تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 12 سبتمبر 2019 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة Jewish News Syndicate مقالا للكاتبة « Caroline Glick» تتناول فيه إمكانية توقيع اتفاقية بين إسرائيل والولايات المتحدة للدفاع المشترك، حيث إنه كل بضع سنوات، يتم طرح تساؤل عن إمكانية توقيع اتفاقية للدفاع المشترك بين كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وينحى هذا التساؤل جانبا ثم يتم طرحه مرة أخرى.. ونعرض من المقال ما يلى:
فى عام 2000، جعل رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إيهود باراك توقيع معاهدة للدفاع المشترك مع الولايات المتحدة عنصرا أساسيا فى استراتيجية الأمن القومى. وفى ذلك العام، عندما سعى باراك إلى عرض خطته على الجمهور لمنح جبل الهيكل لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ويهودا والسامرة إلى جيوش عرفات، قدم خيار التوقيع على اتفاق دفاع مشترك مع الولايات المتحدة باعتباره مكافأة مناسبة لتضحيات إسرائيل من أجل السلام.
لقد كان تفكير باراك واضحا.. صحيح، إذا قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عرض السلام الذى قدمه باراك، لكانت إسرائيل قد تركت بدون عاصمتها وبدون حدود يمكن الدفاع عنها. ولكن لم يكن هناك سبب يدعو للقلق.. مشاة البحرية سوف تحمى إسرائيل.. وفى رؤية باراك لمعاهدة الدفاع المتبادل، أبدى عدم استعداده لتحمل أعباء الحرية والسلطة والسيادة.
بدأت الجولة الحالية من الحديث حول إمكانية التوصل إلى معاهدة دفاعية أمريكية إسرائيلية من قبل السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام.. فى مقابل وجهة نظر غالبية الإسرائيليين وقادة الحزب الجمهورى لعام 2016، يصر جراهام على الحفاظ على ما يسمى بـ«حل الدولتين»، على الرغم من فشله المستمر على مدار 100 عام.
جراهام ليس عدوًا للسيادة الإسرائيلية والقوة العسكرية.. على العكس من ذلك. لعب غراهام دورًا حاسمًا فى إقناع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. علاوة على ذلك، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام، يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قبل انتخابات 17 سبتمبر، جهودًا مضنية لإقناع ترامب الإدلاء ببيان مؤيد لمعاهدة دفاعية جديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. نظرًا لأن سياسات نتنياهو الدبلوماسية ورؤيته الاستراتيجية لإسرائيل تعارضان تمامًا تلك التى قدمها باراك، فمن المستحيل أن نتخيل أن نتنياهو يشترك مع باراك فى هدفه من معاهدة الدفاع تلك.
ماذا يمكن أن يكون الغرض من معاهدة الدفاع تلك؟ وأى نوع من إعادة ترتيب العلاقات الدفاعية الإسرائيلية مع الولايات المتحدة من شأنه أن يدفع هذه العلاقات إلى المنفعة المتبادلة للبلدين؟
لدى إسرائيل مصلحتان استراتيجيتان يمكن تطويرهما بشكل كبير من خلال التغيير فى علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة، ولا يتطلب ذلك توقيع اتفاق رسمى. على الأكثر، يمكن إدراجها فى مذكرة الرئاسة أو ملخص للاجتماع الثنائى بين ترامب ونتنياهو.
مصلحة إسرائيل الأولى هى توفير إطار عمل رسمى لعلاقات العمل والتعاون الاستراتيجى مع الدول العربية السنية.. وكانت هذه العلاقات المزدهرة هى النتيجة غير المقصودة ــ ولكنها مفيدة ــ لسياسة إدارة أوباما الراديكالية فى الشرق الأوسط.
خلال فترة رئاسته، سعى باراك أوباما إلى إعادة توجيه الولايات المتحدة بعيدا عن إسرائيل وعن حلفائها من العرب السنة والتوجه نحو الإخوان المسلمين وإيران.. ومن ثم عندما أصبحت تصرفات أوباما أكثر ضررا، ونواياه لا لبس فيها، تواصل نتنياهو مع السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
ومن خلال العمل بمبدأ أن عدو عدوى هو صديقى، فإن حدس نتنياهو قد أثمر.. لقد أدرك العرب أن العمل مع إسرائيل سيساعدهم على النجاة من خيانة أوباما والرد بشكل إيجابى على مبادراته. وجاءت أول نتيجة واضحة للشراكة الجديدة فى عام 2014 خلال «عملية الحافة الواقية». بينما سعى أوباما لإجبار إسرائيل على قبول شروط وقف إطلاق النار التى قدمتها حماس (تم تقديمها على أنها تسوية بوساطة من قبل تركيا وقطر برعاية حماس). أصرت الدول العربية السنية الثلاث (مصر ــ السعودية ــ الإمارات) على قيام الرئيس المصرى بدلا من الأتراك أو القطريين بدور الوسيط بين إسرائيل وحماس. وطالب السيسى حماس بقبول شروط وقف إطلاق النار. ونظر أوباما إلى علاقة إسرائيل التعاونية مع العرب السنة على أنها كتلة معادية أعاقت جهوده لإعادة تنظيم الولايات المتحدة بعيدا عنهم، وباتجاه إيران والإخوان المسلمين.
بالنسبة لترامب، ومنذ لحظاته الأولى فى السلطة، اعتنق ترامب الشراكة الجديدة التى صاغها نتنياهو وجعلها محور سياسته تجاه الشرق الأوسط.
***
المطلوب هو إطار مختلف. وكما يحدث، فإن الجيش الأمريكى لديه سلاح جاهز.
القيادة المركزية الأمريكية مسئولة عن الشرق الأوسط.. ولاسترضاء العرب، رفض الجيش الأمريكى ضم إسرائيل إلى منطقة مسئولية القيادة المركزية ووضع إسرائيل بدلا من ذلك تحت رعاية قيادتها الأوروبية.
نقل المسئولية عن إسرائيل إلى القيادة المركزية سيضرب عصفورين بحجر واحد. أولا، سيكون القادة الأمريكيون المسئولون عن العمليات العسكرية فى الشرق الأوسط قادرين على العمل مباشرة مع أقوى حلفاء أمريكا فى المنطقة. وستكون إسرائيل فى وضع يمكنها من عرض آرائها على القادة العسكريين الإقليميين الأمريكيين ذوى الصلة بشأن المسائل التى تؤثر على أمنها فى الوقت الحقيقى.
وثانيا، بما فى ذلك إسرائيل فى القيادة المركزية من شأنه أن يوفر لإسرائيل وشركائها العرب إطار عمل مناسب للتعاون المفتوح. تحت مظلة الجيش الأمريكى، ستكون الأطراف قادرة على الحفاظ على العلاقات الطبيعية وتطوير علاقاتها خالية من القيود والضغوط السياسية.
المصلحة الثانية التى ترغب إسرائيل فى تحقيقها من وراء تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة هى اهتمامها بتغيير سمعتها باعتبارها عائقا على الأمن القومى الأمريكى إلى اعتبارها حليفا لها.. ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال تكثيف التعاون التكنولوجى بين الولايات المتحدة وإسرائيل فى تطوير أنظمة الأسلحة بشكل عام وتطوير أسلحة تفوق «سرعة الصوت» بشكل خاص. وتشكل الأسلحة العنصر الرئيسى فى سباق التسلح الجديد فى الحرب الباردة الناشئة بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى.
يوجد نوعان من الأسلحة التى تفوق سرعتها سرعة الصوت: مركبات الانزلاق فوق الصوتى، والتى تُطلق من صاروخ باليستى قبل الانزلاق إلى الهدف؛ والصواريخ «كروز» التى تفوق سرعتها سرعة الصوت وتعمل بمحركات عالية السرعة.
وفقًا لتقرير حول الأسلحة التى تفوق سرعتها سرعة الصوت نشرته دائرة أبحاث الكونجرس فى يوليو، من المتوقع أن تقوم روسيا والصين بإطلاق مثل هذه الأسلحة فى أوائل عام 2020. وفى العام الماضى، أعلن عن أن تطوير أنظمة تفوق سرعتها سرعة الصوت هو الأولوية القصوى للبنتاجون. ومن غير المرجح أن تقوم الولايات المتحدة بتطوير مثل هذه الأسلحة قبل عام 2022.
***
فى 28 يوليو، أجرت إسرائيل والولايات المتحدة تجربة ناجحة لنظام الدفاع الصاروخى Arrow 3 فى ألاسكا.. وهو برنامج مشترك تم تطويره من قبل Israel Aerospace Industries و Boeing خلال الاختبار، واعترضت Arrow بنجاح صاروخًا باليستيًا يحلق على ما وصفه نتنياهو بأنه «ارتفاعات وسرعة غير مسبوقة». وبعد أقل من شهر، أعلن البنتاجون أنه ألغى برنامجًا مماثلًا من قبل شركة بوينغ.
كما يتضح من اختبار Arrow 3، فإن لدى إسرائيل قدرات هائلة فى عدد من المجالات ذات الصلة بتطوير أسلحة تفوق سرعة الصوت.. ومن خلال التمويل المناسب، يمكن لإسرائيل أن تقدم مساهمة كبيرة فى الجهود الأمريكية لتطوير أنظمة دفاعية وعناصر أسلحة هجومية تفوق سرعة الصوت لصالح كلا البلدين.
إن شبح الإدارة الديمقراطية سوف يلقى بظلاله على علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة.. ومع صعود القوى المتطرفة فى الحزب الديمقراطى، والتى أصبحت مواقف قادتها معادية بشكل متزايد لإسرائيل.. كيف يمكن لإسرائيل والولايات المتحدة الحفاظ على العلاقات الودية فى ظل إدارة معادية فى المستقبل؟
بغض النظر عن مواقفه الخاصة من إسرائيل وموقف حزبه، سوف يواجه أى رئيس ديمقراطى مستقبلى واقعًا يتعاون فيه المسئولون الإسرائيليون علنًا مع نظرائهم العرب السنة تحت رعاية القيادة المركزية الأمريكية، والتى تخدمها إسرائيل كشريك رئيسى فى تطوير النظم الهجومية والدفاعية التى تعتبر حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة، ومن ثم لن تتسرع فى التخلى عن تحالفها مع إسرائيل.
بفضل سياسة نتنياهو الخارجية القائمة على المصالح، تمكنت إسرائيل من تطوير علاقات ثنائية قوية قائمة على المصالح المشتركة بدلا من الإيديولوجية مع قائمة طويلة من الحكومات الأجنبية. من خلال وضع المصالح قبل السياسة، تمكن نتنياهو من التقليل بشكل ملحوظ من معاداة السامية كقوة سياسية فى الساحة الدولية. وإذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة مهتمتين بإجراء تغييرات جوهرية على روابطهما الاستراتيجية، فمن المهم التعبير عن التغييرات بالطريقة نفسها لصالح كلا البلدين.


إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى



هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved