ألاعيب نتنياهو!

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الأربعاء 12 مايو 2010 - 1:36 م بتوقيت القاهرة

 
ما كاد يرفع الستار عن مسرحية المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، وقبل أن تبدأ الخطوة الأولى فى لقاءات المبعوث الأمريكى جورج ميتشيل بأى من الطرفين، حتى كانت إسرائيل تعلق تكذيبًا رسميًا عما أكدته واشنطن من حصولها على ضمانات من إسرائيل بوقف البناء فى المشروع الاستيطانى فى القدس الشرقية.

بهذه البداية المريبة التى تعبر عن النوايا الإسرائيلية، لا تكتسب الضمانات الأمريكية التى قيل إن واشنطن قدمتها للرئىس الفلسطينى محمود عباس لإقناعه بالمفاوضات غير المباشرة، أى درجة من الصدقية تحمل على الاعتقاد بأن الوساطة الأمريكية سوف تستمر طويلاً بما يكفل تحقيق نتائج إيجابية فى غضون الشهور الأربعة.

وقد سارع نتنياهو لإصدار بيان رسمى يقرر فيه أن المفاوضات لابد أن تنتقل من «غير المباشرة» إلى «المباشرة» بأسرع وقت ممكن. وكأنه يتعجل انهيارها. خصوصًا أن المبعوث الأمريكى ميتشيل لم يحمل معه أفكارًا أو مشروعات جديدة ولا يبدو أن لديه خططًا للدخول فى صميم المفاوضات غير ما تريده إسرائيل حول الترتيبات الأمنية.

لقد وصف أحد الدبلوماسيين المبعوث الأمريكى بأنه عجوز جدًا وبطىء جدًا.. وهى صفات ربما تكون قد ساعدته على إنجاز الوساطة بين الأطراف المتصارعة فى أيرلندا. ولكن شتان بين النزاع الطائفى فى أيرلندا، وبين تعقيدات الصراع العربى ــ الإسرائيلى الذى تتصادم فيه أبعاد عنصرية وتاريخية واستعمارية، كما تؤججه انحيازات دولية وأساطير دينية. وقد بقى دور ميتشيل حتى الآن باهتًا غير محدد المعالم.

وبالرغم من الشكوك التى تحيط بهذه العملية، فإن موافقة الفلسطينيين ولجنة المتابعة العربية لم تجد أمامها بدًا من القبول بالوساطة الأمريكية لإجراء محادثات غير مباشرة، حيث لم يبق أمام العرب من سبيل غير ما يقدمه الرئيس الأمريكى أوباما من وعود، وما أظهره من تمسك بحل عادل للقضية الفلسطينية.

ويعلق العرب آمالهم على مقولة لم تثبت صحتها حتى الآن، تقول «أعطوا السلام فرصة» علما بأن مسيرة الفرص الضائعة والوعود الكاذبة والانتهاكات المستمرة من جانب إسرائيل لم تتوقف فى يوم من الأيام،. وهناك محاولات أمريكية سابقة شارك فيها الرئىس كلينتون شخصيًا قبل أوباما ولم تسفر عن شىء. غير أن الفلسطينيين الذين تخلوا عن أشياء وحقوق كثيرة لم يعد أمامهم غير التمسك بالوعد الأمريكى.

ويرى أنصار «أعطوا السلام فرصة» أنه حتى لو لم تسفر المفاوضات غير المباشرة إلا عن نتائج هزيلة، فإن الوساطة الأمريكية ستبقى شاهدا على ما تم التوصل إليه كأساس لعملية تراكمية يمكن البناء عليها.. غير أن تجربة أولمرت رئيس وزراء إسرائيل السابق مع أبومازن، والتى دامت نحو عامين من الاتصالات والمحادثات السرية، وقيل إنها حققت بعض التقدم لا يعرف أحد عنها شيئا ولم يفكر أحد فى البناء عليها.

من المؤكد أن عملية السلام مباشرة أو غير مباشرة، بوساطة أمريكية أم بوساطة أوروبية أو تركية يدعو إليها الفاشيون الجدد بقيادة الليكود أو حمائم حزب العمل.. لم تعد تجد من يصدقها أو يؤمن بفاعليتها. وباستثناء الحكام العرب والقادة الفلسطينيين، فإن الشعوب العربية لم تعد تثق فيها أو فى قدرتها على تحقيق السلام.. ولا فيما يقال عن وجود خطة سلام لأوباما يؤيدها الأوروبيون للتدخل بها فى حالة فشل المفاوضات غير المباشرة.

فى عمود سابق طالبت العرب والفلسطينيين بألا يصدقوا نتنياهو. وفى كل يوم يتأكد ذلك. ولن يمضى وقت طويل قبل أن تصبح هذه الحقيقة ساطعة كالشمس!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved