الميليشيات التكفيرية والشيعية والنظام فى سوريا

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم

آخر تحديث: الجمعة 11 أغسطس 2017 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

• كان طبيبًا شابًا واعدًا ومهذبًا راقيًا نشأ يتيمًا وربته أمه تربية حسنة وفجأة سافر إلى سوريا تزوج هناك ثم علمت بمقتله تاركا وراءه زوجة وطفلة.
• وهذا شاب آخر ثرى ومهذب متزوج من زوجتين ويعيش حياة رغدة كفلها ثراء أسرته ترك كل ذلك وذهب إلى سوريا حارب هناك ثم قتل أرى بين الحين والآخر أولاده الصغار واسأل نفسى أسئلة كثيرة مفادها: ماذا أفاد الإسلام بمقتله وأى نفع جره على الأوطان والناس بهذه التضحية الجسيمة وهل كان يعرف شيئًا عن الوضع السورى وتعقيداته وتدخلات الدول فيه لقد مات دون أن يفيد أو يستفيد لا فى الدين ولا فى الدنيا فلا ظهرًا أبقى ولا أرضًا قطع.
• ثالث خرج من السجن الذى دخله صغيرا بعد خروجه وجد الحياة أصعب من بعض لحظات السجن التى لم يشعر بألمها لأن الجميع كان يحتضنه ويدافع عنه لم يجد نفسه فى الحياة التى تتطلب كفاحًا وبذلًا ومصابرة ومثابرة تزوج مرتين ورأى أن الموت أيسر من الكفاح فى الحياة فتحت أبواب سوريا فذهب إليها ثم قتل هناك تاركًا زوجاته وأولاده يتكففون الناس.
• هناك مائة ألف شاب متدين سافروا إلى سوريا انطلقوا من كل البلاد صوب سوريا يريدون تغيير النظام ورفع الظلم وخلع بشار الأسد والنتيجة أن بشار الأسد بقى ودمرت سوريا عن آخرها وقتل كل هؤلاء الشباب تقريبًا والباقون تنتظرهم السجون فى كل مكان.
• كانت سوريا حرة مستقلة فإذا بإيران تحتلها وإذا بأمريكا تقيم خمسة قواعد عسكرية فيها وإذا بروسيا تسيطر على كل المقدرات السورية وتغمرها بالقواعد العسكرية وتفعل كل شى مع إيران وحزب الله بديلًا عن الحكومة السورية وإذا بحزب الله والميليشيات الشيعية التابعة لإيران تحتل النفوذ الأكبر فى سوريا وإذا بأكراد سوريا يريدون الاستقلال وولاؤهم معروف.
• وإذا بمئات الآلاف من الشباب المتدين يتحول إلى جماعات تكفيرية تفجيرية تحمل الدمار ولا تحرر الأرض تكفر ولا تهدى لا تخلع الظالم ولا الظلم ولكن تثبته وتقويه وتعطى الاستبداد والديكتاتورية قبلات حياة متواصلة.
• وإذا بمئات الآلاف من هذا الشباب يقتل دون أن يحقق أى هدف فلا هو حرر الجولان ولا هو رفع الظلم بل زاده ولا عمر سوريا بل خربت على يديه وأيدى خصومه ولا وحدها بل مزقها ولا منع إيران من النفوذ فى سوريا بل جعلها تحتل سوريا بأسرها ولا منع إسرائيل من سوريا بل جعلها تستبيح سوريا كلها.
• لقد أعلنت روسيا أنها قتلت 35 ألف جهادى فضلا عن الذين قتلتهم الميليشيات الشيعية وطائرات ومدافع النظام السورى فضلا عن القصف الأمريكى والتركى وفى النهاية رحلت معظم الجماعات من كل المناطق التى استولت عليها فلا هى أقامت فيها صحيح الدين والعدل والرحمة ولا هى استطاعت الحفاظ عليها.
• مشكلة العقل الإسلامى فى معظم الحركات الإسلامية أنها تريد الموت«أى موت» فى أى مكان يندفع الشباب المتدين نحو الموت دون تبصر أو عقل ودون جدوى أو حتى فتوى صحيحة لم يتعلم أن الإسلام جاء لتعمير الكون لا خرابه وبفلسفة الإحياء لا الموت والقتل «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» هل الموت غاية فى ذاته لقد حرم الله على الإنسان أن يهلك نفسه «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» وهل الجهاد وسيلة أو غاية إنها مجرد وسيلة.
• قرابة ربع مليون شاب متدين كانوا ألعوبة فى يد أمريكا والغرب وتركيا وقطر وبعض دول الخليج الأخرى يحاربون ضد بشار ومثلهم من الشباب الشيعى كانوا ألعوبة فى يد إيران والحرس الثورى دمروا أنفسهم وهدموا سوريا وشردوا أهلها بغير حق مئات الآلاف من شباب الميليشيات الشيعية يقتلون هناك من أجل صنع نفوذ لإيران، وحليفتها روسيا.
• كل هذه الدماء أريقت دون ثمن لأن العقل الإسلامى كله لا يعرف معنى الحياة وقيمتها وأن الكفاح والنضال من أجل الحياة والإحياء أعظم وأولى وأصعب من الكفاح من أجل أن تقتل غيرك أو يقتلك الآخرون.
• الحركة الإسلامية كلها سنة وشيعة فى حاجة لفقه «الحياة» لا الموت فقه المصالح والمفاسد فقه المآلات فقه العمران فقه الدولة لا فقه الجماعة والحزب والفصيل تقديم مصلحة الأمة على ما سواها.
• نصف مليون قتيل فى سوريا تقريبا معظمهم من الشباب المتدين ضاع دمهم هدرا بغير جدوى ودون مصلحة.
• سوريا الآن لم تعد موجودة سوريا الآن لم تعد لأهلها وأصحابها سوريا الآن جزء منها تملكه أمريكا وإسرائيل وخاصة القسم الكردى الذى سينفصل حتما القواعد الأمريكية الآن فى سوريا أكثر من القواعد الأمريكية فى الخليج.
•سوريا الآن فى قبضة إيران والميلشيات الشيعية، بعض السذج يطالبون بخلع بشار وبعضهم يطالب ببقائه، بشار الآن صورة فقط، رئيس لا يحكم شبرا فى بلده، سوريا الآن تحكمها أمريكا وروسيا وإيران يتقاسمون الغنيمة معا.
•كانت لبشار مظالم مثل غيره من حكام المنطقة أو أقل منهم، والثورة المسلحة عليه جعلته يقتل ويسجن ويعذب مئات الآلاف، ويهجر الشعب السورى كله.
• ماذا جنى كل الشباب الغض البسيط الفكر والتصور والمخلص الذى ذهب إلى سوريا بحجة رفع الظلم وإزالة الحاكم الظالم، لم يكن لديهم مشروع لإقامة دولة للعدل السياسى والاجتماعى، يتقاتلون فيما بينهم أكثر مما يقاتلون خصومهم، يتجمعون لقتل الجيش السورى أو بعضهم لبعض والجولان المحتل على مرمى البصر منهم جميعا فلا يحرك لهم ساكنا.
• يعيش فى سوريا الآن كل الغرباء من الميليشيات الشيعية والتكفيرية وأمريكا وروسيا وإيران أما الشعب السورى فقد رحل عن وطنه وقد لا يعود إليه أبدا.
• سوريا انتهت كدولة مستقلة لها جيش وطنى غير مؤدلج وكان لها اقتصاد جيد، ستصبح الآن عدة دول تتحكم فيها أمريكا وإسرائيل من جهة، وإيران وروسيا وحزب الله من جهة أخرى.
• انتهت سوريا الجميلة لأن الجميع أصر على أن يختار الخراب على العمران، والمذهب على الإسلام، المناصب والنفوذ على الأوطان وسيزيد الظلم والبغى والكراهية فيها. 
• التجربة السورية كلها تحتاج إلى دراسة مستفيضة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved