قبل مليونية الدستور

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 12 ديسمبر 2012 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

منذ تمطى أمام جامعة القاهرة تأييدا للرئيس، ظهر الجسد الإخوانى الضخم فى أكثر من مناسبة متوالية، فاستعرض عدته وعدده أمام القصر، ثم انتفض بميدان رابعة، قبل أن يعود أخيرا ليربض أمام ساحة بيته فى هضبة المقطم.

 

إنها المرة الأولى التى يتابع فيها المصريون حالة التنابز بالمليونيات، ويلهيهم التكاثر بالآلاف والملايين، دون أن يسأل أحد نفسه عن نهاية اللعبة.

 

قبل أيام قال المرجع الإخوانى الأعلى، محمد بديع، إن المشهد الذى يحدث فى مصر الآن لا يعبر عنها. وانتقد المعارضة بكل ألوانها ورموزها، وكأنها تحشد المليونيات من طرف واحد، فهى بالنسبة له ليست معارضة، بل «فساد وظلم واستبداد وإجرام».

 

الرجل الثانى فى جماعة الاخوان خيرت الشاطر تحدث أيضا فى مؤتمر الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح. الشاطر قال إن معركتنا كإسلاميين ليست معركة مقار أو طوب، ولكن دعم الشرعية، وأكد أن 80% من متظاهرى الاتحادية اقباط.

 

التحريض على الاحتشاد هنا يلجأ للحديث عن حماية الشرعية، مع لمسة طائفية تزيد من حماس جمهوره، بادعاء أن معظم المعارضين من المسيحيين، فيصبح قواعد الإخوان على درجة أكبر من السخونة والحماس للدفاع عن رئيسهم، وعن شرعيتهم، وعن دينهم، فى مشوار واحد.

 

فى نفس المؤتمر الذى تحدث فيه الشاطر، طلب سعيد عبد العظيم، النائب الثانى لرئيس الدعوة السلفية من أنصار التيار الإسلامى الاحتشاد والتضيحة نصرة للشرعية والشريعة، حتى لو أدى ذلك للتضحية بمليون شهيد.

 

خطير أن تكون المليونية السياسية بطعم الدفاع عن الشريعة، ما يعطى الانطباع أن الشريعة مهدرة، وأن عدوها إما غير مسلم، أو مسلم مارق. ويكتمل العرض النادر بتقديم مليون شهيد مصرى، يموتون بأيدى مصريين يكرهون الإسلام، فى معارك لا يذكر لنا الشيخ سعيد كم ستجر على مصر من كوارث.

 

حشد عشرات الآلاف من الإخوان فى مليونيات دعم الرئيس يسىء لمصداقية الجماعة، فالشباب يحتشد لتأييد قرارات يتم التراجع عنها لاحقا، بعد إنهاك المتظاهرين بالسفر والاحتشاد والهتاف يوم بطولة.

 

حشد الجموع على هذا النحو يعطى شعبنا الانطباع بأن الديمقراطية هى لعبة عضلات، البقاء فيها للحشد الأكبر، والأعلى صوتا، والأكثر أتوبيسات. يصرخ المتحدثون على الفضائيات بين كل جملة والثانية فى مدح التكاثر: مش هى دى الديمقراطية؟ حتى لو تم ترقيص العضلات للقرار، ثم مرة أخرى لإلغائه بعد أيام.

 

وأخطر ما فى مليونيات الإخوان والقوى الإسلامية، أنها تخلط بين الشرعية والشريعة، وبين الإسلام وقرارات الرئيس، وتبيع للرأى العام أن التأييد هنا للدين، وليس لجماعة سياسية اسمها الإخوان.

 

ستدفع مصر ثمن هذه المغالطة السياسية، لكن جماعة الإخوان تخسر أكثر إذا ما واصلت تشغيل العضلات، دون أن تسأل المخ عن مصلحة البلد، ومصلحة شركاء المصير، وقبل الحشد للموافقة على الدستور باسم الدين أيضا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved