الشرطة.. وتجارة السلاح

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 12 يوليه 2010 - 1:15 م بتوقيت القاهرة

 نسبت تحقيقات نيابة حوادث جنوب الجيزة إلى محمود طه سويلم المتهم بارتكاب جريمة قتل ستة من موظفى شركة المقاولون العرب يوم الثلاثاء الماضى أنه اشترى السلاح الآلى المستخدم فى الحادث من أمين شرطة من حلوان قبل نحو 45 يوما من الحادث.

لن ندخل فى تفاصيل هذه الجريمة النوعية الجديدة على المجتمع المصرى التى ارتكبها واحد بلدياتى من القوصية باسيوط، لكن سنسأل فقط، ومن أين اشترى أمين الشرطة السلاح؟

من البديهى القول بأن هناك تجارة سلاح نشطة فى الصعيد ومعظم المناطق الحدودية، لكن من غير البديهى أن يتورط فيها بعض رجال الشرطة.

وحتى لا يتهمنى البعض بالتربص بالشرطة، أسارع إلى القول بأن وجود فاسدين فى هذا الجهاز لا يعنى أن الكل فاسد، لكن المشكلة Êßãäفى المناخ الذى يسمح أحيانا باستمرار هذا الفساد وتوحشه.

المعلومات والوقائع التالية يعرفها كل شخص عاش فى قرى بالصعيد.
بعد أحداث أكتوبر 1981 واغتيال السادات واحتلال الجماعة الإسلامية لمديرية أمن أسيوط بدأت أجهزة الأمن تكثيف حملات لضبط السلاح غير المرخص. وهى سياسة جيدة لولا أن تطبيقها أفرز كوارث لا حد لها.

يذهب ضابط لتفتيش منزل شخص ما بناء على تحريات، فلا يجد سلاحا.. فيطلب منه إحضار سلاح بأى طريقة، حتى يثبت لرؤسائه أنه يعمل جيدا.. فى بعض الأحيان يكون هذا الشخص يخفى سلاحا بالفعل فى مكان ما. فيسلمه للشرطة، لكن فى أحيان كثيرة تكون ÇáÊÍÑíÇÊ ßíÏíÉ æÛíÑ دقيقة ولا يملك سلاحا سلاحا، وفى نفس الوقت لا يستطيع عصيان أوامر الشرطة، لأنها تستطيع أن «تزهقه وتقرفه» فى مئات الأشياء، وكله بالقانون الذى يجعلنا نصدق ابتلاع شخص للفافة بانجو.

هذا الشخص الذى لا يملك السلاح، يضطر للبحث عنه عند شخص يملكه، فى هذا المناخ اكتشف بعض الفاسدين الصغار فى الشرطة أنهم يمكنهم تحقيق مكاسب خيالية من هذه العملية التي صارت تجارة رائجة.

بالطبع لا أستطيع نشر اسم شخص محدد متورط فى هذا الأمر، لكن الجميع فى القرى يعرفون بعض العاملين بالشرطة المتورطين، وللطرافة فإن بعضهم يفعل ذلك احيانا حلا لمشكلة صديق او قريب، بعد أن يكون قد فشل فى إقناع رؤسائه الضباط بأنه لا يملك سلاحا فعلا.

أعرف أن تطبيق هذه الطريقة بدأ اعتقادا أنها سوف تحل مشكلة السلاح غير المرخص، لكنها انتهت إلى كوارث، وأفقرت بسطاء وأبرياء عديدين يضطرون لبيع كل ما يملكون ثمنا لشراء سلاح آلى أو بندقية خرطوش أو «فرد» صغير أو فرفر كما يسميه البعض.

والسؤال الحقيقى إلى كل من يهمه الأمر فى جهاز الشرطة هو كيف نحل هذه المعضلة؟ وهل لدى الشرطة عام كامل بما يحدث وهي التي تتفاخر بأنها تعرف كل شىء.. وكيف نقضى على السلاح غير الشرعى وفى نفس الوقت لا نظلم الأبرياء؟ وكيف وصل بنا الحال إلى أن رجل شرطة هو الذى يبيع السلاح للمتهم ؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved