العريان

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 11 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

العريان الحق هو من يكذب على الله وعلى الناس ويتجرد من مواقفه السابقة ومبادئه طمعا فى مكاسب مؤقتة وقد لا تأتى أبدا. وقد تجسد هذا النموذج اسما ومعنى خلال اليومين الأخيرين عندما خرج «عريان الحرية والعدالة» ليطالب بمحاكمة محمد البرادعى وطنيا ودوليا لأنه كان السبب فى الغزو الأمريكى للعراق كمدير لوكالة الطاقة الذرية.

 

لو كان هذا التصريح الصادر فى ذكرى سقوط بغداد فى قبضة الاحتلال الأمريكى قد جاء على لسان أى شخص آخر غير هذا الشخص لربما تصورناه جهلا من صاحبه بحقائق عملية الغزو الأمريكى للعراق أو حتى جهلا بحقيقة البرادعى ودوره فى معارضة الخطط الأمريكية لضرب العراق وهو الدور الذى أهله للحصول على جائزة نوبل للسلام.

 

لكننا أمام تصريح من شخص يكذب بفجور ببساطة شديدة لأنه هو نفسه الذى قال عنه إن «البرادعى هو الذى أوقف قطار التوريث بعد أن طرح فكرة تغيير شروط الترشيح وطرح أسماء جديدة.. والذى ألقى حجرا فى مياه النخبة المصرية الراكدة». وهو الذى قال عنه فى سياق آخر إن البرادعى تمتع بحس وطنى وأن الناس أجمعت أنه عاد لوطنه لدفع عجلة التغيير إلى الأفضل.

 

إذا كانت هذه هى تصريحات «عريان الحرية والعدالة» عن البرادعى منذ عامين تقريبا فكيف له أن يخرج علينا فى ذكرى سقوط بغداد ليقول إن البرادعى متهم بالتورط فى غزو العراق وأنه كان ممثلا لأمريكا وأوروبا فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم يكن ممثلا لوطنه مصر؟

 

إن هذا التصريح كاشف تماما لعمق الأزمة التى نعيشها بعد أن ازداد العرايا حولنا فلم يعد الكثيرون يترددون فى التجرد من مواقفهم ومبادئهم المسجلة صوتا وصورة لمجرد تبدل حسابات المصلحة الذاتية.

 

وتزداد حدة المأساة عندما نكون أمام الرجل الثانى فى أكبر حزب بالبلاد فلا يتردد فى الكذب وتوجيه اتهام يعلم هو قبل غيره أنه اتهام كاذب لمجرد تشويه صورة شخص اختار لنفسه موقف المعارض.

 

ثم تتحول المأساة إلى كارثة عندما يكون هذا هو مستوى ذكاء قيادات الحزب شبه الحاكم فى البلاد فيتصور الرجل الثانى فيه أن إعادة تشغيل اسطوانة دور البرادعى فى غزو العراق يمكن أن تفيد بأى صورة من الصور اللهم إلا إذا كان هذا الرجل يتآمر على حزبه ويصر على تصويره فى صورة النموذج المكرر للحزب الوطنى المنحل حتى فى نوعية الاتهامات التى يوجهها إلى معارضيه دون حتى محاولة البحث عن اتهامات جديدة أو تشنيعات مبتكرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved