عندما تقرأ كتاباً

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: الأحد 12 مايو 2019 - 6:20 ص بتوقيت القاهرة

 

كنت قد أشرت في مقال سابق (بعنوان تجربة شخصية) عن سلسلة من المحاضرات حضرتها من مقعد التلميذ عن الصحافة العلمية، ولقد أعدت التجربة مرة أخرى هذا العام ولكنها المحاضرات المتقدمة هذه المرة وكما قلنا في المقال المشار إليه أنها سلسلة محاضرات وورش عمل مخصصة للأساتذة في الجامعة يقوم بالتدريس فيها أساتذة من قسم الصحافة وكتاب علميين من مجلات وجرائد مرموقة مثل النيويورك تايمز.

وكما استفدت في المرة الأولى استفدت في المرة الثانية، رغم ضيق وقتي استطعت أن استقطع بعض السويعات لكي أقوم "بالواجب" وكانت تتم مناقشة الواجبات المقدمة من الجميع أثناء المحاضرة التي تستغرق ثلاث ساعات، كان هناك أربع واجبات: الواجب الأول هو كتابة مقال عن أحد الأمراض السلوكية التي تصيب العلماء في القرن الواحد والعشرين بشئ من التفصيل (وقد تكلمنا عن شيء مشابه في مقال سابق)، الواجب الثاني كان الكتابة عن أحد الشخصيات العلمية التي تعاملت معها شخصياً، الواجب الثالث كان غريباً بعض الشئ لأنه كان يتضمن قراءة مقالات لأربعة من الكتاب ثم إختيار واحد منهم وكتابة مقال عن أحد الحوادث المثيرة في تاريخ العلم ولكن بأسلوب هذا الكاتب، الواجب الرابع هو ما نريد أن نتكلم عنه في هذا المقال فقد كان يتضمن كتابة نقد لكتاب علمي موجه للعامه يكون قد صدر العام الحالي 2019، نظراً لطول هذه المهمة لأنها تتطلب قراءة كتاب كامل فقد إختار كل شخص الكتاب من بداية المحاضرات ليتسنى لنا قراءته في وقت مناسب، هذا دفعني إلى أن أفكر في علاقتنا بالكتاب: كيف نقرأ وكيف نستفيد مما قرأناه.

 

السؤال الأهم الذي يجب أن تسأله لنفسك حين تمسك بكتاب في يدك لتقرأه هو ماذا تريد من هذا الكتاب لأن ذلك سيحدد طريقة القراءة، إذا كنت تريد التسلية والاستمتاع فقط فما عليك غير القراءة والاستمتاع، أما إذا كنت تقرأ لتكتب نقدأ (سلبياً أو إيجابياً) فيجب أن تركز على عدة أشياء منها هل موضوع الكتاب مهم في الوقت الحالي؟ هل الكاتب ألم بالموضوع إلماماً جيداً أم أغفل بعض النقاط؟ أثناء قراءتك للكتاب يجب أن تضع ملاحظات عما أعجبك ولماذا أعجبك وما لم يعجبك ولماذا لم يعجبك، هل وجدت معلومات غير دقيقة أو أخطاء؟ هل الكاتب مؤهل للكتابة في هذا الموضوع؟ 

كل هذه الأسئلة مهمة لأنك عندما تكتب نقداً لكتاب ما فإن هذا النقد يعتبر عملاً أدبياً قائم بذاته يحلل الكتاب ويطرح وجهة نظرك في الكتاب وتجربتك في قراءة هذا الكتاب وهذا يختلف تماماً عن كتابة تقرير عن الكتاب لأن التقرير مجرد معلومات عن محتوى الفصول وكفى.

قراءة كتاب لنقده تجعلك تستفيد منه ولكن ماذا لو كنت تقرأ الكتاب للاستفادة وليس لكتابة نقد؟

 

نفس الأسئلة التي ذكرناها عند كتابة نقد للكتابة تساعدك على تعلم شيئاً جديداً من هذا الكتاب ولكن نضيف عليها أسئلة أخرى: كيف يمكن ربط المعلومات الجديدة في هذا الكتاب بما أعرفه؟ كيف استفيد من هذه المعلومات الجديدة؟ يمكننا تشبيه ذلك بالدخول في مناقشة مع الكاتب لكل منكما وجهة نظره التي تختلف أو تتفق مع وجهة النظر الأخرى، يمكننا تشبيه ذلك بمؤلف ومخرج ومتفرج لكل منهم وجهة نظرة ورؤيته للعمل الواحد.

 

هناك كتاب يعتبر من الكلاسيكيات فقد صدر عام 1972 ومازال تأثيره قوياً إلى الآن، هو من تأليف الفيلسوف  مورتيمور جيروم أدلر (Mortimer Jerome Adler) وعنوانه بسيط جداً "كيف تقرأ كتاباً؟" وعنوان فرعي: الدليل للقراءة الذكية أو

 (How to Read a Book: The Classic Guide to Intelligent Reading)،

 وهو يعطي الكثير من النصائح تجعلك تستفيد من الكتاب وتقرأ ما بين السطور.

 

عندنا في مصر نجاح مشروع مكتبة الأسرة والجهود المبذولة من قبل المركز القومي للترجمة والمجلس الأعلى لقصور الثقافة يجعل الحصول على الكتب سهلاً فما عليك إلا أن تمسك كتاباً وتقرأ، العدد الكبير من الناس الذين رأيتهم في معرض الكتاب هذا العام رغم بعد مكان المعرض دليل على إقبال الشباب على القراءة وهذا جميل، ماذا لو أكثرنا من نوادي الكتاب التي تختار كتاباً كل شهر وتناقشه؟ ويمكن تسجيل هذه المناقشات ورفعها على الإنترنت ليستفيد الجميع.

 

القراءة هي أول خطوة نحو مجتمع علمي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved