الاســــــتبداد بأوغنــــــــــدا

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الأربعاء 12 مارس 2014 - 5:25 ص بتوقيت القاهرة

كتب موريتى موتيجا، محرر نيشن ميديا جروب مقالا بصحيفة نيويورك تايمز، ذكر خلاله أن ثناء الرئيس بيل كلينتون على القادة الأفارقة مثل الرئيس يورى موسيفينى رئيس أوغندا فى أواخر التسعينيات، لم يكن بدون مبرر. فقد كان موسيفينى، ومثله ميليس زيناوى فى إثيوبيا، قد وصلا إلى السلطة عبر انقلاب مسلح؛ الوسيلة المعتادة للوصول إلى السلطة فى أفريقيا خلال العقود الثلاثة الأولى من الاستقلال. وبعد انتهاء دورة من حكم الطغاة القتلة الغارقين فى انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالى، أثبت القادة الشباب أنهم يختلفون عن سابقيهم. وطرح كل منهم هياكل الحكم الرشيد، وترأس فترة التحولات الاقتصادية وجلب الاستقرار الذى كانت بلدانهم فى أمس الحاجة إليه.

•••

وأشار الكاتب لمقولة كلينتون فى غانا عام1988: «بعد مائة عام من الآن سوف ينظر أحفادكم وأحفادى إلى الوراء ويقولون كانت هذه بداية للنهضة الأفريقية» وأثنى على «جيل جديد» من القادة الأفارقة. ولكن كلينتون كان متسرعا فى حكمه. فإذا كان من أهم الاختبارات أمام الثوريين، قدرتهم على التخلى طوعا عن السلطة، فقد أثبت السيد موسيفينى والسيد ميليس، أنهما ليسا من نفس نسيج رجال الدولة مثل نيلسون مانديلا وجوليوس نيريرى فى تنزانيا الذين يقاومون إغراء أن يستمروا رؤساء مدى الحياة، أو من نسيج مبيكى الذى تنحى فى عام 2008 بعد خسارته معركة على زعامة المؤتمر الوطنى الأفريقى، ورولينجز، الذى تخلى عن منصبه فى عام 2001، ليصبح بذلك أول زعيم فى التاريخ الأفريقى استولى على السلطة بالقوة، يرضخ سلميا للعملية الديمقراطية. ومن ناحية أخرى لا يزال أفورقى وكاجامى، فى السلطة. أما الزعيم الأوغندى موسيفينى، الذى تعهد أن يتقاعد عام 2001، فقد ألغى قبل انتخابات 2006 تحديد مدة الرئاسة؛ ورشح نفسه لإعادة انتخابه مرة أخرى فى عام 2011. وكان الكثيرون يأملون أن تكون تلك الانتخابات الأخيرة له. ولكن موسيفينى 69عاما الآن يستعد للترشح مرة أخرى. وكما يفعل المستبدون غالبا، فهو يصور طموحاته باعتبارها استجابة لـ «إرادة الشعب». وفى 11 فبراير، قام تكتل أعضاء البرلمان من الحزب الحاكم، بمناشدة الرئيس «بشدة» للترشح مرة أخرى. ويمثل هذا نبأ سيئا بالنسبة لأوغندا وشرق أفريقيا. فقد كان تأثير الحكم الاستبدادى واضحا فى إضعاف مؤسسات الدولة، لما له من عواقب وخيمة على مواطنيها.

أضاف موتيجا، أنه وفقا لبيانات الأمم المتحدة، تعتبر أوغندا بلدا فقيرا؛ حيث بلغ دخل الفرد 598 دولارا فقط فى عام 2012. ومن شأن أى حكومة ناجحة فى مثل هذه الظروف أن تسعى إلى تسريع عملية الإنتاج التجارى للاحتياطات البترولية الضخمة التى اكتشفت فى البلاد عام 2006. ولكن مؤسسة الرئاسة، بدلا من ذلك، تحكم قبضتها على الأمر. وهكذا، ففى حين لا تزال أوغندا بعيدة عن تطوير صناعتها النفطية بشكل الكامل، بدأت غانا، التى تتمتع بحكم جيد نسبيا بالفعل الانتاج التجاري؛ على الرغم من أنها اكتشفت احتياطات البترول فى أراضيها بعد عام من اكتشاف أوغندا احتياطاتها. وفى الوقت نفسه، يواصل موسيفينى تطبيق قوانين لم يسبق لها مثيل فى الصرامة، بهدف خنق المعارضة الداخلية، بما فى ذلك قانون إدارة النظام العام الذى كان موضع سخرية كبيرة، وهو يشترط الحصول على إذن من الشرطة إذا اجتمع ثلاثة أفراد أو أكثر لمناقشة القضايا السياسية.

ثم أثار تساؤلاعما ينبغى عمله، وأوغندا تعتبر حليفا إقليميا رئيسيا لأمريكا، لعبت قواتها دورا حيويا فى الإطاحة بجماعة الشباب المتطرفة من العاصمة الصومالية مقديشو. غير أنه من المستبعد أن يحقق الضغط الشعبى على الزعيم الأوغندى الأثر المطلوب، بل يمكن أن يساعده على اللعب بورقة القومية لخدمة أجندته المحلية. وبدلا من ذلك، يجب على إدارة أوباما أن توضح، لموسيفينى أنه سيكون من الأفضل لمصالح أوغندا أن يشرف على الانتقال الديمقراطى، وأن العلاقات مع بلاده لن تظل كما هى إذا تمسك بالسلطة. وهناك سابقة. ففى كينيا، لعب سفير الولايات المتحدة فى نيروبى، جونى كارسون، دورا هاما فى حث الرئيس دانيال آراب موى على التخلى عن السلطة عام 2002، فى الوقت الذى كانت هناك محاولات لتعديل الدستور للسماح له بفترة رئاسية أخرى. ولكن بدلا من الضغط على موسيفينى كى يتنحى، تركز إدارة أوباما على انتقاد قانون مكافحة الشذوذ الجنسى، الذى قدمه موسيفينى لإرضاء مؤيديه. ويعتبر هذا التركيز من جانب واشنطن فى غير محله، ولن يخدم سوى أهداف زعيم أوغندا.

وفى نهاية المقال أكد الكاتب أن الأوغنديين وحدهم قادرون على التخلص من حكم موسيفينى طويل الأمد، ووقف تخلف بلادهم عن موجة التقدم التى تجتاح أفريقيا. وينبغى أن يهدد المجتمع المدنى والمعارضة بمقاطعة الانتخابات المقبلة ما لم تتحقق مجموعة من التغييرات؛ بما فى ذلك إنشاء لجنة انتخابية مستقلة ومحايدة، وتعديل القوانين التى تحد من حرية التجمع، وتقييد الإنفاق من موارد الدولة خلال الحملات الانتخابية. وكتب الرئيس موسيفينى بيانا فى أيامه الأولى التى كان فيها إصلاحيا، قال فيه إنه لن ينسى أبدا: «إن المشكلة فى أفريقيا بشكل عام، وأوغندا على وجه الخصوص، ليست الشعب، وإنما القادة الذين يريدون الاستمرار فى السلطة».. واليوم، يعتبر رفضه التنحى على الرغم من تزايد الفساد والاستبداد فى حكمه على نحو يقوض فرص ازدهار بلده أنانيا ومؤذ. وينبغى أن يدرك الرئيس موسيفينى أن اصراره على التشبث بكرسى السلطة طوال حياته، آخر ما تحتاجه بلاده وأفريقيا فى القرن الحادى والعشرين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved