غرف عقولهم المعتمة!!

خولة مطر
خولة مطر

آخر تحديث: الأحد 12 ديسمبر 2021 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

المطاردات بدأت مع اقتراب موعد الأعياد، وهى مطاردات المعلنين المسوقين لبضائع متنوعة تسهل للباحثين عن هدية مختلفة يقدمونها لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء كما اعتادوا على مر السنين رغم أن كورونا تطاردنا جميعا أيضا بتنوعات وألوان.
•••
وبين مطاردات المعلنين مستخدمى كل الوسائل؛ من رسائل على الهاتف إلى إعلانات فى محطات التلفزة وأخرى على الشوارع بيافطات عريضة لا تستطيع العين أن لا تلتقطها.. تعود تلك الوجوه المكفهرة رافعة الصوت والأيدى محذرة من الاحتفال بأعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية لكونها «حراما حراما» بل هى بدعة من رجس الشيطان الذى لا يمكن أن يكون أكثر شرا وجهلا من مثل هؤلاء!! أى حرام هو فى أن يهنئ الإنسان إنسانا آخر قد يكون جاره أو زميله/ زميلته فى العمل أو حتى بائع الكعك وصاحب جراج السيارات أو سائق التاكسى الذى يقله كل يوم إلى عمله ويعود به، أى حرام هو فى أن يقول له «كل عام وأنت بخير؟؟» أى دين أو إله هو الذى يحرم الفرح أو المشاركة فى الأعياد لجار أو صديق؟؟ أى دين هو الذى تعلموه وأين تلقوا علمهم هذا؟؟ ثم كيف يستطيعون أن يقنعوا عالما فى الذرة بأن تهنئة المسيحيين حرام فى أعيادهم؟؟ أما إضاءة الشموع والوقوف على حائط المبكى عند اليهود فهو حلال حلال!!! لأن أولى الأمر قد أمروا وعلينا جميعا الطاعة.. كيف يستطيعون أن يقنعوا العالم بأن المسيحى العربى الذى حمل اللغة العربية وحافظ على أحرفها ونطقها ولفظها وقاتل من أجل أرضه ورفع اسم بلده عاليا، أن تهنئة هذا حرام فيما رسائل الغرام والحب للصهاينة حلال حلال.. أليسوا هم بنو صهيون؟؟؟ وأليسوا هم من اغتصبوا الأرض وبطشوا وقتلوا وهجروا وعبثوا فى الأنهر والبحار والسماوات والجبال وكل ما سرقوه أمام أعين الكون وبشهود من أهلهم؟؟
•••
قبل زحمة الأعياد أوقفوا الجهلة منهم ومنهن وقولوا لهم إنكم بعيدون جدا عن ما تدعون به وأنكم لو حكمتم بدين ربكم لما خسرتم عندما كثرت القبل والأحضان لأعداء البشرية وليس فقط أعداؤكم وقتلة أولادكم ونسائكم وشيوخكم.
•••
مع اقتراب الأعياد وقبل زحمة التهانى، سيقول لك أحدهم ومالك شجرة الكريسماس ولماذا يلون الأحمر أيامك وملابس أطفالك وأحفادك وكيف تسمح بأن يتعلموا أن الكريسماس أحد الأعياد الرسمية وتجعلهم يتشوقون إلى «بابا نويل» وينتظرون هديتهم تحت تلك الشجرة المضاءة بنجوم وملائكة.. وسيكثرون من الأسئلة البلهاء التى تكرر كل عام.. ولا تتوقف عند الكريسماس بل تتواصل مع احتفالات السنة الميلادية الجديدة وكأنها ليست تقويمنا طول العام فيكررون ماذا تعنى لك السنة الميلادية لتسهر حتى الصباح مع أحبتك وتنهى آخر أيام العام بتكرار «لعله أفضل من الماضى.. كل سنة وأنتم بخير» «هابى نيويير».. فيشتاطون غضبا فيما هم نيام نيام ربما منذ الجاهلية الأولى!!
•••
هم الذين لم يتعلموا شيئا من عامين من العزلة بسبب جائحة الكورونا ولم يتخذوا درسا وعبرة من أحبتهم الذين رحلوا سريعا بسبب هذا الفيروس الخبيث أو بغيره فقد تعددت الأسباب فيما كثر الموت وتحول إلى وجبة يومية.. بقوا هم بجهلهم وجهالتهم يلقنون الدروس للجالسين القرفصاء المستعمين لهم بإصغاء شديد راكنين شهاداتهم وعلمهم واطلاعهم ومعيشتهم واختلاطهم، راكنين كل ذلك فى نفس تلك الزاوية المظلمة التى أسكنوهم فيها وبها حتى رفعوا سيفوهم فى وجه أقرب جار لهم بناء على طائفته أو دينه وصاروا يسخرون من طقوس عبادة هى لا تبتعد كثيرا عن تلك التى يمارسونها هم.. فمن أعطاهم الحق فى نكران الآخر وإسقاط حقه فى الأرض والهواء وشمس بلاده؟؟ ومن قال لهم إن قراءة متواضعة للقرآن، بل ربما غبية وناقصة، تعطيهم الحق فى توزيع الشهادات لما هو حلال وما هو حرام؟؟
•••
قبل زحمة الأعياد والمعايدات قولوا لهم ليوفروا جهودهم ورسائلهم وموعظتهم وليتركوا الناس تختار وتفكر فهى ليست ناقصة عقل ولا دين!! ولا هى بحاجة إلى موعظة من جهله حتى لو حملوا الشهادات واستعرضوها وهم لا يزالون حبيسى غرفهم المعتمة التى لا تبتعد كثيرا عن السجون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved