ما علاقة الدين والأخلاق والأموال بالرياضة؟!!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 11 يوليه 2019 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

خبير كروى بارز لفت نظرى إلى مجموعة من المفاهيم الخاطئة التى يتم تداولها كثيرا فى حياتنا الرياضية باعتبارها من البديهيات!.
من بين هذه المفاهيم الربط بين الديانات والأخلاق والغنى المادى، وبين الفوز بالبطولات الكروية!.
طبعا الأخلاق مهمة دائما، لكن مفهومها نسبى، ومختلف من مكان لمكان. على سبيل المثال لا يكفى أن يصلى اللاعبون ويصوموا الدهر كله، لكى يفوزوا!.
هذه مسابقة فى كرة القدم وليست فى العبادات. وبالتالى فالفائز هو الأكثر مهارة والأفضل تخطيطا إداريا وعلميا وتدريبيا، بغض النظر عن ديانته ومذهبه، مسلما كان أو مسيحيا، هندوسيا أو بوذيا!.
أمريكا المسيحية الرأسمالية أكبر قوة اقتصادية فى العالم والصين البوذية الشيوعية هى رقم 2، وعلى الرغم من ذلك فإن كرة القدم عندهما ليست فى أفضل حال.. هم يحاولون التعاقد مع كبار نجوم العالم، لنشر وتعميم هذه الرياضة كى يتفوقوا فيها.
كثرة المال وتقدم الاقتصاد لا يعنيان أن تفوز الدولة الغنية بالبطولات.
اليابان هى الأغنى والأكثر تقدما فى مجالات كثيرة خصوصا البحث العلمى، وكذلك كوريا الجنوبية وكندا، لكن هذه الدول الثلاث ليست متفوقة كرويا مثل البرازيل أو تشيلى أو السنغال!.
البرازيل هى الأكثر فوزا بالبطولات العالمية، ليست دولة غنية، وحتى وقت قريب كانت تعانى من فقر مدقع، شعبها يرقص ويغنى ويشرب فى الشوارع، لكن معظمه يمارس الكرة ويلعبها ويحبها. إسبانيا أيضا الأفضل كرويا فى السنوات الأخيرة، مصنفة باعتبارها أفقر بلدان أوروبا اقتصاديا. والأمر ينطبق إلى حد كبير على البرتغال جارتها فى جنوب أوروبا.
بعض كبار النجوم مثل مارادونا تزوج من صديقته بعد أن أنجب أبناء أعمارهم فوق الخامسة عشرة. والأمر نفسه فعله نجم ريال مدريد سيرجى راموس الذى زار الغردقة قبل أيام احتفالا بزواجه بصحبة أسرته!.
مرة أخرى الأمور هنا نسبية، وفى العالم المتقدم، لا يحاسبون اللاعبين على حياتهم الخاصة، مادامت فى إطار خصوصيتهم، إلا إذا صارت فضيحة مثلما حدث لعمرو وردة.
ولكن يحاسبونهم على مهارتهم وأدائهم ومساهمتهم فى فوز فرقهم بالبطولات.
الأموال وحدها لا تكفى لتحقيق البطولات. على سبيل المثال فريق مانشتسر يونايتد الأغنى عالميا، لكنه لم يفز بأى بطولة كبرى منذ فترة. وبرشلونة وريال مدريد من أغنى فرق أوروبا لكنهما لم يفوزا مثلا ببطولة أبطال أوروبا هذا العام، فى حين أن فرقا تعتبر أفقر مقارنة بهما، وحققت نتائج أفضل مثل أياكس الهولندى.
الفرق والمنتخبات تفوز بالبطولات لأسباب أساسية ليس من بينها الديانات أو المال الوفير أو الأخلاق.
هى تفوز إذا توافرت عناصر الفوز، وأهمها مثلا أن تكون الرياضة جزءا حيويا من الممارسة اليومية للشعب. حينما تكون لديك مراكز شباب متنوعة ومفتوحة، سيكون لديك قاعدة واسعة من الممارسين للرياضة باختلاف أنواعها. إذا تواجدت القاعدة ــ كما يقول لى الخبير الرياضى ــ سيكون لديك هرم من لاعبين كثيرين، تستطيع أن تضمن بهم دوريا محليا متميزا وقويا، وبعدها يمكنك أن تصدرهم إلى الأندية العالمية الكبرى. هذا هو الأساس. بعدها تأتى الإدارة المحترفة واللوائح والتشريعات السليمة، والبيئة التى تنظم الممارسات الرياضية بصورة عادلة، ليس بها مجاملات.
أحد الشروط أيضا أن يحب الشعب الرياضة باعتبارها وسيلة للمتعة والترفيه، وليس أداة للتعصب الأعمى، كما صار الأمر موجودا لدينا وفى غالبية البلدان العربية للأسف.
غالبية الجماهير صارت تتعصب للزمالك أو للأهلى أو المنتخب القومى. التشجيع مهم جدا، لكن التعصب مزموم، وهو الذى قاد لكارثة ملعب بورسعيد فى أول فبراير ٢٠١٢. وهو الذى عطل حضور الجماهير للمباريات منذ ذلك الوقت.
فنيا فإن مستوى فريقنا القومى سيئ جدا منذ ظهوره فى نهائيات كأس العالم بروسيا قبل عام كامل. كنا حرفيا فى المركز الأخير على مستوى العالم. ولم يتغير شىء منذ ذلك الوقت،، فلماذا توقعنا أن تتغير النتائج؟!.
لم نحاسب أحدا محاسبة جدية على ما حدث فى «روسيا ٢٠١٨» وبالتالى، فالمنطق أن نتوقع خروجنا من دور الـ16 فى بطولة الأمم الإفريقية. عواطفنا تغلبت علينا، وتوقعنا كالعادة «معجزة» والمعجزات لا تقع لمجرد تمنياتنا بذلك!!.الهزيمة فى عالم الكرة واردة جدا، وتحدث لأكبر الفرق، لكن المهم أن نعرف مستوانا ونحاول تطويره.
مستوى الأهلى والزمالك والإسماعيلى سيئ فنيا طوال العامين الأخيرين وبالتالى كان منطقيا أن تكون النتائج سيئة!
علينا أن نتحدث فى صلب الموضوعات، بدلا من الهروب إلى الهوامش، حتى نستطيع أن نعالج مشاكلنا بجدية بدلا من هذا التهريج!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved