اقتراحات محددة للتعامل مع إثيوبيا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 11 أبريل 2021 - 7:00 م بتوقيت القاهرة

سلاح الوقت ضاغط علينا جدا فيما يتعلق بقضية سد النهضة الإثيوبية. الوقت يلعب ضدنا ولصالح إثيوبيا. هى أعلنت بكل الطرق أنها سوف تنفذ الملء الثانى للسد فى الصيف المقبل فى كل الأحوال، بل أطلقت حملة قبل أيام قليلة عنوانها «لن تمنعنا قوة على وجه الأرض من إكمال ملء السد».
أعتقد بل ربما أجزم بأن أصحاب القرار فى هذا الملف فى مصر لديهم تصورات كاملة عن المستقبل. هم يملكون المعلومات والبيانات الكاملة، وبالتالى لديهم خطط مكتملة وسيناريوهات صالحة لكل التطورات.
فى هذه السطور سوف أقترح مجموعة من الخطوات التى يمكن تنفيذها بدءًا من الآن وحتى ب‍داية موسم الأمطار فى هذا الصيف، والمرجح أن يكون فى شهر يوليو المقبل، لكن السودان أعلن أن الملء قد يبدأ فى مايو ويونيو المقبلين أى بعد أيام.
أول هذه الاقتراحات أن نكثف نشاطنا السياسى على كل الجبهات المؤثرة خارجيًا، بدءا من القارة الإفريقية. علينا أن نرسل مبعوثين إلى أكبر عدد من الدول الإفريقية خصوصا كل دول حوض النيل، ومبعوثين للدول العربية والإقليمية المؤثرة والقوى الكبرى، خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن.
نشرح لهؤلاء القصة من بدايتها قبل عشر سنوات، حتى وصلت للطريق المسدود.
علينا أن نخطر مجلس الأمن رسميا بأننا بذلنا كل جهودنا من أجل التوصل لاتفاق سلمى، لكن تعنت إثيوبيا أفشل ذلك.
علينا أن نضمن تأييد أمريكا، خصوصا أنها قدمت اتفاقا فى فبراير قبل الماضى لكن إثيوبيا تهربت من التوقيع عليه. وإذا لم نتمكن من كسب تأييدها، فعلى الأقل نضمن حيادها.
والخطوة الثانية هى أن نذهب للاتحاد الإفريقى رسميا ونشهده أننا التزمنا بالمسار الإفريقى طوال عام كامل، ولم نصل لنتيجة، وأننا سوف ندافع عن حقوقنا بكل الوسائل.
الخطوة الثالثة أن نبلغ إثيوبيا بأننا سوف نجمد توقيعنا على اتفاق المبادئ الثلاثى الموقع فى الخرطوم فى مارس 2015، إذا لم تمتثل وتوقع اتفاقا قانونيا ملزما، فى مهلة معينة ولتكن أسبوعين.
الخطوة الرابعة، هى توجيه إنذار لإثيوبيا بأن عدم توقيعها على الاتفاق، أو على الأقل توقفها عن الملء الأحادى، سوف يجعل مصر فى حل من كل اتفاقياتها السابقة، وأنها سوف تتخذ كل الخطوات بما فيها العسكرية لضمان حقوقها المائية.
الخطوة الخامسة هى سحب بعثتنا الدبلوماسية من إثيوبيا، أو تقليصها لأقل عدد ممكن، أو استدعاء سفيرنا فى أديس أبابا حتى نشعر إثيوبيا بأن الأمر جاد ولا هزل فيه.
الخطوة السادسة: هى إبلاغ إثيوبيا بأن إصرارها على الملء الأحادى، يعنى إعلان الحرب على مصر، باعتبار أن ذلك سوف يؤثر على حقوق مصر المائية. وأنها سوف تعتبر المنطقة الواقع فيها السيد منطقة عمليات عسكرية، كل من فيها سيتم التعامل معه باعتباره هدفا عسكريا.
إذا أصرت إثيوبيا على السير فى طريق التعنت والتحدى والمكابرة. فوقتها لن يكون هناك مفر أمام مصر، سوى استخدام قوتها الشاملة من أجل إجبار إثيوبيا على الإنصات لصوت العقل والحكمة.
الخطوة السابعة هى ضمان التنسيق مع السودان الشقيق فى كل الأوقات والمراحل، باعتبار ذلك إجراءً جوهريا للضغط على إثيوبيا، والحمد لله أن ذلك متحقق حتى الآن، والتنسيق صار واضحا والرئيس عبدالفتاح السيسى قال قبل أيام، أن مصر تنسق كل إجراءاتها مع السودان.
وما ينطبق على السودان ينطبق على أى دولة نستطيع أن نصل معها إلى تفاهم فى دول حوض النيل، خصوصا البلدان المجاورة لإثيوبيا، مثل جنوب السودان وأوغندا وبورندى وروندا وكينيا وإريتريا، وان كانت الأخيرة صارت فى حالة تحالف مع نظام آبى أحمد انتقاما من أقلية التيجراى المتهمة بأنها أشعلت الحرب الحدودية بين البلدين عام 1998.
اقتراحاتى السابقة خاضعة بالتأكيد للوقائع والحقائق والبيانات والمعلومات الموجودة فى حوزة أهل القرار فى هذا الملف. وبالطبع فالموضوع ليس سهلا أطلاقا، خصوصا أن أى صدام عسكرى سوف يؤدى إلى مشاكل كبرى للجميع، ولذلك قال الرئيس السيسى أن الوصول لاتفاق أفضل من أى حل آخر.
نعلم أن الحرب ضارة وخطيرة، لكن مرة أخرى هى فى بعض الأحيان تكون حتمية، خصوصا إذا تعلق الأمر بحياة ومستقبل كامل لبلد كبير مثل مصر تشكل مياه النيل أكثر من 95% من موارده المائية.
وكان الله فى عون أصحاب القرار فى هذا الملف المعقد والحيوى والوجودى. حيث إن مستقبل مصر لسنوات طويلة سوف يتحدد بناء على طريقة حل هذه المشكلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved