هذا المزيج الصحفى المدهش!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 12 مايو 2020 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

** الانتصارات الكبيرة والانكسارات الكبيرة ظلت لعقود مادة خصبة لإثراء الصحافة، ومع الحرب العالمية التى تخوضها البشرية ضد فيروس كوفيد 19 الخسيس، وجدت الصحافة بصورتها التقليدية القديمة، ووجدت الصحافة الأخرى بصورتها الحديثة، تويتر، فيس بوك، إنستجرام وكل مواقع التواصل، وجدت الصحافة عموما فى تلك الحرب مادة خصبة لإبلاغ الناس بما يجرى.
** الصحافة البريطانية الورقية والإلكترونية تقدم يوميا مزيجا مدهشا بين القراءة التقليدية، البطيئة والهادئة، وبين القراءة السريعة التى تسابق فيها الأخبار والقصص الزمن وهو ما يبقى الصحافة حية هناك.
** فى بعض الصحف البريطانية مثل الجارديان هناك على موقعها الإلكترونى فى لحظة كتابة هذا المقال مجموعة أخبار وصور نشرت منذ دقيقة تتعلق بتوجيه أمر إلى موظفى البيت الأبيض بارتداء الأقنعة، وخبر يقول إن منظمة الصحة العالمية تحث على «اليقظة الشديدة» مع انتهاء عمليات الإغلاق، وخبر يقول إن روسيا تخفف القيود على الرغم من الحالات القياسية لفيروس كورونا.
وتصريح أطلقه الطبيب أنتونى فوشى كبير خبراء الأمراض المعدية فى الولايات المتحدة من أن إعادة فتح الاقتصاد الأمريكى قبل الأوان من شأنه أن يسبب «معاناة»، وخبر آخر يقول إن الولايات المتحدة شهدت أكثر من 80 ألف حالة وفاة، وكل هذا كان خلال فترة زمنية قدرها دقيقة واحدة وعند الانتهاء من كتابة هذا السطر الأخير كانت تلك الأخبار وغيرها قد مضى عليها دقائق.
** الصفحة نفسها تضمنت قصة خبرية أخرى نشرت قبل 28 دقيقة من الصين تقول إن إنتاج المصانع تراجع إلى أدنى مستوياته فى أربع سنوات، مع معاناة الشركات من الدمار الاقتصادى الذى سببه فيروس كورونا على الاقتصاد العالمى، والصفحة نفسها تضمنت قصة خبرية أخرى من اليابان نشرت قبل 30 دقيقة عن انخفاض الأرباح التشغيلية لشركة تويوتا للسيارات بنسبة 79.5٪ فى هذا العام بسبب أزمة كورونا، ورفضت شركة السيارات اليابانية العملاقة إعطاء توقعات أرباح صافية للسنة المالية حتى مارس 2021 لكنها أشارت إلى أن تأثير الأزمة على أعمالها كان واسع النطاق وكبيرا وخطيرا وتتوقع ربحا قدره 4.6 مليار دولار.
** الأخبار بها تفاصيل طويلة ومهمة، لكنها متوالية، وكل دقيقة تنفجر الأخبار والقصص، وهناك عشرات منها ومتنوعة، وتضاف كل فترة زمنية مجموعة أخبار جديدة تغطى جميع المجالات والأنشطة الإنسانية، فقد ذهبت الصحيفة الورقية إلى قارئها فى موعد طباعتها وتوزيعها المقرر، دون أن تتضمن بالضرورة تلك الأخبار العاجلة.
** أخبار وتحقيقات وقصص النسخة الورقية فيها المختلف قليلا أو كثيرا عن النسخة الإلكترونية، والمهم أن حديث الساعة والدقيقة والحديث الأول والثانى والثالث هو كل ما يتعلق بأزمة كورونا، وتلك الحرب التى تخوضها البشرية ضد الفيروس تكفى وحدها لإصدار جريدة أو لملء موقع الجريدة الرسمى بأعداد كبيرة من القصص والأخبار، وهذا مع خدمة فيديو مصورة وخدمة إذاعية صوتية تقدم للقارئ أو للمتلقى الذى يتابع الجارديان، ومن ذلك سؤال عن فقدان حاسة التذوق والشم لمن يصاب بكورونا وأسباب ذلك علميا وطبيا.
** المزيج بين صحافة الورق وصحافة العصر وتقديم صياغات فى الصحافتين فيها الخيال والإبداع اللغوى، وراء بقاء بعض من الصحافة فى العالم حية وقادرة حتى الآن على منافسة مواقع التواصل الاجتماعى، وبالطبع هناك صحف كبرى عانت وتعانى على جميع المستويات ورقيا وإلكترونيا وإعلانيا وماديا، لكن المحاولة لم تتوقف والسباق لم يتوقف، والسلاح المستخدم هو الدقة والسرعة فى الخبر، والصياغة الجدية والجيدة، وليس مجرد إلقاء خبر مبهم غير مدقق مسنود على عنوان غامض أو مثير..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved