أفضل أنواع الزكاة الآن

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 12 مايو 2020 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

«عثمان بن عفان» ثالث الخلفاء الراشدين هو الذى أنفق من ماله فى تجهيز جيش العسرة، ولذلك قال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ما ضر بن عفان ما يفعل بعد اليوم، افعل ما شئت يا عثمان، فقد رضى الله عنك».
جيش العسرة هو الذى خاض معركة أو غزوة تبوك، وهى آخر الغزوات التى خاضها الرسول «ص»، وكانت ضد الرومان وجيشهم ٤٠ ألف مقاتل، مقابل جيش المسلمين ٣٠ ألف مقاتل. الرسول دعا المسلمين لتجهيز الجيش فاستجاب كثيرون أبرزهم أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب، لكن عثمان بن عفان، جهز بمفرده ثلث الجيش بـ٩٥٠ بعيرا وألف دينار ألقاها فى حجر الرسول الذى قال: «ما ضر عثمان من عمل بعد اليوم». وقال أيضا من جهز جيش العسرة فله الجنة، فى تأكيد للمكانة التى حازها سيدنا عثمان فى الدنيا والآخرة.
فى تفاسير كثيرة لهذا الحديث، أن من يحج بيت الله يغفر الله له ما تقدم من ذنبه، أما من ينفق فى سبيل الله فيغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه. والإنفاق فى وقت الأزمات والعسرة يجعل الإنسان مستجاب الدعاء، ويدخل الجنة.
السؤال لماذا بدأت هذه البداية بالحديث الشريف؟!.
الإجابة هى أن المجتمع المصرى، بل وكل المجتمعات فى العالم، أشد ما تحتاج هذه الأيام إلى تطبيق جوهر هذا الحديث الشريف، فى ظل ما يواجهه العالم من عسرة وشدة ومشاكل وأزمات اقتصادية طاحنة بفعل تداعيات انتشار فيروس كورونا.
نعلم جميعا ما حاق بغالبية بلدان العالم، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها من آثار بفعل كورونا، الولايات المتحدة وهى أغنى دولة فى العالم، قررت صرف حوالى ٣ تريليونات دولار كحزم تمويلية للشركات والأفراد الذين تضرروا من الفيروس. والحكومة المصرية قررت صرف أكثر من ١٠٠ مليار جنيه لهذا الغرض، وأعلنت عن مساعدات أخرى لقطاعات متضررة، والأمر نفسه فعلته كل أو معظم الدول المتضررة.
لكن ما هو مؤكد أنه مهما كانت قيمة المساعدات التى تقدمها الحكومات، فى غالبية دول العالم، فإنها غير كافية لمواجهة الآثار الصعبة التى نتجت عن انتشار الفيروس، خصوصا على العمالة اليومية غير المنتظمة والعاملين بالسياحة وكل قطاع تضرر من هذا الفيروس.
من أجل كل ذلك، فإن عددا كبيرا من رجال الدين المستنيرين، أفتوا بأن أفضل ما يمكن أن يفعله الأغنياء والمقتدرون هو أن يوجهوا زكاتهم وتبرعاتهم للمتضررين من الفيروس، سواء كانوا عمالة غير منتظمة، أو أى شخص أو قطاع متضرر.
نعلم أنه وبسبب كورونا، وإغلاق المطارات، ومنها المطارات السعودية، فلم يعد هناك موسم للعمرة، بل لم تعد هناك صلوات سواء فى الحرم المكى أو المدينة، أو أى أماكن دينية للمسيحيين أو اليهود، وهناك احتمالات ألا يكون هناك موسم للحج، أو يكون بأعداد رمزية قليلة جدا.
كثير من المستنيرين يقولون، ولماذا لا يقوم من كانوا ينوون أداء العمرة أو الحج بتوجيه هذه الأموال للمحتاجين؟.
هذا رأى موضوعى وصائب، ويوافق صحيح الدين. لكن علينا ألا ننسى أن نوجه الكلام أيضا للجميع، فلا يجب أن نطلب من المعتمر، أو الحاج، مساعدة الفقراء، ونتجاهل من كان يريد السفر للسياحة أو اللهو أو إنفاق أمواله فى أى مجال. هذه الفئة عليها أن تتبرع أيضا لنفس الغرض.
نعيش ظروفا صعبة واستثنائية، وبالتالى فالمرحلة تحتاج تصرفات وإجراءات استثنائية، ألف باء التبرعات الإنسانية والخيرية أنها طوعية، وليست ناتجة عن قهر وإجبار وإلزام.
كثير من المصريين يتبرعون للخير، لكن الأمر يحتاج إلى حملات توعية، لكيفية واتجاه التبرع ومن يحتاج اليه أكثر من غيره.
بعض المصريين لا يعرفون أولويات العمل الخيرى. فى أحيان قد يكون التبرع الأفضل لدور العبادة، وفى أحيان كثيرة، قد يكون التبرع أفضل للمستشفيات والجمعيات الخيرية، لكن وفى كل الأحيان فإن أفضل أنواع التبرع والمساعدة، هى مساعدة الفقراء والمحتاجين، خصوصا فى أوقات الأزمات.
وسائل الإعلام بكل أنواعها عليها دور مهم فى توجيه القادرين على فعل الخير فى الطريق الصحيح، خصوصا هذه الأيام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved