مهاجمة المنشآت النووية لا تُبعد القنبلة.. بل تسرّع صنعها
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 12 أكتوبر 2024 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
هناك تصوران أساسيان يتعلقان بالمشروع النووى يثيران وسط الجمهور الإسرائيلى، ولدى قيادته، تأييدا جارفا لاستغلال الهجوم الصاروخى الإيرانى الأخير على إسرائيل من أجل مهاجمة منشآتها النووية. لكنهما تصوُّران لا أساس لهما من الصحة.
بحسب التصور الأول، المشروع النووى الإيرانى هو عبارة عن نوع من منشأة، أو حاجز يمكن تدميره، أو تفكيكه بهجوم ناجح واحد، أو هجومين، بالطريقة التى جرى فيها تدمير المفاعل النووى العراقى أو السورى. وبحسب التصور الثانى، تدل المسافة التى تفصل إيران عن القنبلة على أنها لم تستكمل المطلوب من أجل إنتاج القنبلة.
لا يمكن النظر إلى المشروع النووى الإيرانى من منظور أحادى. فالمقصود مشروع ضخم وأخطبوطى. والمنشآت النووية موزعة على عشرات المواقع الكبيرة والمركزية وبعض المنشآت الصغيرة المنتشرة على عشرات النقاط فى شتى أنحاء الدولة (التى تبلغ مساحتها 70 ضُعف مساحة دولة إسرائيل).
لذلك، لا توجد قوة عسكرية فى العالم، حتى الولايات المتحدة، قادرة على تدمير، أو تفكيك المشروع بهجوم واحد، أو بهجومين، مهما كانا كبيرين وناجحين. وبالتالى لا يمكن لإسرائيل أن تفعل ذلك. لكن إسرائيل قادرة على ضرب أهداف نوعية ومهمة فى إيران، بينها أهداف نووية، فى أفضل الحالات، تستطيع إسرائيل ضرب «عنق الزجاجة» الحساسة للمشروع، لكن يجب ألّا نخدع أنفسنا. تستطيع إسرائيل فى ضربة واحدة أن تربح وقتا، وبحسب الخبراء العسكريين، من المتوقع أن تؤخر المشروع عاما، أو نصف عام لا أكثر. وسيكون ثمن كسب الوقت هذا باهظا، حرب استنزاف بين إسرائيل وإيران، تستمر أسابيع، وربما شهورا. فهل تريد إسرائيل الدخول فى مثل هذه الحرب؟
بالنسبة إلى التصور الخاطئ الثانى: يرى كثر أن إيران تقف على مسافة قصيرة جدا من القنبلة، لأنها لم تستكمل كل الأعمال المطلوبة من أجل إنتاجها. مَن يرى الأمور بهذه الطريقة، لا يفهم دينامية الصناعة النووية فى إيران. لو شاءت إيران وقررت أن تكون دولة نووية، فإنها قادرة على الوصول إلى هدفها خلال وقت قصير. لكنها تفضل أن تكون دولة على عتبة النووى.
المغزى الدقيق لـ«دولة على عتبة النووى» ليست واضحة. هناك باحثون، هم الأكثرية، «عتبة النووى» معناها أنهم قريبون جدا من الإنتاج الكامل للقنبلة. بينما الآخرون، وبينهم كاتب هذه السطور، يعرّفونها بأنها نقطة الانتقال من شىء إلى آخر. وفى تقديرى، أن إيران قريبة من العتبة، ليس فقط من حيث حجم المواد الانشطارية التى تحتاجها القنبلة، بل أيضا من ناحية الانتهاء من كل العمل على مجموعة السلاح. وفى تقديرى، إيران اليوم على مسافة قريبة جدا من القنبلة، مسافة أسابيع، أو أيام فقط.
وهنا تأتى الحجة الثانية ضد هجوم إسرائيل على المنشآت النووية. لن يعرقل مثل هذا الهجوم المشروع النووى كثيرا، ولن يدمره، بل يمكن أن يكون الرسالة الأخيرة قبل اتخاذ إيران القرار السياسى بشأن التحول إلى دولة نووية بكل معنى الكلمة. فى الماضى، أعلن الإيرانيون أنه إذا هاجمتهم إسرائيل، فسيغادرون اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، ويتحولون إلى دولة نووية. وأقترح عدم الاستخفاف بهذه التصريحات.
أفنير كوهين
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية