مصرية «تيران وصنافير» تتحدى الجيولوجيين

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 12 يونيو 2017 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

يجتهد الزملاء فى عدد من الصحف والمواقع الإخبارية، وينشط بعضهم هذه الأيام فيما يشبه المنافسة، لإثبات عدم مصرية جزيرتى تيران وصنافير، بالتزامن مع بدء اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التى تنازلت الحكومة بمقتضاها عن ملكية الجزيرتين لصالح المملكة، وراح نفر يستعين بالوثيقة الفلانية أو تلك العلانية، وآخر يستشهد برأى هذا الخبير أو خرائط ذاك، لتسويق بضاعة راكدة للرأى العام تسلب الجزيرتين هويتهما المصرية.
ولأن الأحكام القضائية عنوان الحقيقة كما هو مستقر ومتعارف عليه، نذكر ــ لعل الذكرى تفيد ــ هؤلاء الذى يسعون دائما لخدمة السلطان، أى سلطان، بأن هناك حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن تيران وصنافير مصريتان، لأن «المحكمة قد وقر واستقر فى عقيدتها أن سيادة مصر على جزيرتى تيران وصنافير، مقطوع بها، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضى المصرية أثر للسيادة المستقرة، وأن الحكومة لم تقدم أى وثيقة أو شيئا آخر يغير أو ينال من تلك السيادة المستقرة».
الحكومة التى منيت بهزيمة منكرة أمام القضاء وفشلت فى إثبات ما يبرر تنازلها عن الجزيرتين و«لم تقدم ثمة وثيقة أو شيئا آخر» تغير من حقيقة أن الجزيرتين مصريتان، صدرت فشلها إلى البرلمان علها تجد منفذا لتمرير اتفاقية سيلاحقها عارها عبر صفحات التاريخ، وسيظل المصريون من جيل إلى جيل يذكرون كيف تجرأت تلك الحكومة على تسليم أرض أجدادهم التى ضحوا بدمائهم دفاعا عنها للغير.
بعض الصحف استعانت بدراسات مجهولة المصدر، ولجأت صحف أخرى إلى خبراء زعموا أن الجيولوجيا تنحاز لسعودية الجزيرتين انطلاقا من أنهما جزء من إقليم الحجاز، وهى آراء إذا ما سلمنا بها علينا أن نتنازل عن سيناء لأنها تنتمى لقارة آسيا، بينما مصر إفريقية بـ«الجيولوجيا»، وهكذا علينا أن نفكك مصر قطعة قطعة لإرضاء أصحاب نظريات التفريط فى إرث الأجداد.
اليوم اختارت الحكومة الهروب بالمعركة وإلقائها فى حجر مجلس النواب، وسط انشغال إقليمى ودولى بالأزمة السياسية مع قطر فى قضية تمويل الإرهاب، وهى تراهن على ضجر جل المصريين من الحديث فى الشأن العام بعد أن ألهبت سياط رفع الأسعار المتتالى ظهورهم، ولم يعد لديهم رفاهية التفكير خارج صندوق تدبير لقمة العيش فى أيام شح معها الرزق، وضاقت بالناس الأحوال.
الجدل حاليا يدور حول سؤال: هل سيكون للنواب رأى مغاير للحكومة ويثبتون أن قرارهم مستقل فى إطار الفصل بين السلطات، أم نعود إلى زمن حزب الحكومة الذى يصوت لما يطلب منه، لا ما يقتنع به كل نائب، ونحن هنا لا نود التشكيك فى النوايا، لكن ننتظر أن يحتكم الجميع إلى ضميرهم الوطنى، وأن يضعوا فى الحسبان أنه ليس بعد التنازل عن الأرض ذنب، وأن التاريخ لا يعرف لغة المساومات، والتنصل من المسئوليات، فقد ترك الأجداد لنا مصر قطعة واحدة، وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
واختتم بأبيات من قصيدة للشاعر الكبير جمال بخيت يقول فيها:
«زى الأمل فى الحرية
زى الوشوش الخمرية
زى الفراعنة ولعنتهم
تيران وصنافير مصرية
...
زى المسلة فــــى ملكوتـها
والموميا عايشة فى تابوتها
وأحمُس اللى زرع قوتها
وفـاز بـشرف الجندية
تيران وصنافير مصرية».

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved