تغير المسألة الفلسطينية

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 11 مايو 2021 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

تراجع الحديث عن القضية الفلسطينية، بصفة عامة، فى السنوات العشر الأخيرة فى أعقاب ما عرف بالربيع العربى، وما تلاه من تفجر مشكلات فى أماكن عديدة فى المنطقة، شغلت انتباه العالم الخارجى وسط حالة انكفاء عربى داخلى. وجاء قرار الرئيس محمود عباس بإلغاء الانتخابات التشريعية الفلسطينية بمثابة تفريغ لزخم متوقع فى مهده، فقد بنى موقفه على رفض إسرائيل السماح بمراكز الاقتراع فى القدس الشرقية، وسبقها التضييق على المرشحين من القدس فى التواصل مع الناخبين، وهو قرار لم ينل إعجاب القوى السياسية الفلسطينية التى كانت تريد رسم خريطة سياسية جديدة، قد تتراجع فيها حركة فتح، أو تبرز بين جنباتها قوى لها مواقفها مثل قائمة محمد دحلان، أو قائمة مروان البرغوتى، الذى يبدو أن كليهما كانا يتطلعان إلى الانتخابات الرئاسية التى تعقد تالية للانتخابات التشريعية.
بعض التحليلات، والتى صدرت من الجانب الإسرائيلى، ذهبت إلى أن إسرائيل بموقفها المتشدد تجاه التصويت فى القدس الشرقية، رغم أنها سمحت به فى السابق، أرادت أن تعطى مبررا للقيادة الفلسطينية أن ترجئ الانتخابات بعد أن شعرت بأن «حماس»، وغيرها من الفصائل المعارضة، قد تكتسح الضفة الغربية وقطاع غزة، ولن تصمد حركة «فتح» فى هذه المعركة الانتخابية. وكان واضحا أن الموقف الأمريكى والأوروبى من هذه المسألة به قدر من الميوعة، ليس فقط فى مسألة التصويت فى القدس، بل حتى فى إرسال مراقبين لمتابعة العملية الانتخابية، وعدم ممارسة ضغط جاد على إسرائيل بهذا الشأن.
تبدو المسألة أكثر تعقيدا، وهو ما حاول الباحث الأمريكى المعروف «ناثان براون» فى مقال له نشرته «كارنيجى» منذ أيام؛ حيث رأى أن طبيعة النزاع الإسرائيلى الفلسطينى تغيرت، ولم يعد حل الدولتين مطروحا كما كان سابقا، بل صار الوضع أقرب إلى المستعمرات البريطانية فى الهند فى آخر أيامها، ضعفت سلطة الاستعمار، وزادت مظاهر عدم المساواة وغياب العدالة والعنف فى كل الأرجاء، والتى بات التعامل معها بوصفها من طبائع الأمور، وليست تعبيرا عن مشكلات تحتاج إلى حل. ويعد هذا إلى حد بعيد موقف إدارة «ترامب» التى باركت توسع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، وتجاهلت القيادة الفلسطينية، وأوقفت الدعم المالى، بل وعطلت القانون الدولى ذاته. ليس هذا فحسب، بل إن الرياح الإقليمية، خاصة بعد توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية بين إسرائيل من ناحية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى، تدعم حل الدولتين، بل ولا تدعم مبادرة السلام العربية التى تبنتها السعودية فى 2002.
وجاءت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين فى القدس لتثبت على ما يبدو نظرة «براون»، من أن مظاهر العنف أصبحت لصيقة بتغير طبيعية النزاع الفلسطينى الإسرائيلى، ولم تعد مشكلة تبحث الأطراف المعنية عن حل لها من خلال المفاوضات، بقدر ما أضحت من طبائع الأمور، ويصعب أن نعود إلى حل الدولتين إلا بإرادة أمريكية وأوروبية قوية، وهو ما لا نراه إلى الآن، خاصة بعد أن تورى الملف الفلسطينى، وحل فى مرتبة متقدمة على صعيد الأولويات الاتفاق النووى مع إيران، وترتيب الأوضاع فى ليبيا، وإنهاء الحرب فى اليمن. هل الوضع بحاجة إلى تحريك موقف «واسع الأرجاء» مثل الانتفاضة الفلسطينية يعيد القضية إلى دائرة الاهتمام العالمى؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved