قلق الولايات المتحدة من الوجود الصينى والروسى فى القارة الإفريقية

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الأربعاء 12 فبراير 2020 - 11:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة The East Africa مقالا للكاتب Allan Olingo يعرض فيه ما كشفه الجنرال الأمريكى «ستيفن تاونسند» من تزايد فى التهديد الصينى والروسى لمصالح الولايات المتحدة فى القارة، وما وصفه الرئيس النيروبى لهذه المنافسة من حرب باردة جديدة على القارة.. نعرض منه ما يلى.

كشف جنرال بالجيش الأمريكى عن تفاصيل دقيقة عما تركز عليه القوى العظمى استراتيجيا وعسكريا فى إفريقيا، مما كشف عن قلق واشنطن من الصين وروسيا وتأثيرهم المتزايد فى القارة.
حذر قائد «القيادة العسكرية الأمريكية فى إفريقيا» ــ وهى وحدة تابعة للقوات المسلحة الأمريكية المسئولة عن العمليات العسكرية والعلاقات مع الدول الإفريقية ــ الجنرال ستيفن تاونسند، فى بيان أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، من أن تهاون موسكو وبكين مع الدول الإفريقية أعطى لهاتين القوتين الناشئتين الفرصة «لاقتناص الفرص وتوسيع نفوذهما عبر القارة».
وقال الجنرال تاونسند فى بيان له فى 30 يناير ألقاه أما مجلس الشيوخ إن أنشطتهم ــ روسيا والصين ــ القسرية والاستغلالية تقوض وتهدد استقرار العديد من الدول الإفريقية.
فأشار إلى أن الصين تتفوق على جميع منافسيها فى إفريقيا، حيث تقوم، من خلال بناء ميناء عسكرى ومنصات هبوط لطائرات الهليكوبتر، بتحويل أول قاعدة عسكرية لها فى إفريقيا فى جيبوتى إلى منصة لفرض قوتها.
***
كثفت الصين وروسيا الجهود المبذولة لجذب البلدان الإفريقية من خلال استضافة مؤتمرات استثمارية رفيعة المستوى فى عواصمها، فى حين أن كبار المديرين التنفيذيين المدعومين من الدولة يجولون عبر القارة لتوقيع اتفاقيات تجارية وعسكرية مع الدول الإفريقية.
فى أكتوبر العام الماضى، استضافت موسكو القمة الروسية ــ الإفريقية فى سوتشى، حيث حضرها 54 دولة إفريقية وأكثر من 43 رئيس دولة. كان هذا تقريبا بعد عام من استضافة بكين للمنتدى السابع للتعاون الصينى الإفريقى (فوكاك) فى بكين، فى سبتمبر 2018، حيث تعهدت، وهى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، باستثمارات تزيد قيمتها على 60 مليار دولار فى القارة.
تستضيف الولايات المتحدة أيضًا «منتدى الأعمال فى إفريقيا» والتى تسعى من خلاله مواجهة هذا التأثير المتزايد.
قال الجنرال تاونسيند «نحن نعلم أنهم يسعون إلى فتح المزيد من القواعد وإن استثماراتهم غير المربحة فى الموانئ البحرية فى شرق إفريقيا والجنوب الإفريقى تشارك فيها القوات العسكرية الصينية. هذه الموانئ البحرية الصينية ليست موانئ تجارية حقيقية؛ فهى أدوات لزيادة التأثير الجغرافى السياسى للصين فى جميع أنحاء القارة».
تبقى بكين أكبر منافس لواشنطن فى القارة. استثمرت الصين بكثافة فى مشاريع البنية التحتية الإفريقية، وتحتفظ حاليًا بـ 52 سفارة فى جميع أنحاء القارة، بزيادة قدرها 24 فى المائة منذ عام 2012.
قادت الصين أيضًا شركاءها فى مجموعة العشرين فى زيارات القارة الإفريقية على مدار العقد الماضى. فى السنوات السبع الماضية، باعت الصين أكثر من مليارى دولار من الأسلحة إلى إفريقيا.
فى عام 2017، زادت بكين من قوتها من خلال إرسال جنودها إلى أول قاعدة عسكرية لها فى إفريقيا، مما يؤكد زيادة قوتها الدفاعية. جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من زيارة رئيس دفاعها تشانغ وان تشيوان إلى نيروبى، حيث أجرى محادثات مع الرئيس الكينى أوهورو كينياتا وكبار المسئولين العسكريين.
ثم أرسلت الصين سفينتين حربيتين، إحداهما عبارة عن «حوض سفن نقل برمائى» يمكنه تحميل طائرات الهليكوبتر والقوات الخاصة ويمكنه التعامل مع الهجمات البحرية والإرهابية.
بعيدا عن جيبوتى التى تعد من أكبر المراكز الصينية فى إفريقيا، من المعروف أيضًا أن الجيش الصينى يقوم ببناء ميناء جديد فى السنغال، بالشراكة مع البحرية السنغالية، مما يمنحها موطئ قدم بحرى فى غرب إفريقيا.
***
روسيا، من ناحية أخرى، لا تزال موسكو من أكبر تجار الأسلحة فى القارة، حيث تبيع ما يقرب من 9 مليارات دولار من المعدات العسكرية للدول الإفريقية.
وقال الجنرال تاونسيند أمام لجنة الكونجرس أن «الشركات العسكرية الروسية الخاصة لها تأثير مزعزع للاستقرار فى إفريقيا، فتدعم الأنظمة الفاسدة وتأمن وجود عسكرى روسى واسع على مستوى العالم». وأضاف الجنرال تامنسيد أن استراتيجية الدفاع الوطنى الأمريكية تعطى الأولوية لمنافسة الصين وروسيا بسبب «حجم التهديدات التى يشكلونها على أمن الولايات المتحدة واحتمال زيادة تلك التهديدات فى المستقبل».
بعيدا عن تجارة الأسلحة، يقال إن موسكو تتطلع الآن إلى اتفاق مع صوماليلاند‎، لبناء قاعدة فى ميناء بيربرا. سيكون هذا بالقرب من المعسكر الأمريكى فى جيبوتى، والذى يبعد بضعة كيلومترات عن المعسكر الذى يديره الصينيون.
وتسعى روسيا أيضًا أن يكون لها مركز لوجستى بحرى فى إريتريا، وهو ما سيؤدى إلى تغيير الموقف الجغرافى للدول الثلاث فى القرن الإفريقى.. فستنضم إلى الصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وقطر كدول لها وجود عسكرى فى المنطقة، منتشرة عبر جيبوتى والصومال.
فأكد الجنرال تاونسيند أنه من الواضح أن الصين تعطى الأولوية لإفريقيا وروسيا ترى فرصة للحصول على موقع قوى فى الجوار الجنوبى لحلف الناتو، مضيفًا أن هاتين الدولتين ستضعفان النفوذ والوصول الأمريكى داخل القارة. ويتترد الجنرال قائلا إن المساعدات الاستثمارية والأمنية الفاسدة والاستغلالية التى تقدمها الصين وروسيا للقارة غالبا ما تسعى لتحقيق مكاسبهم بدلا من بناء قدرات أمنية إفريقية طويلة الأجل، وكثيرا ما تقوض أنشطتهم الشفافية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان فى القارة.
لطالما كانت المرونة الدبلوماسية والجيوسياسية للدول الثلاث مقيدة فى القارة، حتى بعدما أعربت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن عزمها تقليص وجودها العسكرى فى إفريقيا.
فى ديسمبر، اتضح أن وزير الدفاع الأمريكى مارك إسبير كان يدرس المقترحات الخاصة بتخفيض كبير، بما فى ذلك الانسحاب الكامل، لأعداد القوات الأمريكية فى غرب إفريقيا، وهو الأمر الذى تحفظ عليه غالبية أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكى مشيرين إلى أن «مثل هذا الانسحاب سيكون فى صالح كل من روسيا والصين».
فبكين أصبحت ثانى أكبر مورد للأسلحة للقارة، خلف الولايات المتحدة، تليها روسيا. وفقًا لمحللى الأمن، فإن سوق السلاح الإفريقية أصبح الآن ذا أهمية بالنسبة للصين، حيث كان يمثل ما يقرب من ربع صادراتها العسكرية العالمية فى الأعوام الثمانية الماضية.
أشار جوزيف ديمبسي ــ وهو باحث فى مركز «Military Balance»، وهو مركز أبحاث عالمى للدفاع ــ أن المعدات العسكرية الصينية تشكل ثلثى معدات القوات العسكرية الإفريقية. فالمعدات الصينية أصبحت أكثر تطورا. ويمكن إيصالها بأسعار منخفضة وبسرعة أكبر بكثير من غيرها.
قال الرئيس أوهورو كينياتا إن الدول الإفريقية يجب أن تكون حرة فى التعاون مع كل من الولايات المتحدة والصين، محذرا من أن القوى الأجنبية تزيد من حدة انقسامات القارة. وعبر عن قلقه بشأن العودة إلى عصر الحرب الباردة عندما كان على الأفارقة الاختيار بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلي:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved