لكل مواجهة جنودها

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: السبت 11 أبريل 2020 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

لكل مواجهة رجالها، ولكل جبهة جنودها، وجنود معركة البشرية الأخيرة مع فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» منذ تفشيه قبل 3 أشهر، هم الطواقم الطبية التى يقف أفرادها من أطباء وممرضين وفنيى تحاليل وأشعة على الخطوط الأمامية لمواجهة هذا العدو الذى لم تتوصل شركات الأدوية ومعامل الأبحاث إلى لقاح أو علاج له حتى كتابة هذه السطور.
وسواء كانت إمكانات الدول التى تفشى بها الفيروس، كبيرة أو صغيرة، يسخر الأطباء ومساعدوهم أنفسهم لإنقاذ أرواح المصابين والتخفيف عنهم، وهو ما جعلهم هدفا للفيروس فتعرض الآلاف منهم فى دول العالم المختلفة للعدوى والإصابة، وسقط منهم مئات الضحايا.
الضحية الأولى للجيش الأبيض سقطت فى الصين، فى مدينة ووهان فى 24 يناير الماضى حينما لفظ الطبيب ليانج وودونج أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بالفيروس نتيجة عدوى من مصاب، ولحقه بعدها بأسبوعين الطبيب لى وينليانج مكتشف الفيروس الذى تجاهلت سلطات بلاده تحذيراته، ثم حولته إلى بطل قومى بعد إصابته ثم وفاته، وفى منتصف فبراير أعلنت بكين عن وفاة 6 أطباء فى ووهان بعد إصابتهم بـ«كوفيد 19»، ثم توالى سقوط أعداد كبيرة من الأطباء وأطقمهم المساعدة فى الفلبين وإيران وإيطاليا وإسبانيا وإنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة.
فى مصر ارتفع عدد الإصابات بين الأطباء والأطقم الطبية المعاونة إلى ما يقرب من 200 إصابة، بنسبة 10% من إجمالى الإصابات التى تقترب من حاجز ألفى إصابة حتى مساء أمس السبت، كان أولهم الدكتور أحمد اللواح أستاذ التحاليل الطبيب بجامعة الأزهر بعد أن أصيب بالفيروس نتيجة عدوى من مصاب.
وطبقا لبيان صدر أمس عن نقابة الأطباء فإن ما تم حصره من نقابات الأطباء الفرعية عن إصابات فى صفوف الأطباء هو إصابة ثلاثة وأربعين طبيبا ووفاة ثلاثة أطباء «إثنان منهم بعدوى مجتمعية بعيدا عن العمل»، وما زال الحصر مستمرا ومرشحا للزيادة.
ودعت النقابة فى بيانها وزارة الصحة للإعلان عن الوضع الصحى للأطباء والأطقم الطبية أسوة بدول العالم، مع موافاة النقابة ببيانات الأطباء المصابين أولا بأول حتى تقوم النقابة بواجبها النقابى حيال أسرهم.
أرقام العدوى والوفيات بين صفوف «الجيش الأبيض» دعت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم لمطالبة حكومات العالم بتوفير ظروف السلامة والأمان لوقاية الأطباء والأطقم الطبية المعاونة لحمايتهم باعتبارهم الخطوط الأمامية لمكافحة الأوبئة والجائحات التى تهدد صحة الناس فى أنحاء المعمورة، وأوصى أدهانوم بضرورة الاستثمار فى مجالات التعليم والوظائف الخاصة بالتمريض خاصة فى ظل نقص تلك الكوادر خاصة فى هيئة التمريض.
وكما أظهر تفشى وباء كورونا تعاظم دور الكتائب الطبية، ما أدى إلى دفعهم للخطوط الأمامية فى المواجهة، ستكشف أزمات أخرى فى معارك مستقبلية مدى حاجة الدول إلى أطقم وجنود فى مجالات مختلفة، قد تفرض عليهم التقدم لجبهات المخاطر والأزمات محتملة.
على سبيل المثال لا الحصر، تنتظر مصر مواجهة محتملة على جبهة المياه بعد إصرار إثيوبيا على البدء فى تخزين المياه خلف سد النهضة، حينها ستكون الدولة مطالبة بالاصطفاف خلف مهندسى الرى والمياه والزارعة الذين ستفرض عليهم الظروف التقدم إلى الصفوف الأمامية فى تلك المواجهة، ومن خلفهم ملايين العمال والفلاحين القادرين دون غيرهم للتعامل مع أزمة كتلك.
وعندما تقتنع الدولة بأن التعليم هو القاعدة الأساسية لبناء النهضة وميدان التدريب الأولى لكل كتائب الوطن فى جميع التخصصات لمواجهة أى مخاطر أو كوراث أو أزمات محتلمة، حينها سيصبح المدرسون والعاملون بقطاع التعليم هم أبطال المرحلة، وعلى الجميع أن يصطف، خاصة لو أخذنا فى الاعتبار أن المواجهة مع التخلف والجهل مستمرة مادمنا وضعنا أنفسنا على مضمار المنافسة مع الآخرين.
خلاصة القول أنه لا تمييز بين من يحمل السلاح للحفاظ على أمن المجمتعات وسلامتها، وبين من يحمل الفأس أو الدواء أو يقف فى ساحات العلم ليخلق أجيالا جديدة مستعدة لأى مواجهة، حينها سنكون مدعوين جميعا إلى الاصطفاف خلف بعضنا البعض، حينها سيتحول المجتمع كله إلى كتائب تصطف بعضها خلف بعض دون تمييز لكتيبة عن أخرى، فالدول فى حاجة إلى أيدى جيمع أبنائها، كل فى مجاله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved