إسرائيل صديقة لمعادي السامية!

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الجمعة 12 مايو 2023 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب إيان بروما، يقول فيه إنه توجد قواسم مشتركة بين اليمينية الأوروبية وبين الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة ــ مثل تأييد القومية العرقية. بعبارة أخرى، يرفض الطرفان العولمة ــ بمعنى فرض حدود مفتوحة ومحو الهويات الوطنية ــ وهو ما يفسر سر التقارب بين تل أبيب وبين المجر المعروفة بمعاداتها للسامية... نعرض من المقال ما يلى:

غالبًا ما يشير كل من رئيس وزراء المجر أوربان، والرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب إلى دعمهما لإسرائيل حتى يُبرهنا أنهما ليسا معاديَين للسامية. إذ قال ترامب فى أكتوبر بافتخار: «لا يوجد رئيس قدم لإسرائيل أكثر مما قدمت لها». ومن جانبه، استشهد أوربان بإسرائيل والمجر باعتبارهما «نموذجين لمجتمعات محافظة ناجحة». ولكنه قال أيضًا أن المجريين «لا يريدون أن يصبحوا شعوبًا من أعراق مختلطة».
ولكن فى البيئة السياسية الحالية، لا يعتبر كونك مؤيدًا لإسرائيل ومعاديا للسامية فى نفس الوقت تناقضًا. إذ فى الواقع، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والأعضاء الأكثر راديكالية فى حكومته وبين الشخصيات القومية اليمينية فى أوروبا، والولايات المتحدة ممن تحالفوا معها.
وعلى أى حال، فإن السياسيين الإسرائيليين من اليمين المتطرف، لديهم انتماء عرقى ــ قومى، شأنهم فى ذلك شأن أوربان. فعلى سبيل المثال، ينظر وزير الأمن القومى، إيتامار بن غفير، إلى الهوية الوطنية من منظور عرقى، ودعا إلى طرد المواطنين الفلسطينيين الإسرائيليين المشتبه فى «عدم ولائهم» للدولة اليهودية. ومَثله الأعلى هو مئير كهانا، الحاخام المتطرف الذى شبه التعايش مع الشعب الفلسطينى بـ«التعايش مع السرطان».
فهل من المستغرب إذن أن يزيد شعور اليهود الليبراليين فى جميع أنحاء العالم بعدم انتمائهم لإسرائيل تحت قيادتها الحالية؟ لقد قال عضو الكونجرس الديمقراطى، جيك أوشينكلوس، فى الآونة الأخيرة، أن ناخبيه اليهود يختلفون فى العديد من القضايا لكنهم متحدون فى قلقهم من أن إسرائيل تتجه نحو «ديمقراطية غير ليبرالية». ومن المؤكد أن بعض هذه التوترات يمكن أن تُعزى إلى الخلافات السياسية. إذ ترفض الحكومة الإسرائيلية الآراء الليبرالية التى يؤمن بها العديد من اليهود المغتربين. ولكن الانقسام المتزايد يعكس أيضًا تحولًا أعمق.
• • •
على مَر تاريخ أوروبا، اقترنت القومية العرقية بمعاداة السامية، وفى بعض النواحى، ساعدت فى تعريفها. إذ اتهم فيلهلم الثانى، وهو آخر إمبراطور ألمانى، الذى تأثر بالبريطانى هوستون ستيوارت تشامبرلين، المعادى للسامية، الولايات المتحدة وبريطانيا بـ«انتهاجهما للسياسة اليهودية». وعلى عكس هذين البلدين، اللذين يرى «فيلهلم» أن المال هيمن عليهما، وأنهما كانا يمنحان الجنسية لأى شخص يرغب فى الدفع مقابل ذلك، من المفترض أن جذور جميع الألمان الحقيقيين تعود إلى وطنهم الأصلى. وشاطر أدولف هتلر هذا الرأى بالطبع.
وفى حين أن العديد من الأوروبيين والأمريكيين المعادين للسامية ينظرون إلى اليهود على أنهم بلاشفة بالفطرة، فإن الشكوك تجاه الشعب اليهودى لم تراود اليمينين فقط. إذ لم يعتمد جوزيف ستالين أيديولوجية «الدم والتربة»، ولكنه ما زال يعتبر اليهود «كوزموبوليتيين بلا جذور»، ويرى أن ولاءهم كان دائمًا موضع شك.
وغالبا ما يربط معادو السامية «الكوزموبوليتية» اليهودية بالطابع متعدد الأعراق للمجتمع الأمريكى. وكان هذا التحيز مرتبطًا فى كثير من الأحيان بمناهضة الرأسمالية، حيث كان السعى وراء الثروة يعتبر سمة مميزة لكل من اليهود والأمريكيين.
إن الشعبوية الراديكالية، التى غالبا ما يتسم بها أقصى اليمين، ولكن لا تستثنى اليسار المتطرف، هى جزئيًا استجابة للعولمة، وسلطة البنوك، والشركات متعددة الجنسيات، والمؤسسات فوق الوطنية، والتدفق الحر لرأس المال. إذ مرة أخرى، أثارت المخاوف واسعة النطاق من اكتساح هذه التيارات العالمية شوقا للقادة الذين يقدمون وعودا بإعادة السلطة إلى «السكان الأصليين»، والقضاء على نخب «العولمة» الفاسدة.
ومنذ وقت ليس ببعيد، كان القادة الشعبويون المتطرفون يصفون هؤلاء الأشرار المناصرين للعولمة على أنهم أمريكيون ويهود. ومع ذلك، تحت تأثير ترامب ومعاونيه، أصبحت الولايات المتحدة نفسها منارة للأشخاص الرجعيين فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك قادة إسرائيل الحاليون.
ومع أن الصهاينة الأوائل سعوا إلى إقامة دولة إسرائيل كوطن لليهود، إلا أنه لم يكن مقصودًا أن تقتصر على اليهود. فاليهود الذين وصلوا إلى إسرائيل وجعلوها موطنًا لهم لم يكونوا من مواطنى هذه الأرض، وفقط اليهود الأرثوذكس المتدينون يعتقدون أن الله قد أعطاهم إياها. ووُلد كاهانا، الذى كان يعتقد ذلك بالتأكيد، بالفعل فى بروكلين، نيويورك (وفى عام 1990 اغتيل فى مانهاتن). ويشاطره الرأى إلى حد كبير المسيحيون الإنجيليون فى الولايات المتحدة الذين يعتقدون أن اليهود هالكون ما لم يعتنقوا المسيحية عندما يحين موعد نهاية العالم.
وفى مؤتمر العمل السياسى المحافظ (CPAC) الذى عُقد العام الماضى فى دالاس، تكساس، التقى أوربان الذى كان المتحدث الرئيسى فى المؤتمر بالسياسى يشاى فليشر، وهو أحد المعجبين به وزميله فى إلقاء الخطاب، والمتحدث الدولى باسم المستوطنين اليهود فى الخليل. وبعد أن نشر فليشر تغريدة ألحق بها صورة سيلفى تجمعه مع أوربان، سُئل عن معاداة رئيس الوزراء المجرى المزعومة للسامية، فأجاب بأنه لا يكترث لذلك!
وقال فليشر أنه لم يكن «يهوديًا مغتربا»، بل كان إسرائيليًا. وبصفته «زميلًا فى السيادة»، اعتبر أوربان حليفا فى الكفاح لواجهة «الأجندة العالمية التى تسعى إلى فرض حدود مفتوحة ومحو الهويات الوطنية». ولا يمكن وصف الصدع المتنامى فى العلاقات بين إسرائيل والشتات اليهودى بصورة أفضل.

النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved