العنصر الغائب في عمليات مكافحة الإرهاب بإفريقيا

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الخميس 12 مايو 2022 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Real Clear Defense مقالا بتاريخ 3 مايو للكاتب مايكل روبن يرى فيه أن الاستراتيجية الأمريكية فى مكافحة الإرهاب من خلال الطائرات بدون طيار غير كافية للقضاء على الإرهاب فى أفريقيا، فالمشكلة الرئيسية التى يطرحها الكاتب هى عدم تأمين مخازن الأسلحة التابعة للحكومة، وبالتالى سرقة المتمردين والإرهابيين للأسلحة التى ترسلها أمريكا والاتحاد الأوروبى للدول الأفريقية... نعرض من المقال ما يلى.
أثبتت هجمات 11 سبتمبر لمجتمعات الاستخبارات والدفاع أنه لم يعد ممكنا تجاهل أفريقيا. فعلى الرغم من أن أفغانستان كانت مصدر الهجمات، إلا أن تهديدات الدول الفاشلة والأقاليم غير الخاضعة للحكم كانت كبيرة. بعد هجمات 11 سبتمبر بوقت قصير، أنشأ البنتاجون قوة العمل المشتركة الموحدة فى القرن الأفريقى فى جيبوتى؛ وهى فرقة عمل مشتركة تابعة للقيادة العسكرية الأمريكية فى أفريقيا (أفريكوم). أعطى الرئيس باراك أوباما الضوء الأخضر لإنشاء قاعدة فى النيجر، حيث أصبحت الضربات الجوية التى تشنها الطائرات بدون طيار هى جوهر استراتيجيته فى مكافحة الإرهاب. بعد سحب ترامب للقوات الخاصة من الصومال، أصبحت الضربات الجوية للطائرات بدون طيار هى السلاح الرئيسى للولايات المتحدة فى مواجهة الإرهاب فى أفريقيا.
القضية فى أفريقيا ليست نشر القوات من عدمه، فهذا لا يعكس المحفز الرئيسى للإرهاب؛ ألا وهو انتشار الأسلحة. كانت مالى فى يوم من الأيام من بين أكثر الدول ديمقراطية فى أفريقيا، على الرغم من أنها كانت من بين أفقر دول العالم. لم يكن العقد الأخير جيدا لمالى؛ فالدولة عانت من ثلاثة انقلابات عسكرية وحرب أهلية. لم يكن انقلاب عام 2012 ضد أمادو تومانى تورى، آخر رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد، فى الوقت الذى قامت فيه الحرب الأهلية الليبية من قبيل المصادفة. فمع انهيار حكم الرئيس الليبى معمر القذافى، داهم المسلحون الليبيون مخابئ الأسلحة الحكومية. لم يستخدم المتمردون هذه الأسلحة ضد أهداف محلية فحسب، بل قاموا بإغراق أسواق غرب أفريقيا والساحل بها... ضرب الديمقراطية فى مالى لم يكن إلا أضرارا جانبية.
تحولت مالى بسرعة لتصبح القاعدة وليس الاستثناء. منذ عام 2020، حدثت انقلابات ناجحة فى بوركينا فاسو وغينيا والسودان، ومحاولات انقلاب فى جمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا بيساو، وامتدت التهديدات للدول الكبيرة فى القارة.
إريك بيرمان، الذى كان حتى وقت قريب مدير مشروع مسح الأسلحة الصغيرة ــ وهو مشروع بحث مستقل موجود فى المعهد العالى للدراسات الدولية والتنموية فى جنيف بسويسرا ــ كتب فى سبتمبر 2021 تقريرا عن تأثير الإدارة الضعيفة للذخائر فى حوض بحيرة تشاد على انتشار الحركات المتمردة فى المنطقة. ووجد أن الأسلحة التى استولت عليها جماعة بوكو حرام من مخازن الدولة ضخمة للغاية. لم يستول المتمردون والإرهابيون فقط على الأسلحة الصغيرة، بل استولوا أيضا على أسلحة ثقيلة ومدرعات تبرع بها الاتحاد الأوروبى. ووجد أن «كمية الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ــ التى تم تصنيع الكثير منها أيضا فى الاتحاد الأوروبى ــ كبيرة جدا لدرجة أنها تدعم التمرد لأكثر من عقد من الزمان». بيرمان لا يبالغ، فالمتمردون والإرهابيون داهموا مستودعات الأسلحة، ليس فقط فى نيجيريا، ولكن أيضا فى الكاميرون وتشاد والنيجر. الفساد مهم أيضا؛ ففى وقت سابق من هذا العام أظهرت البيانات فى نيجيريا أن الشرطة لا تسيطر على أكثر من 88 ألف بندقية من طراز أى كى ــ 47.
ببساطة، لن يمكن أى قدر من الطائرات بدون طيار أو مبيعات الأسلحة الحكومة النيجيرية ودول حوض بحيرة تشاد من هزيمة بوكو حرام طالما أن الدول المتلقية غير قادرة على تأمين أسلحتها. وفى الوقت نفسه، فإن إرهاب وتمرد بوكو حرام يهددان الاستقرار والازدهار المحتمل لدولة أفريقيا الأكثر اكتظاظا بالسكان، وسيتردد صدى انهيارها فى جميع أنحاء أفريقيا وأوروبا.
أكد الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتونى بلينكن مرارا وتكرارا أن الدبلوماسية قد عادت فى إدارتهم. تشتهر المنظمات التى تمولها الولايات المتحدة مثل HALO Trust وMAG International بعمليات إزالة الألغام، لكن لديهم أيضا خبرة كبيرة فى تأمين الأسلحة والذخيرة ومنع وصولها للمتمردين أو تخزينها بشكل غير سليم وسط المدنيين.
تكلفة الصاروخ الواحد من الطائرات بدون طيار قد تصل إلى 150 ألف دولار، وتزيد الصيانة والوقود وأنظمة التوجيه عبر الأقمار الصناعية للطائرات بدون طيار من تكلفة مكافحة الإرهاب باستخدام الطائرات بدون طيار. بينما تستطيع الطائرات بدون طيار الوصول إلى الأهداف فى بيئات صعبة سواء دبلوماسيا أو جغرافيا، فإن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا يتجاهل تكاليف الأضرار الجانبية.
ضربات الطائرات بدون طيار لن تتمكن من القضاء على الإرهاب إذا استمرت الجماعات المسلحة فى تسليح نفسها من مخازن الأسلحة غير المؤمنة التابعة للحكومة. ربما حان الوقت للبيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون تقديم المزيد من الدعم لتأمين الأسلحة فى نيجيريا والساحل. فى حين أن المشكلات الإقليمية معقدة ولا توجد صيغة سحرية لحلها، فإن البدء بتطبيق هذه السياسات فى الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا قد تساعد بايدن وبلينكن على الوفاء بوعودهما وإنهاء الحروب التى لا نهاية لها.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved