئ لم يسمح لهم فيها بالدفاع ولا الاستئناف ومنهم من أدين فى جرائم جنائية تابعنا الكثير من تفاصيلها حتى اللحظة التى زفت إلينا فيها الصحف أن المتهم «انهار واعترف». والحمد لله أن الجميع الآن صار متاحا له أن يتعرف على جميع الطرق المريضة التى كان يتم من خلالها استخراج «سيد الأدلة».

الآن وقد بدأ يتكشف ما كان معروفا لدى من عانوا من الظلم والتعذيب ولدى الشرفاء من مناضلى حركة حقوق الإنسان الذين جاهدوا طويلا ودفعوا ثمنا باهظا من أجل توصيل ما لديهم من معلومات ووثائق وحاربوا على جميع الجبهات من أجل تسليط الضوء على المظالم وتم اتهامهم بالتضليل والبلبلة بل العمالة أحيانا.

على كل من يرى فى حكم الإعدام حلا سحريا لمشاكل الأمن فى المجتمع أن يراجع نفسه وقبلها أن يواجه نفسه ويسألها بشجاعة إن كان قد شارك بالتشكيك أو التهكم على ما سمعه أو قرأه فى الماضى عن فظائع النظام السابق وإن كان قد استقبل أخبار الإعدامات المتتالية بالاستحسان أو حتى اللامبالاة. كيف الحال الآن وهو يعلم أن ما كان يسمى بالتحريات والتحقيقات لم تكن سوى سلسة من الانتهاكات الصريحة لجميع الحقوق وأنها لم تعتمد سوى التلفيق والتعذيب وغيرها من صنوف البطش والظلم. كم برىء يا ترى تم إعدامه ظلما؟

●●●


هذا عن الماضى، أما بخصوص ما يحدث الآن فلا يكاد يمر يوم من هذه الأيام العجيبة دون أن يطالعنا خبر أو رأى أو دعوة أو قرار يتحدث عن الإعدام أو بمعنى أدق ينادى به ويقره ويدعو لنشره على أوسع نطاق ويستوى فى ذلك الشعب والحكام. آخرها قرار المجلس العسكرى الحاكم الذى بشرنا فيه بتشديد العقوبة فى جرائم التحرش والاغتصاب والبلطجة لتصل إلى الإعدام. المقلق فى الأمر أن كلمة الإعدام كثيرا ما تقابل بارتياح كبير من قطاعات واسعة من المجتمع حيث يرى الكثيرون فى هذه العقوبة حلا حاسما وجذريا لجميع أشكال الانحراف السياسى والجنائى والوسيلة السحرية لاقتلاع الشرور من منابعها لتذهب إلى غير رجعة، مع أن عقوبة الإعدام لم تثبت أبدا فاعليتها كرادع فى أى بلد أو مجتمع. ويزداد التعلق بهذا الحل فى فترات كالتى نعيشها حيث يزداد الشعور بغياب الأمن وتنتاب الناس أنواع جديدة من المخاوف نتيجة أخطار حقيقية أو متخيلة من مصادر بعضها معلوم وأكثرها مجهول. إن اللجوء إلى التوسع فى استخدام الإعدام فى أوقات الاضطراب والطوارئ هو أقصر الطرق لتعميم العنف والانتقام البدائى وليس إلى العدالة.

●●●


الموقف المبدئى من عقوبة الإعدام قضية محل خلاف داخل المجتمعات وبين الدول وإن كان الاتجاه العام يسير نحو إلغاء هذه العقوبة. وحسب آخر الإحصاءات فإن أكثر من ثلثى دول العالم قد أوقفت العمل بهذه العقوبة سواء بإلغائها قانونا أو بتعليق تطبيقها، والأخير يعد حلا عمليا مقبولا فى حالة الدول التى لا تريد التطرق إلى مناقشة مبدأ الإعدام. ومن الدول العربية التى قامت بتعليق العقوبة الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا.

إن هذه العقوبة النهائية التى لا رجعة فيها يلزمها بالضرورة نظام صارم لإقرار العدالة تكون التحريات والتحقيقات فيه ملتزمة بمعايير دقيقة وشفافة ومهنية، ويكون المتهم متمتعا بكامل الحقوق التى تكفل له محاكمة عادلة وذلك لأن الإعدام هو أخطر عقوبة على الإطلاق وهى عقوبة فريدة من نوعها من حيث إنه لا يمكن التراجع عنها إذا ما ثبت لاحقا أن ظلما قد وقع على المتهم. وإن كانت شروط العدالة الكاملة والمطلقة صعبة أو مستحيلة التحقيق فى أفضل ظروف الاستقرار حيث تعمل مؤسسات الدولة وأجهزة إقرار العدالة بكفاءة وشفافية فما بالك بأوقات كالتى نحن فيها حيث يغيب الحد الأدنى من أى من هذه الشروط.

●●●


الإعدام ليس مزحة وعلى كل من ينادى بتطبيق تلك العقوبة «عالفاضية والمليانة» أن يعى أنه مسئول بشكل شخصى وإنه ما لم يكن موقنا تمام اليقين عن استقامة سير العدالة فى كل خطواتها فليعلم أن دم أى مظلوم فى رقبته هو شخصيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved