من قصص العاشقين

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الخميس 12 يوليه 2018 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

قصص العاشقين لا تنتهى، فمن بدء الخليقة وهذا الإنسان يحب ويبغض، وقد حفِظت الأمم المختلفة قصص حبها وحربها؛ لتكون عظة للأجيال اللاحقة؛ لأن الحب والكره لا نهاية لهما؛ لأنهما جزء من الإنسان.
ومن غرائب قصص العاشقين نتعلم كم هو ضعيف وفقير هذا الإنسان، وأنه مهما علت رتبته، أو زاد ماله، لا يليق به أن يتكبر أو يتجبّر؛ لأن قلبه الذى فى صدره قد يُسبّب له آلامًا لا يعرف حجمها إلا الله تعالى؛ لأن قلب الإنسان إذا عشق وهوى، ففى نار الحب اكتوى.
وقد سمعنا من التاريخ قصصا عجيبة فى العشق والغرام، ومن ذلك قصة عنترة بن شداد العبسى وابنة عمه عبلة بنت مالك. ومع أن عنترة كان من الفرسان الأبطال، إلا أنه كان ابن جارية، وكان أسود اللون، ونظرا للتمييز الطبقى الذى كان عند العرب، كان من العسير أن يتمّ جمع شمل هذين العاشقين، ومما قاله عنترة فى حب عبلة:
يا عَبلَ إِنَّ هَواكِ قَد جازَ المَدى وَأَنا المُعَنّى فيكِ مِن دونِ الوَرى
يا عَبلَ حُبُّكِ فى عِظامى مَع دَمى لَمّا جَرَت روحى بِجِسمى قَد جَرى
وَلَقَد عَلِقتُ بِذَيلِ مَن فَخَرَت بِهِ عَبسٌ وَسَيفُ أَبيهِ أَفنى حِميَرا
يا شَأسُ جِرنى مِن غَرامٍ قاتِلٍ أَبَدا أَزيدُ بِهِ غَراما مُسعَرا
والقصة الثانية من بطولة قيس بن الملوّح وليلى العامريّة، حيث لم يتوّج هذا العشق بينهما باللقاء والزواج؛ لأن من عادة العرب ألا تزوج من اشتهرا بالحب وذاع صيتهما به، لذلك ظل قيس حزينا على عشقه الذى فقده ورحل عنه، وصار ينشد القصائد فى محبوبته هائما على وجهه، حتى لقب بالمجنون، وصارت القصة مثالا للعاشقين. وممّا روى من قصص قيس المجنون أنه فى يوم من الأيام يسير مع بعض أصحابه، ورأى كلبا صغيرا فأخذه ووضعه فى أحضانه وأخذ يمسح عليه بعطف وحنان، فلامه أصحابه على ما فعل فقال لهم:
رأىَ المجنون فى البيداء كلبا فمـدَّ له مِـن الإحسان ذيـلا
فلامـوه عـلى مـا كــان مـنه وقالوا لم منحت الكلب نَـيلا
فـقال دعوا الملامة إنَّ عينى رأتـه مــرّة فـى حـىّ ليــلىَ
ومن الناس من سما حبهم عن البشر ليتعلقوا برب البشر وخالقهم، فدخلوا باب الحب الإلهى، وصاروا نماذج تقتدى فيه، ومن هؤلاء: رابعة بنت اسماعيل العدوى، المعروفة بـ رابعة العدوية، التى ولدت بالبصرة، ودفنت بجبل الزيتون بالقدس الشريف، ومن أشعارها:
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك وأغـلـقـت قلـبـى عـمـن سـواك
وكنت أناجيـــك يـــا من تــرى خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك
أحبــك حـبـيــن حـب الهـــــوى وحــبـا لأنـــك أهــل لـذاك
فــأما الــذى هــو حب الهــــوى فشـغلـى بـذكـرك عـمـن سـواك
وأمــا الـــذى أنــت أهــل لـه فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى أراك
فـلا الحمد فـى ذا ولا ذاك لـى ولـكـن لك الـحـمـد فـــى ذا وذاك
أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى وحـبـا لأنـــك أهـــل لـــذاك
وممن اشتهروا بالحب الإلهى، عمر ابن الفارض، سلطان العاشقين، كان والده من حماة بسوريا ثم انتقل إلى مصر حيث ولد عمر، وبجبل المقطم دفن، ومن أشعاره:
قـلـبى يُـحدثُنى بأنك مُـتلفِى روحـى فِداك، عرَفت أم لم تعرفِ
لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذى لـم أقـض فيه أسى ومثلى مَن يفى
مـا لى سوى روحى وباذلُ نفسه فـى حب من يهواه ليس بمسرفِ
فـلئن رضـيتَ بها فقد أسعفتنى يـا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ.

حسان أبو عرقوب
الدستورــ الأردن

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved