الظرفاء الجدد داليا شمس

داليا شمس
داليا شمس

آخر تحديث: الأحد 11 أغسطس 2013 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

الدخول إلى عالم الـ«لايكات»، نسبة إلى كلمة «يعجبنى» على الفيس بوك، ليس بالشيء اليسير، خاصة إذا أردنا الكتابة عن السخرية بشكل من الجدية وتناول الظرفاء الجدد الذين برزوا على الشبكات الاجتماعية وصاروا نجوما دون أن يعرف معظمنا عنهم شيئا سوى أسمائهم.

ومن وقت لآخر يظهر كِتاب يتناول ظاهرة الفيس بوك، الذى تحول خلال سنوات قليلة من شبكة مغلقة لاتصال الأصدقاء ضمن طلاب جامعة هارفارد إلى شبكة عامة مفتوحة للجميع. لكن مع الأسف تكتفى هذه الكتب الصادرة، باللغة العربية، برصد الظاهرة دون التعرض لها فعليا بالتحليل أو الدراسة المعمقة. فى سنة 2009، على سبيل المثال لا الحصر، نشرت دار الشروق «دولة الفيس بوك»، من إعداد وتحرير محمد على بسيونى، الذى عرض المجموعات المختلفة على الشبكة وقسمها حسب المجالات إلى مجموعات أدبية وسياسية ودينية واجتماعية ورياضية.. إلخ..

ومنذ حوالى شهرين صدر عن دار العين كتاب آخر بعنوان «ظرفاء الفيس بوك» للصحفية سامية بكرى، الحاصلة على بكالوريوس فى الإعلام، والتى لفتت الأنظار إلى عدد من الأسماء المعروفة بسخريتها من خلال الواقع الافتراضى مثل سامح سمير ومحمد داود ونائل الطوخى ومحمد فاروق...

ورغم كون العديد من «ظرفاء الفيس بوك» بعيدين عن وسائل النشر التقليدية، إلا أن شعبيتهم تتزايد يوما بعد يوم، بعضهم شعراء وروائيون ومترجمون، والبعض الآخر يعمل بالهندسة أو المحاماة إلى ما غير ذلك. اختار هؤلاء أن يطلوا على الفيس بوك بوجههم الضاحك، ليؤرخوا لحالة من العبث نعيشها منذ سنوات، فروح الدعابة والسخرية هما من أكثر الأشياء تعبيرا عن الواقع الثقافى والاجتماعى بكل تداعياته، وهما أيضا من الأشياء التى يصعب ترجمتها للغات أخرى لأنها ترتبط بشدة بروح الشعب.

•••

سامية بكرى تناولت «الظرفاء الجدد» فى خمسة فصول، وفقا للموضوعات: مسخرة سياسية، ناس ومجتمع، ثقافة وفن، رياضة، الإعلام وسنينه، هذا بالإضافة إلى مقدمة قصيرة وغير وافية عن الكتابة الساخرة بروح الفيس بوك الجديدة، هذه الروح التى قد تطلب المزيد من الدراسة للوقوف على اختلافها مقارنة بظرفاء القرن العشرين من أمثال محمود السعدنى وعبد القادر المازنى وعبد الرحمن الخميسى وجليل البندارى وغيرهم. الكاتبة لم تتعرض بالتحليل لأثر «النسق الإستاتيوسى فى أدب الجيل الألفينى، مقاربة تاريخانية جذمورية»...

كتب هذا التعليق حسام توفيق، أحد الساخرين، على حائطه، وذكرته سامية بكرى فى كتابها... ولكن ربما نحتاج بالفعل إلى عمل يدرس البعد السوسيولوجى لتعليقاته وتعليقات سامح سمير مثلا ــ نجم آخر من نجوم الفيس بوك ــ بما تحمله من سخرية متزنة تصب فى مضمون الجدية! فتعليقات الأخير جذبت بعض مستخدمى الانترنت بشدة إلى درجة أن بعض الصديقات قررن فتح حساب فيس بوك لمجرد الدخول على صفحته، فالفيس بوك غالبا ما يلخص أحوال الوطن. وهذا ما نلمسه من خلال كتاب سامية بكرى، لأن مطالعة مجموعة «الإستيتس» التى أوردتها يجعلنا نؤرخ لما يحدث، ونشعر بما قاله الشاعر مريد البرغوثى فى تعليق له: «ألم يكن أقصى طموحنا هذا الصباح المبارك الوصول إلى الزفت؟!».

•••

وفى موضع آخر من الكتاب، يعلن محمد داود عن إعطائه للدروس الخصوصية ومجموعات تقوية لكتابة «الإستيتس وكل أعمال الفيس بوك الحديثة»، وذلك بصفته «نابغة الكومنت وجهبز النوتس»... لغة السخرية تتغير، وكذلك كلماتها.. فالشعر قد يتحول على لسان الساخر داوود إلى «أكتب استيتسى بمداد الحزن فى دفتر الغياب والحضور، أراقص الللايكات والكومنتات على وولى، ألقت ليلى السلام فى الإنبوكس وغادرت (...) أنا الهشاشة والبشاشة والبوغاشة، أنا للفحم الموهوج فى دمى ماشة، رأيت انفصال البحر عن ليلى، والماء عن ليلى، والسماء عن ليلى، وليلى عن إستيتسى...»، هو مثله مثلنا يكتب ما فى الجيب ليأتيه ما فى الغيب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved