لا نحتاج إلى الكذب

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 12 فبراير 2014 - 5:25 ص بتوقيت القاهرة

يتعب النظام السياسى كثيرا فى البحث عن عدو، ليثبت لشعبه أنه يدافع عنه، ويسهر الليل والنهار من أجل توفير الأمان له، لكن نظامنا محظوظ، فالعدو صار أقرب لكل المصريين من حبل الوريد.

العدو فى سيارة مفخخة مركونة فى الشارع، وعلى موتوسيكل بلا أرقام يصطاد رجال الشرطة والجيش، من ضواحى العريش، إلى إشارة مرور فى الإسماعيلية صباح أمس.

فى الثالث والعشرين من يناير الماضى أعلن «الجهاديون» الحرب على النظام، فى كلمة صوتية للأخ المجاهد أبى أسامة المصرى، على يوتيوب. وفيها توعد زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس من وصفهم بالطواغيت وأعوانهم وأجنادهم.

والناس؟

المواطن الذى يعبر الشارع لحظة التفجير؟

والأطفال الذين ينتظرون عبور الإشارة؟

لا يهم، فالجهاد حرب مقدسة لا تنتهى إلا بالنصر أو الشهادة. الجهاد فى رأيهم ليس حربا على النظام «الكافر» فقط، بل على الشعب الذى يرتضى به.

انتهى مشوار الإسلام السياسى إلى تدويل الجهاد، بظهور كتائب وجيوش وتنظيمات، من جنسيات متعددة، كنا نسمع بها فى العراق وسوريا والشيشان. لم تعد الرصاصة سلاحا وحيدا، فهناك قذائف ومضادات للطيران والدروع.

على الجانب الآخر يقف نظامنا السياسى الحالى غير مستعد للمباراة. يخوضها بمبالغات هزلية فى الإعلام، وتصريحات تحريضية عنترية للمسئولين، وعودة للقمع والتعذيب على يد الشرطة، وفشل كبير فى وقف العمليات الإرهابية.

سياسيا، ينقل الإعلام عن الزعيم الجهادى السابق أن الإخوان تنوى استخدام السلاح الكيماوى، ثم تتهم الجيش بذلك.

السلاح الكيماوى الذى كان موجودا فى رابعة؟.

يكفى أن نتحدث عن حقائق، وعن شبكات من الجهاديين الانتحاريين، تمتد من مروج سوريا، إلى مخابئ شمال سيناء.

وزير التضامن الاجتماعى، أعلن أمس الأول باسم حكومته الحرب على تيار الإخوان حتى يعود لرشده، «وإذا لم يَعُد سنقضى عليه تماما».

تماما؟.

إعلاميا، ربما نجح النظام فى تسويق الحرب على الإرهاب إلى جمهور التوك شو، لكنه لم ينجح فى إقناع العالم بأنها حرب على الإرهاب. معظم تحليلات الصحف الغربية تتحدث عن صراع السلطة بين الإسلاميين والجيش، وعن عنف متبادل بين ناشطين ودولة.

قانونيا، ينتمى آلاف المعتقلين فى هذه اللحظة إلى كل فصائل السياسة، وليس فقط إلى ذلك التيار الذى يهدده الوزير. شهادات التعذيب من شباب الثورة وراء القضبان تنهمر يوميا على مواقع الإنترنت، ويكفى منها شهادة الناشط خالد السيد، وهو ليس إسلاميا، وزوجته السيدة هدى محمود. من يعبر السلخانات التى يتحدث عنها خالد لن يخرج مواطنا شريفا، بل مجروحا وضائعا، وربما مشروع إرهابى غير مكترث.

والجهاديون، من أقصى الإخوان إلى أقصى كتائب الأقصى وداعش، لا توقفهم حدود إنسانية فى حربهم «المقدسة».

مرة أخرى: والناس؟.

سؤال لم يخطر على قلب أحد، فالثنائية مستمرة.

عسكر وإخوان. دولة وتيار إسلامى. جهاديون وكفرة، ولا وجود للناس.

تغريدة ساخرة عن إنفلونزا الخنازير ظهرت على توتير أمس، تلخص أسلوب الحوار السياسى فى اللحظة الراهنة. «إمبارح واحد إخوانى يطلع لنا يقول إنفلوانزا الخنازير دى غضب من ربنا على الانقلاب، والتانى يقول لك الإخوان هم السبب».

ما يجرى يؤسس لفاشية قد تضرب مصر لسنوات مقبلة، والخروج منه لن يكون إلا بالعودة لقواعد «الدولة» فى العمل، وليس بقوانين الفتوات والمطاردات والتصريحات النارية. يتوعد الإرهابى نظامنا وجنوده، فيتوعده الوزير بالقضاء على «التيار كله».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved