عن وباء كورونا وتعامل «العرب» معه:
طلال سلمان
آخر تحديث:
الثلاثاء 12 مايو 2020 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
هى جرثومة صغيرة، تكمن داخل الداخل من الجسد البشرى فلا تُرى إلا عندما تبدأ الآلام المبرحة فى افتراس ضحيتها.. إلا إذا أنقذها الطب مشفوعا بدعاء الأهل وصلواتهم.
ولقد فتكت هذه الجرثومة القادرة على قتل الملايين فى أربع جهات الأرض، بآلاف مؤلفة من المواطنين العرب فى المشرق: السعودية، الإمارات، سلطنة عمان، الكويت، العراق، سوريا ولبنان – وإن بنسبة أقل – ثم مصر وتونس والمغرب والسودان – أما ليبيا فتفتك بها مجموعة الحروب التى يكاد يشارك فيها العالم من تركيا إلى إيطاليا ومن الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتحاد الروسى.. إلخ!
إنها جرثومة صغيرة، ولكنها خلخلت النظام الصحى فى العالم، وكادت تتسبب فى حروب عالمية (بين أمريكا ترامب والصين) وقتلت مئات الآلاف، فى حين يخضع ملايين الناس لعلاج مفتوح لن يخلو من الضحايا.
ما يعنينا هنا هو غياب التضامن الإنسانى وتبادل الخبرات التى تساعد، لا بد، فى العثور أو فى اكتشاف دواء أو أدوية تحمى الحياة البشرية وتنقذ الضحايا المحتملين.
لكأنما بات العالم جزرا متباعدة، كل جزيرة تهتم بنفسها بغض النظر عما يصيب الآخرين نتيجة انتشار هذا الوباء فى أربع رياح الدنيا.
***
ما يعنينا، هنا، أن الدول العربية قد تباعدت كأنما لتحمى نفسها من الفيروس القاتل: لم يحصل أى تبادل للمعلومات التى قد تسهل معالجة هذا الخطر الداهم، بل طوت كل دولة معلوماتها وكأنها سر حربى.
إنها الحرب! والبعض يعتبرها حربا على الجنس البشرى، خصوصا أن هذا الوباء قد ضرب العالم كله: الصين ودول أوروبا الغربية جميعا، إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا والسويد والدانمارك، فضلا عن دول أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الأميركية وغرور رئيسها دونالد ترامب الذى حاول التنصل من مسئولياته فاتهم الصين «بتصدير» هذا الوباء إلى بلاده.. لكن سفير الصين فى واشنطن رد عليه بأنه قد أعلن حقيقة الوضع فى الصين، ومدى انتشار الوباء وتدابير الوقاية عبر الحجر المنزلى وارتداء الكمامات فى الأيام الأولى من هذا العام، وذلك عبر وسائل الإعلام الأميركية، لكن ترامب يتنصل من مسئولياته ويحاول رمى التهمة على.. الأبعد، أى الصين.
***
ما يعنينا هنا أن «العرب» عبر دولهم، قد تصرفوا عبر قاعدة «يا رب نفسى» ولم تحاول أية حكومة سؤال «شقيقتها» عن الأوضاع لديها، وهل يمكنها المساعدة، أقله بالخبرات المكتسبة فى مقاومة الفيروس القاتل طلبا لوقف اجتياحاته، أو المساعدة على شفاء ضحاياه.
اختفت جامعة الدول العربية بمؤسساتها جميعا، لا سيما تلك التى تهتم بصحة «الرعايا» الخاضعين للحكومات المنضوية تحت لوائها.
أقفلت الدول العربية حدودها على نفسها، بذريعة منع انتشار العدوى وعالجت كل دولة مرضاها بما تيسر من أسباب العلاج، ولم تتبادل الخبرات مع الأشقاء، بل أن بعض هذه الدول اعتبرت الوباء «سرا حربيا» يمنع نشره أو الإشارة إليه.
أما مساعد وزير الخارجية الأميركى لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شانكير فقد اعتبر «حزب الله» فى لبنان مسئولا عن كل ما يصيبه: من التعثر الاقتصادى بسبب فوضى الإنفاق لمصالح الطبقة الممتازة، إلى فشل الحكومات المتمادية فى تأمين الاستقرار النقدى والحد من تغول الدولار الذى التهم العملة اللبنانية وحامليها..
إن أبناءنا هم رأس مال مستقبلنا، ومن حقهم أن يعيشوا أفضل مما عشنا، أى أصحاء، يحققون طموحنا إلى غد مشرق يعوضنا دهور الفقر وإذلال الأجنبى والاحتلال الإسرائيلى الذى يتوسع كل يوم، إلى ما بعد فلسطين، حتى يتمكن من فرض إرادته على العرب مجتمعين، وإعادتهم إلى الجاهلية والصراعات العبثية على النفوذ بينما إرادتهم مرتهنة للأجنبى ومعه الاحتلال الإسرائيلى وحكومات العجز والفساد.
***
إن الوباء حليف العدو، بالأصل كما بالضرورة.
والتساهل مع الوباء، أو النقص فى العلاج، يعنى الإضرار بسلامة الشعب، وهو ــ بالتالى ــ خدمة للعدو.
وقديما وقبل تقدم الطب وإنجاز العلم الأدوية الشافية لمختلف الأمراض المعدية، كان الأهل يعالجون الأوبئة بالأحجبة والأعشاب التى كانت تساعد على الشفاء غالبا، وبفضل تجربة الصح والغلط.
أما اليوم فالعلم هو المرجع الأول والأخير..
ادرسوا الأوبئة والأمراض وابتدعوا لها العلاج الشافى، من دون أن يعنى تسفيه تجارب الأقدمين ووصاياهم.
فالداء، باسمه الحالى، كورونا، جديد، كما تدل المفاجأة التى أظهرها العالم مع انكباب العلماء على الدراسة والفحص والعودة إلى العلم لإنتاج الدواء الشافى.
كُتبت لكم السلامة من قبل ومن بعد.