الأطفال ذوو القدرات المتواضعة

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 11 نوفمبر 2021 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

التعليم وسيلة للارتقاء بالبشر، ومنه يفرق الشخص الأمىّ عن المثقف. ولسن متلقى التعليم أهمية كبيرة، إذ ثبت أن الأطفال هم الأكثر تحصيلا واستجابة لعمليات التنشئة الاجتماعية وغرس القيم والمثل. من هنا كان الاهتمام بإدخال الأطفال فى سن مبكرة لمؤسسات التعليم بمختلف أنواعها، والتى يستطيع الطفل من خلالها تعلم مبادئ اللغة، والقراءة والكتابة، ثم الوثوب من هذا الموضوع إلى موضوعات أخرى ترتبط بالعلوم التالية كالطبيعة والجغرافيا والرياضيات وخلافه.
لكن المشكلة تبدو فى الأطفال الذين لا تسمح ملكاتهم بالاستيعاب السريع، المتوافق مع أقرانهم، ومع شرائحهم العمرية، من هنا فقد برزت الحاجة إلى دمج هؤلاء فى المؤسسة التعليمية، حتى يستطيع هؤلاء تطويع ملكاتهم المحدودة والبسيطة، بما يتوافق مع الحد الأدنى المطلوب للعيش فى المجتمع عند الكبر، بحيث يمتلك هؤلاء مستوى من الوعى يكفل لهم خدمة أنفسهم أولا، وخدمة المجتمع، وعدم قيام الآخر باستغلالهم أو التغرير بهم بأى أشكال.
حديثنا هنا ليس عن الأطفال ذوى القدرات الذهنية الأقل من الضعيفة، والذين تتراوح اختبارات الذكاء لهم ما بين 30ــ60 تقريبًا، فهؤلاء مكانهم معروف وهو مدارس التربية الفكرية، لكن الحديث هنا عن الأطفال ذوى القدرات المتواضعة والأقل من المتوسطة والتى تتراوح اختبارات الذكاء لديهم ما بين 60ــ84 تقريبًا.
الأطفال ذوو القدرات المتواضعة أو الضعيفة والأقل من المتوسطة، يلتحقون عادة بفصول الدمج بالمدارس العادية مع الأطفال العاديين ذوى القدرات الأعلى. فتلك المدارس هى المعنية بالعمل على استيعاب هؤلاء الأطفال. وفى مصر رغم وجود بعض الأفكار المطبقة لدمج هؤلاء الأطفال، إلا أن تلك الأفكار المطبقة لم يتم تفعيلها بشكل جيد.
فى الآونة الأخيرة تم بالنسبة إلى الأطفال ذوى القدرات المتواضعة أو الضعيفة، دمج هؤلاء الذين لا يرتقون إلى منزلة الأطفال العاديين، فتم وضعهم كما تقر الأدبيات التربوية العالمية فى المدارس العادية، بحيث يدرس هؤلاء نفس المناهج والعلوم التى يدرسها الأطفال العاديون، لكن عند التقييم تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع امتحانات أو اختبارات خاصة بهم، كما يقر بذلك التربويون.
كل ما سبق كان جهدًا مقدرًا من الدولة، لكن على أرض الواقع كانت هناك مشكلات كثيرة بالنسبة للأطفال ذوى القدرات المتواضعة والضعيفة.
مشكلات الأطفال ذوى القدرات المتواضعة أو الضعيفة هو عدم وجود مدرسين أكفاء للتعامل مع هؤلاء الأطفال. صحيح أنه قد برز خلال العام الماضى والحالى مشكلة كبيرة فى أعداد المدرسين فى جميع المدارس الخاصة بالأطفال والتلاميذ العاديين، لكن تلك الفئة ذات القدرات المتواضعة هى الأكثر تهميشًا فى الحقوق والواجبات.
فئة الأطفال متواضعى الفكر، تتمثل فى فرط الحركة وتشتت الانتباه وصعوبات التعلم وبعض سمات التوحد، والبعض للتأخر الذهنى البسيط، مما يحتاج معه الأمر إلى مدرس مدرب تدريبًا جيدًا للتعامل مع هذه الفئة من الناحيتين العلمية والتربوية، لمساعدة هؤلاء الأطفال على الدمج مع أقرانهم، وهو الهدف الذى أنشئت من أجله فصول الدمج.
هناك أيضًا حاجة ملحة من وزارة التربية والتعليم إلى الرقابة الشديدة على المدارس العامة والخاصة للاهتمام بتلك الفئة، وكذلك وجود كادر كبير من الاختصاصيين النفسيين لمتابعة هذه الحالات، وتقييم هؤلاء ومتابعاتهم الدورية، والقيام بأمرين، أولهما، إرشاد أسرى مع الآباء والأمهات المعنيين بالمشكلة والآباء والأمهات للأطفال العاديين أيضًا. وثانيهما، إرشاد المدرسين فى العلوم المختلفة. جميع الأدوار السابقة من الوزارة والمدرسة والمدرسين مهمة لمواجهة عدة أمور:
الأمر الأول: منع تنمر باقى التلاميذ والطلبة على أقرانهم من الفئات الضعيفة والمتواضعة. إذ إن هذا التنمر يزيد من عدوانية هؤلاء، وكراهيتهم للعملية التعليمية برمتها، ومن ثم العزوف عن التعليم كلية. وقد رصد فى هذا الصدد حالات كثيرة لضرب التلاميذ المعنيين من قبل زملائهم ذوى القدرات الأعلى، والسخرية والاستهزاء المتواصل منهم.
الأمر الثانى: إن دور الاختصاصى الاجتماعى المدرسى هو توفير أنشطة دمج رياضية واجتماعية وعلمية مختلفة لضمان تلقى واستيعاب العلوم المختلفة، وبشكل مختلف، وذلك عوضا عن عدم الاهتمام بغياب هؤلاء عن المدرسة، وهو الأسلوب المتبع فى أغلب الأحيان اليوم، حيث تشجع بعض المدارس هؤلاء على الغياب ولا تحبذ وجودهم، بالرغم من تحصيل بعض المدارس الخاصة آلاف الجنيهات من الأسر نظير التحاق هؤلاء بفصول الدمج بها، وهو عادة ما يصل إلى ثلاثة أضعاف ما تتلقاه من الأطفال العاديين.
الأمر الثالث، تشديد حضور الأطفال من ذوى القدرات المتواضعة إلى المدرسة، بدلا من الأسلوب العشوائى المتبع معهم من إحضارهم للمدرسة عند الاختبارات فقط، مع مساعدتهم على غش الإجابات لضمان تخطيهم السنة الدراسية تلو الأخرى، دون بذل العناء للتوعية بشكل علمى معتبر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved