أسراب طائرات بدون طيار إسرائيلية فوق غزة.. على القوى العظمى أن تقلق

قضايا عسكرية
قضايا عسكرية

آخر تحديث: الإثنين 12 يوليه 2021 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا للكاتب زاخارى كالينبورن، تناول فيه مخاطر استخدام أسراب من الطائرات بدون طيار على الاستقرار العالمى، والخطوات التى يجب على القوى العالمية اتخاذها لتقليل مخاطر استخدام هذه النوعية من الأسلحة الآلية... نعرض منه ما يلى.
استخدمت إسرائيل، للمرة الأولى فى العالم، سربًا حقيقيًا من الطائرات بدون طيار فى قتالها مع حماس فى مايو الماضى فى قطاع غزة. شكل ذلك معيارا وعلامة فارقة فى تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وينبغى أن يكون جرس إنذار للولايات المتحدة وحلفائها بخصوص المخاطر التى تخلقها هذه الأسلحة ضد الدفاع الوطنى والاستقرار العالمى.
فاستخدام إسرائيل سربا من الطائرات بدون طيار هو مجرد البداية، فالتقارير لا تشير إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلى نشر أى قدرة متطورة أخرى بجانب الأسراب، لكنه استخدم الأسراب بالتنسيق مع قذائف الهاون والصواريخ الأرضية لضرب «عشرات» الأهداف على بعد أميال من الحدود. ساعدت الطائرات بدون طيار فى الكشف عن مواقع اختباء العدو، ونقل المعلومات إلى تطبيق قام بمعالجة البيانات إلى جانب معلومات استخباراتية أخرى. باختصار، لن تكون أسراب الطائرات بدون طيار فى المستقبل بهذه البساطة.
تعنى عبارة «سرب الطائرات بدون طيار» استخدام عدة طائرات بدون طيار فى وقت واحد. لكن فى هذا السرب، تتواصل وتتعاون الطائرات بدون طيار، وتتخذ قرارات جماعية حول أين تذهب وماذا تفعل. بعبارة أخرى، فى سرب الطائرات بدون طيار، لا نتحدث عن مجرد وجود 10 أو 100 طائرة بدون طيار، لكن السرب يشكل نظام سلاح واحد متكامل يسترشد بشكل من أشكال الذكاء الاصطناعى. وعلى الرغم من عدم وجود دليل يشير إلى أن السرب اتخذ قرارات مستقلة بشأن من يقتل، إلا أن بعض التقارير الإعلامية أشارت إلى عكس ذلك.
***
يجب أن يشعر الجميع بالقلق من استخدام أسراب الطائرات بدون طيار. ولتقليل المخاطر التى تشكلها هذه الأسلحة الآلية يجب أن تقود الولايات المتحدة المجتمع العالمى فى محادثة جدية لمناقشة ما إذا كانت هناك حاجة إلى وضع معايير جديدة أو سن معاهدات دولية للتحكم فى استخدام أسراب الطائرات بدون طيار والحد من استخدامها. وعلى الرغم من وجود مقترحات حالية لحظر الأسلحة الآلية والتى ستغطى تمامًا أسراب الطائرات بدون طيار؛ إلا أن مثل هذه المعاهدات لن تغطى على الأرجح سرب الطائرات بدون طيار الذى استخدمته إسرائيل. ومن غير المرجح أن توافق القوى العظمى على حظر واسع للأسلحة الآلية هذه. لكن قد يكون للقيود الصارمة على الأسلحة الآلية عالية الخطورة مثل أسراب الطائرات بدون طيار جاذبية وإغراء كبير، خاصة إذا كانت تخلق هذه الأسراب تأثيرات غير متكافئة تهدد القوى العظمى.
يجب على الجيوش العالمية أيضا توسيع نطاق عملها لتطوير واختبار ومشاركة تكنولوجيا مكافحة هذه الأسراب. كما يجب أن تكون الأنظمة الفعالة المضادة للطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة وسريعة الشحن وقادرة على ضرب أهداف متعددة فى وقت واحد. ويجب نشر مثل هذه الأنظمة حول المناطق المستهدفة عالية الخطورة، مثل المطارات والبنية التحتية الحيوية ورؤساء الدول. ونظرًا لأن التهديد دولى فى الأساس، يجب على الدول أيضًا توفير قدراتها المتطورة فى مكافحة هذه الأسراب للشركاء والحلفاء المعرضين للخطر.
أما عن منع وصول أسراب الطائرات بدون طيار لأيدى الإرهابيين فسيتطلب ذلك جهدا منفصلا. مثلا قد تتبنى الدول إجراءات مشابهة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1540 بشأن منع حيازة الإرهابيين للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية بحيث تشمل أسراب الطائرات بدون طيار. بكلمات أخرى، توسيع قرار مجلس الأمن 1540. كما يجب على وكالات إنفاذ القانون المحلية والوطنية والدولية البحث عن مؤشرات سعى الإرهابيين امتلاك قدرات أسراب الطائرات بدون طيار، مثل عمليات شراء الطائرات بدون طيار الكبيرة.
***
فى السنوات الأخيرة، نما خطر أسراب الطائرات بدون طيار جنبًا إلى جنب مع تطورها المتزايد. ففى عام 2016، أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية 103 طائرات بدون طيار. عملت الطائرات بدون طيار باستخدام «عقل جمعى»، وتجمعت فى تشكيلات مختلفة، وحلقت عبر ساحة معركة افتراضية، وأعيد تشكيلها إلى تكوينات جديدة. والجدير بالذكر أن النظام تم تصميمه من قبل طلبة فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا!. فإذا كانت أسراب الطائرات بدون طيار بسيطة بما يكفى لأن يتمكن الطلبة من صنعها، فيمكن لمناطق الصراع فى جميع أنحاء العالم أن تشهد رؤية هذه الأسراب فى القريب العاجل. فى العام الماضى أيضا، كشفت الصين وفرنسا والهند وإسبانيا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن برامج جديدة لأسراب الطائرات بدون طيار أو اختبرت هذه البرامج.
لا داعى للقول إن الانتشار العالمى لأسراب الطائرات بدون طيار يخلق مخاطر عدم الاستقرار. ففى نزاع ناجورنو كاراباخ العام الماضى، ساهم استخدام أذربيجان للطائرات بدون طيار بشكل كبير فى استسلام الأرمن سريعا، لا شك أن هناك عوامل أخرى سهلت ذلك. وبشكل عام، يمكن أن يستخدم السرب تكتيكات أكثر تعقيدًا تطغى على الدفاعات الحالية وهو ما شكل مصدر قلق درسه الجيش الأمريكى منذ عقد من الزمان بالفعل. حيث قامت دراسة أجرتها مدرسة البحرية العليا عام 2012 بمحاكاة ثمانى طائرات بدون طيار تهاجم مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية، ووجدت أن أربع طائرات بدون طيار من الثمانية ستضرب السفينة. قد يرى الإرهابيون أيضًا جاذبية كبيرة فى أسراب الطائرات بدون طيار كقوة جوية يسهل الوصول إليها للتغلب على الدفاعات الأرضية، وتنفيذ هجمات على البنية التحتية الحيوية وكبار الشخصيات.
لأسراب الطائرات بدون طيار أيضا مخاطر شبيهة بأسلحة الدمار الشامل. بمعنى أن انتشار أسراب كبيرة من الطائرات بدون طيار تضم 1000 أو حتى مليون، تجعل من المستحيل لأى إنسان أن يحكم سيطرته عليها بشكل تام. وهذه مشكلة، لأن هذه الأسلحة الآلية تصدر أوامر محدودة فى نطاق أهدافها العسكرية. ويمكن أن يؤدى الاختلاف فى بكسل واحد إلى تحويل قاذفة القنابل ووقوع أخطاء تودى بحياة مدنيين ومدنيات أو جنود ودودين، وبالتالى تصعيد غير مقصود للنزاع.
***
الحقيقة هى أنه لا توجد أنظمة حالية لمكافحة أسراب الطائرات بدون طيار. والأنظمة الحالية لا يمكن أن تستوعب سربا كبيرا من الطائرات بدون طيار لأن الأخيرة يمكن أن تطغى على أنظمة الاعتراض خصوصا إن كانت أنظمة الاعتراض هذه محدودة أو بطيئة فى إطلاق النار. ناهيك عن أنه من الصعب مراقبة عمليات العديد من الطائرات بدون طيار، والتأكد من عدم اصطدامها، مع استمرار تحقيق أهداف المهمة.
تنبع القيمة العسكرية لأسراب الطائرات بدون طيار من أن الأسراب المستقبلية قد تكون ذات أحجام مختلفة، ومجهزة بمجموعة من أجهزة الاستشعار والأسلحة والحمولات المختلفة؛ ترش طائرة الرصاص، بينما تقوم الأخرى برش مواد كيميائية. قد يكون للأسراب أيضًا خصائص تكيفية مثل الشفاء الذاتى، حيث يعدل السرب نفسه لاستيعاب فقدان بعض الأعضاء، أو التدمير الذاتى، لإكمال المهام ذات الاتجاه الواحد. من المرجح أيضًا أن يتم دمج أسراب الطائرات بدون طيار بشكل متزايد فى شكل ما من أشكال السفينة الأم للطائرات بدون طيار مكونة «مجموعة مميتة»!.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved