لا لنكسة الضمير

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الثلاثاء 12 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

تجرى الآن وعلى نطاق واسع عملية رجم منظمة لرمز وطنى كبير هو السفير إبراهيم يسرى لأن الرجل قرر أن ينضم إلى مجموعة من المصريين ترفض إراقة الدم المصرى بالمجان تحت أقدام المتصارعين على الحكم، سواء سلطة مرتعشة مستسلمة للعجز وقلة الحيلة وغياب روح المبادرة والمبادأة، أو معارضة مخلوطة بشوائب نظام أسقطته الثورة، وتمضى فى طريق لا يؤدى إلا إلى إعادة ذلك النظام البائس وساعتها ستكون أول من يدفع الثمن.

 

إبراهيم يسرى تحول فجأة من أيقونة للنضال الوطنى بعد أن قاد وحده حملة مصرية تحت شعار «لا لنكسة الغاز» نجح من خلالها فى خوض معركة قضائية انتهت بحكم تاريخى يقضى بوقف تصدير الغاز للعدو الصهيونى، تحول الآن إلى إخوانى متأخون عميل للجماعة وللسلطة فى نظر بعضهم، وإلى شخص مشوش مغرر به فى نظر آخرين.

 

وكل جريمة السفير إبراهيم يسرى أنه يعلن موقفا ضد ممارسة السياسة بالمولوتوف، وضد الوصول إلى السلطة فوق جماجم وعظام المصريين وتبنى دعوة بسيطة تعلن بوضوح أن المجموعة المشاركة فيها تقول: «نحن جزء من أبناء مصر، لا نمثل حزبا أو اتجاها أو فصيلا أو جماعة، نسعى لتغليب إرادة الحياة وحق مصر الثورة فى أن تخطو فى طريق التقدم والتطور وكسر الطوق المفروض عليها كى تخرج من الضعف إلى القوة، ومن الفقر إلى الرفاه، ومن التخلف إلى التقدم، ومن التبعية إلى الاستقلال والتحرر، لإنجاز إنطلاقة حضارية تحقق لكل مواطنيها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية».

 

هو مجرم لأنه يدعو مع آخرين «لتبنى الأدوات الديموقراطية: السياسية والأخلاقية وإعلاء إرادة الشعب عند الاختلاف وتجنب العنف بالدعوة إليه، أو الرضا أو السكوت عنه» من خلال جبهة «سترفع صوتها عاليا ضد كل من يحاول استثمار دماء المصريين أو آلامهم،  طلبا لمكاسب حزبية أو شخصية ضيقة، وستجهر بالمعارضة والاحتجاج فى وجه السلطة إذا رأت منها انحرافا عن أهداف الثورة،  أو خروجا عن المسار الذى خطه المصريون بدمائهم ودموعهم وعرقهم».

 

إن التاريخ لم يعرف عن إبراهيم يسرى أنه تحالف مع الإخوان انتخابيا، ولم يؤسس حزبا يمرق أعضاؤه إلى عضوية البرلمان على قوائم حزب الإخوان، ولا يسعى وقد تجاوز السبعين من عمره إلى منصب أو جاه، ولم يحدث يوما أن طلب من حزب الإخوان أن يوضع على رأس قائمتهم الانتخابية بإحدى محافظات الوجه البحرى فى سباق البرلمان الماضى، فلما رفض طلبه استدار يهاجم ويرعد ويبرق بمعارضة أقرب للمهارشة.. فبأى منطق وأى ضمير أخلاقى يتهم الرجل بالتفريط فى القضية الوطنية والسقوط فى الأخونة؟

 

هل صارت صكوك الوطنية مشروطة بالهتاف «لا صوت يعلو فوق صوت المولوتوف» ؟

 

 لقد حفر إبراهيم يسرى اسمه على جدارية النضال الوطنى الحقيقى ولن تنجح فزاعات الابتزاز والإرهاب فى أن تثنيه عن مواصلة دوره كضمير مضىء فى عتمة الزيف والصفاقة المتخفية فى ثياب «ثورة على الثورة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved