نجيب محفوظ يكتبنا

بلال فضل
بلال فضل

آخر تحديث: الأربعاء 11 ديسمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

(فى يوم من أيام الميدان العظيمة، كنت أقف بصحبة الصديقين حمدى عبدالرحيم وهشام أبوالمكارم فى ركن هادئ من الميدان، عندما هجم علىّ رجل أربعينى مرحبا ومحتضنا بحرارة شديدة، قبل أن يخرج من محفظته قصاصة مطوية بعناية، ابتهجت عندما رأيت صورتى عليها، ثم ابتهجت أكثر عندما عرفت أنها لم تكن إلا واحدة من سلسلة المقالات التى تحمل عنوان (إنهم يكتبوننى) والتى بدأت كتابتها منذ عام 2005 لأعيد فيها نشر مقتطفات من الكتب التى تعجبنى، وكنت قد خصصت تلك القصاصة التى قصها أخونا من صحيفة (المصرى اليوم) لمقتطفات من روايات الأديب الأعظم نجيب محفوظ لتنشر يوم 11 ديسمبر 2010 الموافق ليوم ميلاد نجيب محفوظ رحمه الله، قال لى رفيق الميدان إن المقتطف الأخير كان الذى دفعه للمشاركة فى جمعة الغضب، ولم يفارق الميدان من ساعتها. الآن لا أدرى أين ذهب ذلك الرجل الجميل، وهل مازال يحمل القصاصة فى جيبه أم أنه ولّع فيها بجاز من غيظه وحزنه على ما يجرى فى البلد؟، لكن ما أدريه أن إجابة الشيخ عبدربه التائه التى صكها نجيب محفوظ والتى ستجدها فى نهاية هذه المقتطفات لاتزال هى الحل الوحيد لمشاكل مصر، والأيام بيننا).

• «ويل الناس من حاكم لا حياء له».... «يأتى بإرادة لا علاقة لها بإرادة الناس ويرحل بنفس الإرادة، ويبدأ حكمه باعثا على الأمل وينهيه مشيعا باللعنات» (ليالى ألف ليلة).

• «ما أجمل أن ينصحنا الأغنياء بالفقر». (اللص والكلاب).

• «لأننا نخاف البوليس والجيش والإنجليز والأمريكان والظاهر والباطن فقد انتهى بنا الأمر إلى ألا نخاف شيئا» (ثرثرة فوق النيل).

• «ولولا التطابق الفريد بين سوء حالى وسوء حال البلد ما فكرت فى البلد، ولكننى وجدتُ أسرتى تعكس صورة البلد والبلد تعكس صورة أسرتى. كلتاهما تعانى من كثرة العدد وقلة الموارد واختلال التوازن بين الدخل والمنصرف وتكاثر الديون وتجهم المستقبل غير أننى لم أخف عن ذويّ حقيقة وضعنا ولم أعد بشىء يفوق قدرتى. ولعجزى عن تحسين حالتى فضلا عن عجزى عن تحسين البلد غشيتنى الكآبة وبادرنى الشيب قبل الأوان. ولم أجد ما أروّح به عن نفسى فى خلوتى إلا الحلم، هو الذى شقّ لى طريقا جديدة، ويسّر لى رزقا وافرا، وهيأ لى صحة وعافية وعلاقات إنسانية حميمة، ورفعنى إلى عالم جديد، وحقيقة سامية، وعدل شامل، وتطلع باهر إلى عالم الغيب. وفى أتون المعركة بين الحقيقة والخيال طال ليل الشقاء وامتدّ.....» (من مجموعة الفجر الكاذب).

• «إذا لم يكن للحياة معنى فلم لا نخلق لها معنى؟، ربما كان من الخطأ أن نبحث فى هذه الدنيا عن معنى بينما أن مهمتنا الأولى أن نخلق هذا المعنى؟» (السكرية).

• «كم عدد أصحاب الملايين؟ الأقارب والأصهار والطفيليون. المهربون والقوادون والشيعة والسنة. حكايات ولا ألف ليلة. متى تبدأ المجاعة؟ والفتنة الطائفية من يوقظها؟ مجلس الشعب كان مكانا للرقص فأصبح مكانا للغناء. أنواع الجبن. البنوك الجديدة. بكم البيض اليوم؟. يسود صمت شامل ريثما تذهب امرأة قادمة من الطريق إلى بيت دعارة وراء المقهى وتنعقد مقارنة بين تضخم عجيزتها والتضخم المالى العام. شاب شاذ يقترح الشذوذ كحل لأزمة الحب فى الطبقة ذات الدخل الثابت وأيضا لتحقيق الهدف من تنظيم الأسرة. لاخلاص إلا بالخلاص من كامب ديفيد. حرب أبدية والويل لعملاء التطبيع... الضيق بالغ غايته من كثرة الأسئلة عما يجوز وعما يجب أو لا يجب على حين ينشغل اللصوص بتوزيع الغنائم، أستعيذ بالله وبكل صاحب كرامة وبكل مالك علم أن يُقدِم لتبديد ظلمات هذا الليل الطويل. نحن قوم نرتاح للهزيمة أكثر من النصر. فمن طول الهزائم وكثرتها ترسبت نغمة الأسى فى أعماقنا فأحببنا الغناء الشجى والمسرحية المفجعة والبطل الشهيد، ولذا جميع زعمائنا شهداء. علمنى زمنى أن أفكر. علمنى أيضا أن أستهين بكل شىء وأن أشك فى كل شىء. ربما قرأت عن مشروع منعش للآمال وسرعان ما يكشف المفسرون عن حقيقته فلايتمخض عن أكثر من لعبة قذرة. هل تترك السفينة للغرق؟ هى عصابة مسلطة علينا لاأكثر ولا أقل؟ أين الأيام الحلوة؟. قلت لحبيبتى مرة: فلنتسل بحصر أعدائنا. فدخلت اللعبة قائلة: غول الانفتاح واللصوص الأماثل. قلت: هل ينفعنا قتل مليون؟ فقالت ضاحكة: قد ينفعنا قتل واحد فقط». (يوم قتل الزعيم).

• «بماذا ينفعك حب الناس إذا أبغضك البوليس». (اللص والكلاب).

• «لأن نبقى بلا دور فى بلد له دور خير من أن يكون لنا دور فى بلد لا دور له». (السمان والخريف).

• «ديننا عظيم وحياتنا وثنية». (رحلة ابن فطومة).

• «إننا نجرب الموت ونحن لا ندرى مرات ومرات فى حياتنا قبل أن يدركنا الموت النهائى». (السمان والخريف).

• «من غيرة الحق أن لم يجعل لأحد إليه طريقا، ولم يُيئِس أحدا من الوصول إليه، وترك الخلق فى مفاوز التحير يركضون، وفى بحار الظن يغرقون، فمن ظن أنه واصل فاصله، ومن ظن أنه فاصل تاه، فلا وصول، ولا مهرب عنه، ولا بد منه». (ليالى ألف ليلة).

• «سألت الشيخ عبدربه التائه: متى يصلح حال البلد؟، فأجاب: عندما يؤمن أهلها بأن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة السلامة». (أصداء السيرة الذاتية).

(كل سنة وأنت طيب يا عم نجيب).

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved