العلاقة بين العلم والفن

سامح مرقص
سامح مرقص

آخر تحديث: الأحد 12 ديسمبر 2021 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

العلم من أهم المقومات الحضارية لأنه يتميز بقدرته على تصحيح أخطائه، وحاضره أصح من ماضيه، والمجتمع الذى لا يأخذ بالرؤية العلمية السائدة فى عصره يصبح محسوبا على عصر سابق لا دراية له بالتقدم المعرفى.
الفن رفيق أساسى للعلم، ويلعب دورا رئيسيا فى تشكيل رؤية الناس عن العلم؛ بمقدرته على طرح الحقائق العلمية بأسلوب مبسط وجذاب.
الفن الجيد ينقلنا بمهارة إلى زمان مختلف وأماكن جديدة. وفى المجتمعات المتقدمة دور الفنانين لا يقل فى الأهمية عن العلماء، لأنهم يدركون أن تعاون العلم مع الفن أمر ضرورى لتعزيز الثقافة والمعرفة. وهناك ارتباط وثيق بين الفن والعلم؛ الفنانون يستخدمون العلم كوسيلة للتعبير عن رؤيتهم، والعلماء يعتمدون على الفن لشرح أفكارهم واكتشافاتهم العلمية.
عصر النهضة فى أوروبا تميز بتعاون الفن والعلم، وهذا ظهر بوضوح فى أعمال ليوناردو دافنشى (1452ــ1519) الذى كان فنانا ممارسا للعلوم الفيزيائية والطبيعية، وحقق من خلال هذا الاندماج العديد من الإنجازات وتم تدوينها فى دفاتر ملاحظاته التى شملت الفن والعمارة والفلسفة وعلم الفلك والهندسة. كذلك العالم الفذ جاليليو الذى عاش حياة مليئة بالإثراء العلمى والفنى، فاهتم بدراسة الموسيقى والرسم بالإضافة إلى تفوقه فى علم الرياضيات والفيزياء، وكانت إنجازاته فى علم الفلك ثورية ساعدت على بناء فهم جديد لطبيعة الكون.
ترابط الفن والعلم استمر، وفى العقود الأخيرة لعب الفن دورا هاما فى توضيح الاكتشافات العلمية الحديثة فى مجالات مختلفة من خلال رسومات بسيطة لتفاصيل علمية معقدة، فعلى سبيل المثال فى علوم الطب والأحياء الرسومات ضرورية لفهم المواصفات التشريحية لأعضاء الجسم وتفاصيل الجهاز المناعى والحامض النووى ومكونات الخلية، كذلك فى علم الكون قدم الفن رسومات مبسطة لفهم نظرية الانفجار العظيم وقصه تطور الكون، كذلك تفاصيل الثقوب السوداء، ووصف طبيعة الجاذبية وتأثيراتها المختلفة خاصه على مسار الضوء.
وهكذا، يلعب الفن دور الوسيط بين العلماء المختفين فى مراكز الأبحاث العلمية والجماهير لنشر اكتشافاتهم وأفكارهم العلمية بصدق وبوضوح، وعلينا أن ندرك أن المعرفة هى المصباح الذى ينير طريق الإنسان خلال رحلة الوجود وتجنبه مزالق الجهل والشعوذة. وكما قال بنجامين فرانكلين، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، «الاستثمار فى المعرفة ينتج أحسن الفوائد». وبلا شك العمود الفقرى للمعرفة هو التعاون بين العلم والفن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved