الدعم.. وضمانه للأعوز
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 12 أكتوبر 2024 - 7:45 م
بتوقيت القاهرة
طالما كان موضوع الدعم موضوعا يسبب صداعا مزمنا للحكومات المتتالية منذ الستينيات من القرن الماضى حتى اليوم، وليس خفيا على أحد أن القادة والسياسين والاقتصاديين كانوا يخشون الاقتراب من هذا الموضوع الشائك الذى يمس كثيرين من أبناء الشعب، ولا ننسى ۱۸ و۱۹ يناير ۱۹۷۷ عندما حاول المرحوم الدكتور القيسونى زيادة أسعار بعض السلع تخفيفا على ما تدفعه الحكومة من الدعم حتى قامت مظاهرات فى كل أنحاء مصر، واضطر المرحوم الرئيس السادات أن يلغى هذا القرار حتى هدأت الأمور، وبأن الاقتصاد المصرى تأرجح بين الاشتراكية الناصرية إلى الانفتاح الساداتى إلى نوع من التوازن الحالى فى الرؤية على الأقل، يعود موضوع الدعم إلى الطفو على السطح مرة أخرى، وحاليا مجلس أمناء الحوار الوطنى يعكف على وضع تصورات نهائية لجلسات مناقشة قضية الدعم المطروحة عليه الآن، كما يستقبل حاليا مقترحات المتخصصين والقوى السياسية والأهلية والنقابية والشبابية فى هذا الشأن الشائك لتحديد مستحقى الدعم، وما هى الفئات المستهدفة والمستحقة، وكذلك دراسة مزايا وعيوب الدعم العينى والدعم النقدى.
كما سيقوم بدراسة الآليات وضمانات وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين، ومن المعروف أن قضية الدعم ووصوله لمستحقيه هو موضوع لا يهم فقط صناع القرار والمتخصصين، ولكن لا أبالغ إن قلت إنه موضوع يهم كل بيت وأسرة فى مصر لأنه يمس أساس دخلهم ومعيشتهم، وكيف يتصرفون فيه، لذا أقترح أولا أن يُطرح الموضوع للحوار المجتمعى خاصة حال الوصول إلى شبه قرار فيه، حتى يشعر كل مواطن أنه مشارك فيه ومسئول عنه حال تطبيقه.
من ناحية أخرى، قد أميل للدعم النقدى لأن له العديد من الإيجابيات فى مقدمتها القضاء على الفساد والمستنفعين وكذلك منع تسريب الدعم لغير المستحقين وبالتالى زيادة قدرة هؤلاء الشرائية مما لا يحقق «العدل المنشود والتوزيع العادل» بين فئات الشعب المختلفة، كذلك توزيع الدعم النقدى سيكون أسهل للتوزيع والوصول لمستحقيه حال تنظيم الآليات والبيانات الخاصة لهؤلاء المواطنين.
يبقى موضوع واحد وهو من عيوب توزيع الدعم النقدى أن المواطنين البسطاء قد يصرفونه فى غير موضعه بسبب العوز من ناحية والجهل من ناحية أخرى، ولكن من حقهم علينا أن ننظر إليهم بعين الاعتبار بالمساعدة والعدل فربما هؤلاء قد يحتاجون الدعم العينى حتى يصل إليهم فيما هم يستحقونه حقيقة من مأكل وملبس وما إلى ذلك، لذا الرجاء من الحوار الوطنى دراسة هذه الجزئية باستفاضة حتى لا يُظلم أحد من المواطنين، وكفى ظلم الأيام عليهم.