أزمة أحزاب أم قانون

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 11 يونيو 2014 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

لا يوجد نظام انتخابى جيد أو سيئ فى ذاته، ولكن ما أعرفه أن الدولة تحدد أهدافا معينة، وتصمم نظاما انتخابيا يعينها على تحقيق هذه الأهداف فى ضوء مستوى التطور السياسى الذى تبغيه. وبالتالى فإن النقاش الذى يدور ــ فى المطلق ــ حول فوائد «القائمة» فى مواجهة «الفردى» أو العكس لا معنى له، لأن هناك دولا ديمقراطية تأخذ بهذا، ودولا ديمقراطية تأخذ بذاك.

السؤال: ماذا نريد لتحقيق تمثيل سياسى أفضل فى المجتمع المصرى؟

نريد أحزابا قوية، تمثل أوعية لمشاركة الجماهير، لديها برامج واضحة، وتسعى لتشكيل حكومة وفق برامجها المعلنة، إلى جانب ذلك تمثيل فئات اجتماعية واجهت تهميشا على مدى عقود مثل المرأة والشباب والأقباط وغيرهم.

تشكو الأحزاب السياسية فى معظمها من قانون الانتخاب القائم على النظام الفردى، وترى أنه يعيد نائب الخدمات، ويغيب ممثل الأمة «السياسى»، ويؤدى فى نهاية المطاف إلى مجلس نواب مشرذم، لا يمكن أن تظهر فيه أغلبية متماسكة تشكل حكومة. ومن ضمن الآراء التى تتردد أن الآخذ بنظام القائمة يقوى الأحزاب، ويشد من أزرها، خصوصا بعد عقود من التجريف لم تعرف مصر خلالها حياة حزبية حقيقية.

بالمناسبة ما تقوله الأحزاب السياسية صحيح، لكنه يمثل أحد وجهى العملة.

الأحزاب السياسية ضعيفة، لكنها لا تريد أن تخرج من حالة الضعف التى تعيشها، ولو منحت عقودا لن تغير من الأمر شيئا طالما أنها لا تعرف المواطن إلا فى المواسم الانتخابية، وحضورها على مستوى رجل الشارع محدود. هناك أحزاب كان لها ممثلين فى مجلس الشعب الماضى، هل تواصلوا مع دوائرهم أو مع الشارع عقب انتخابهم، وهل ظلوا على تواصل معه بعد حل المجلس النيابى؟

الإجابة معروفة سلفا، وانتخابات الرئاسة كشفت ضعف الأحزاب السياسية على اختلاف أنواعها وأصنافها.

والقول بأن النظام الفردى يضعف الأحزاب قول صحيح فى ظاهره لكنه يكشف فى ذاته أن هذه الأحزاب ضعيفة، لا تقوى على المنافسة. إذا كان لها مرشحون يمتلكون الشعبية والتأثير، والتواصل مع المجتمع، ففى الإمكان أن تطرحهم على المقاعد الفردية فى دوائرهم، أما القول بأن المرشح غير قادر على المنافسة، فإن منطق العدالة الانتخابية يقتضى أن يحصل على المقعد من يستطيع التواصل وحشد الناخبين، وليس من يحمل لافتة حزبية.

هناك بالفعل مثالب كثيرة من وراء الآخذ بالنظام الفردى فى المجتمع المصرى منها: غلبة سلطة المال، وإحياء العصبيات التقليدية، ووصول من يمتلك القدرة على الحشد حتى وإن لم يكن الأفضل، وإخفاق المرشح غير القادر على الحشد حتى وإن كان هو الأجدر بالمقعد النيابى. لن يحل ذلك أن تظل الأحزاب على ضعفها، ولكن الحل أن تقوى الأحزاب، وتفرز كوادرها، وتعمل على مستوى الشارع بحيث يشعر المواطن بوجودها، ويصبح الموسم الانتخابى شهادة انجاز لها من الناخب، وقديما كانوا يقولون لو رشح حزب الوفد حجرا لانتخبناه، تعبيرا عن قوة الحزب، وحضوره ورسالته، والثقة فى كوادره، وحسن اختيار مرشحيه.

قانون الانتخاب به عيوب كثيرة، وينقصه الخيال السياسى، ولكن مشكلة الأحزاب السياسية أنكى وأعظم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved