أحوال مصرية

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 12 أكتوبر 2009 - 9:48 ص بتوقيت القاهرة

 المراقب لأحوال إنفلونزا الخنازير فى العالم يشعر بالتفاؤل وإن شابه الحذر فنشرات الأخبار تشير إلى تطورات الموقف فى اتزان ومصادر الأخبار مسئولة ومعلوماتها واضحة. لا أثر يذكر على الحركة بين كل بلاد العالم وحتى المكسيك التى بدأت منها الموجة لم تعلن عن أماكن للمدافن الجماعية. كل بلاد العالم تعمل فى هدوء على زيادة ما لديها من أرصدة التاميفلو والرلينزا وتناقش فاعلية المصل وتأثيراته الجانبية وتقترح وتقارن الجرعات والفئات التى يجب تطعيمها قبل الأخرى وضرورة إعطائه للأطفال.

الصورة واضحة المعالم وإن كان احتمال المفاجأة واردا فالمعروف عن فيروسات الإنفلونزا أنها ذات سلوك غادر إذ إن لجيناتها قدرة مذهلة على التحور مما يغير اتجاه الريح فى فترة زمنية وجيزة لتتحول إلى وباء قاتل.

هناك بلاد ادخرت جرعات من المصل تكفى كل مواطنيها بلا استثناء مثل كندا التى أنشأت مصنعا كاملا لتصنيع المصل وعرضت على جاراتها المعونة. هناك أيضا الصين التى أتمت تصنيع مصل واق جديد كذلك ألمانيا التى لم تعلن إلا وفاة حالة واحدة أمس لم تستجب للعلاج وفشلت رئتاها فى الصمود بينما انتشرت العدوى بين واحد وعشرين ألفا من سكانها، طورت مصلا جديدا يبدأ إنتاجه فى آخر شهر أكتوبر الحالى.

فلماذا كل هذا الهلع فى مصر والارتباك وتعدد النظريات وتضارب الأقوال والتراجع عن بعضها والإقدام على عكسها. قد يكون الأمر بالفعل مختلفا فى بلادنا إذ إننا نواجه الخطر ذاته الذى يواجهه العالم؛ الفيروس واحتمالات تحوره إلى آخر أكثر شراسة لكن احتمالات انتشاره بصورة قاتلة تزيد من ضحاياه لدينا ولذلك أسبابه المصرية الخالصة: التلوث الذى تسجل فيه القاهرة رقما يضعها على قمة البلاد المعرضة للمخاطر البيئية، ومشكلة القمامة التى جعلتنا نترحم على أرواح الخنازير ومساكننا التى ضاقت بمن فيها وعاداتنا الصحية التى طمست معالم ما اعتقدناه من أن النظافة من الإيمان لسنوات طويلة وزراعتنا التى رويناها بمياه الصرف الصحى وأكلناها مخلوطة بالمبيدات ومناعتنا التى تدهورت نتيجة سواء التغذية وأمراضها التى شهدت مصادرنا بأنها تسببت فى ميلاد جيل من الأقزام.

أحوال مصرية يتحتم تغييرها فى مواجهة الخطر القادم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved