فى أول اجتماع لهما غدا.. 3 قضايا يجب على بايدن مناقشتها مع أردوغان

دوريات أجنبية
دوريات أجنبية

آخر تحديث: السبت 12 يونيو 2021 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتبة ميرف تهيروجلو والكاتب إريك إيدلمان، تناولا فيه أبرز 3 قضايا من المحتمل أن يناقشها بايدن مع أردوغان فى لقائهما على هامش قمة الناتو المقرر عقدها غدا، وذلك للضغط على الرئيس التركى لتغيير سياساته ودعم الديمقراطية.. نعرض منه ما يلى.
على هامش قمة الناتو غدا فى بروكسل، من المقرر أن يعقد الرئيس الأمريكى جو بايدن أول اجتماع له مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان. يأتى اللقاء فى وقت حساس لأردوغان، الذى تتأرجح بلاده على حافة أزمة اقتصادية وسياسية كارثية محتملة. ويجب على بايدن أن يستخدم ذلك لصالح الولايات المتحدة ولدعم الديمقراطية فى تركيا.
عندما يجلس الزعيمان سيكون هناك مجموعة من المواضيع التى تراكمت خلال السنوات الماضية وتشمل استحواذ تركيا على نظام الدفاع الصاروخى الروسى إس ــ 400، بالإضافة إلى جهود تركيا المقلقة والناجحة، قبل أسابيع فقط، لتخفيف رد فعل الناتو على العمل المروع للقرصنة الجوية عندما اُختطف ناشط الإنترنت رومان بروتاسيفيتش من قبل الدكتاتور البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو.
كان بايدن يتجاهل ويظهر كراهيته لأردوغان واصفا إياه بالحاكم المستبد. جاءت أول مكالمة هاتفية بينهما بعد ثلاثة أشهر من تنصيب بايدن وكانت فقط لإبلاغ الزعيم التركى بالقرار التاريخى وهو اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة الجماعية للأرمن عام 1915.
***
ساعد تجاهل بايدن فى خلق نفوذ على أردوغان، وجعله يسعى إلى بداية جديدة مع الرئيس الأمريكى فى بروكسل. وعلى هامش لقائهما يجب على بايدن استغلال الاجتماع لمناقشة 3 مسائل مع أردوغان للضغط عليه ولتغيير سياساته. على بايدن أن يوضح لأردوغان أن تركيا الاستبدادية لا تشكل تهديدًا لقيم الولايات المتحدة الأساسية فحسب، بل لأمن الولايات المتحدة أيضًا.
المسألة الأولى هى المحاكمات الجائرة لموظفى القنصلية الأمريكية فى تركيا. فمنذ الانقلاب الفاشل فى عام 2016، قادت حكومة أردوغان والسلطة القضائية حملة مطاردة واسعة النطاق ضد خصومه السياسيين ومنتقديه، واعتقلت أكثر من 100 ألف شخص بتهم «الإرهاب». لم يشمل الاعتقال مواطنين أمريكيين فقط ــ وأبرزهم قس نورث كارولينا أندرو برونسون ــ ولكن أيضًا ثلاثة موظفين أتراك فى سفارة الولايات المتحدة فى أنقرة والقنصلية فى أسطنبول. وزارة الخارجية الأمريكية تعتبر هذه الاعتقالات ذات دوافع سياسية وليس لها أى أساس قانونى.
وبفضل الضغط الأمريكى، أطلقت تركيا فى النهاية سراح برونسون وأحد الموظفين القنصليين بعد الأخذ بعين الاعتبار الفترة التى قضياها فى السجن. لكن لا يزال الموظفان الآخران مسجونين بانتظار حكم الاستئناف: متين توبوز لا يزال فى السجن بينما نظمى ميتى جانتورك قيد الإقامة الجبرية. الإجراءات القانونية لهؤلاء الرجال تظل مصدر قلق كبير للولايات المتحدة وتستحق الإشارة المباشرة من بايدن فى اجتماعه مع أردوغان.
المسألة الثانية بخصوص مستقبل تركيا كدولة ديمقراطية. ففى مارس الماضى، طالب المدعى العام فى أنقرة بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطى (HDP) المعارض الذى يضم أغلبية كردية فى تركيا. الأكراد هم أكبر أقلية عرقية فى تركيا، ويشكلون حوالى 20 فى المائة من السكان، وحزب الشعوب الديمقراطى هو الحزب الوحيد فى البرلمان الذى يمثل حقوقهم. فى عام 2015، حقق حزب الشعوب الديمقراطى نجاحًا كبيرًا لدرجة أنه ساعد لفترة وجيزة فى إنهاء الأغلبية البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان للمرة الأولى منذ عقد. منذ ذلك الحين، شن أردوغان حملة ضد حزب الشعوب الديمقراطى، زاعمًا أن الحزب مرتبط بالمقاتلين الأكراد الذين يشنون حرب عصابات ضد تركيا منذ 40 عامًا. تحت هذه الذريعة، أقالت الحكومة العديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطى وعزلت العشرات من رؤساء البلديات المنتخبين من مناصبهم.
وعلى الرغم من أن رد الولايات المتحدة لم يكن قويا، إلا أن تهديد تركيا الأخير بإغلاق الحزب تمامًا يوضح مدى رغبة حزب العدالة والتنمية فى المضى قدمًا للحفاظ على قبضته على السلطة. إن حملة أنقرة القمعية على مسئولى حزب الشعوب الديمقراطى لا تؤدى إلا إلى حرمان المواطنين/ات الأكراد فى تركيا من حقوقهم. إن أى تحرك لحظر الحزب بالكامل من شأنه أن يلحق ضررا شديدا باحتمالات التوصل إلى حل سلمى للصراع الكردى فى تركيا ويمكن أن يشجع المزيد من المواطنين/ات الأكراد على اختيار العنف ضد أنقرة. لا يمكن لدولة ترفض التمثيل السياسى للأقليات أن تكون حليفا ديمقراطيا للولايات المتحدة فى المنطقة. لذا ينبغى على بايدن ألا يخجل من تذكير أردوغان بهذه الحقيقة.
أما المسألة الثالثة والأخيرة تتعلق بقمع أردوغان للمجتمع المدنى على الرغم من مواصلته الترويج بلا كلل للقيم الديمقراطية فى المجتمع التركي!. على مدى سنوات، قامت حكومة أردوغان بمضايقة أو ترهيب أو مقاضاة شخصيات رئيسية فى المجتمع المدنى ممن طالبوا بإنهاء قبضة أردوغان على السلطة.
لا توجد حالة أكثر دلالة على هذه المضايقات من حالة عثمان كافالا، أحد أبرز فاعلى الخير وقادة المجتمع المدنى فى تركيا. فمنذ اعتقاله فى عام 2017، توصل القضاء التركى إلى ذرائع لا نهاية لها لإبقاء كافالا خلف القضبان ــ متهمًا إياه بالتخطيط لاحتجاجات جماهيرية مناهضة للحكومة، ودعم انقلاب عسكرى، وحتى التجسس. فشل المدعون العامون فى تقديم أى دليل على هذه الاتهامات، وتواصل المحاكم التركية تجاهل أمر صدر فى ديسمبر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عنه فورًا ودون قيد أو شرط. وهكذا أصبحت قضية كافالا مقياسًا ليس فقط لعدم احترام تركيا للحريات الأساسية ولكن أيضًا لعدم التزامها بسيادة القانون فى الداخل والخارج. فى فبراير الماضى، أصدرت إدارة بايدن بيانًا قويًا دعت فيه تركيا إلى إنهاء محاكمة كافالا الجائرة. والآن، يجب على الرئيس تعزيز هذه الرسالة من خلال إثارة قضية كافالا شخصيًا مع أردوغان.
***
إجمالا، يواجه بايدن فرصة تاريخية لتغيير سلوك أردوغان، أردوغان الذى حكم تركيا منذ ما يقرب من عقدين والذى لم يكن أكثر عرضة للخطر من ذى قبل. فمع تفاقم الأزمة الاقتصادية فى تركيا، تنخفض شعبية أردوغان. علاوة على كل هذا، تواجه حكومة أردوغان اتهامات خطيرة بالفساد والاغتصاب والقتل بسبب زعيم المافيا التركى سيدات بيكر، الذى انفصل مؤخرًا عن الحكومة وقام بنشر مقاطع فيديو تعرض تفاصيل مروعة ضد شخصيات فى حزب العدالة والتنمية واستخدامهم السيئ للمجرمين المنظمين مما أصاب الشعب التركى بالذهول.
على الرغم من أن أردوغان وكبار مسئوليه يواصلون استخدام الولايات المتحدة كداعم قوى خصوصا لكسب الأصوات، يبدو أن الزعيم التركى يفهم أيضًا أن العلاقة الإيجابية مع الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاقتصاد التركى قائمًا. وعندما يلتقى بايدن مع أردوغان غدا، عليه أن يوضح أن الحفاظ على علاقة عمل مع واشنطن يتطلب احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. وسيكون إنهاء السجن الجائر للموظفين الأمريكيين وكافالا والسياسيين الأكراد بداية جيدة للحديث.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved