2020: القضية الفلسطينية وصراع الانتخابات

ناصيف حتى
ناصيف حتى

آخر تحديث: الإثنين 13 يناير 2020 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

فى مطلع هذا العام يبدو أن القضية الفلسطينية فى إطار ما يعرف بدبلوماسية الصراع العربى ــ الإسرائيلى بجميع جوانبه، ستبقى مهمشة أو مغيبة، وهو أمر مستمر لسنوات منذ الثورات العربية، عن جدول الأولويات الفعلية والضاغطة فى الأجندات والسياسات الشرق أوسطية، مرد ذلك يكمن فى تكاثر النزاعات عددًا وحدة وسخونة وتشابكًا وتداخلا فى الشرق الأوسط وبالأخص فى العالم العربى. نزاعات وصراعات مباشرة وبالوكالة تحمل المزيد من التعقيدات والمخاطر ولو كانت هذه مختلفة حسب موقع كل «لاعب» إقليمى أو دولى ومصالحه. ويبدو أن «صراع الانتخابات» على الصعيدين الفلسطينى والإسرائيلى سيكون عنوان هذا العام فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. السلطة الفلسطينية تعد بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ولكن تربط ذلك بانتزاع موافقة إسرئيل على إجراء الانتخابات فى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وبما تحمله من رمزية متعددة الأبعاد وهو ما ترفضه إسرائيل. حماس التى تعمل للتوصل إلى اتفاق هدنة طويل الأمد مع إسرائيل فى غزة يسمح لها بتكريس سيطرتها على القطاع تصر على إجراء الانتخابات وهى على يقين بأنها ستفوز بها مما يسمح لها بتعزيز وتكريس وجودها لاحقًا فى الضفة الغربية مستفيدة من العناصر العديدة التى أدت إلى تآكل موقع ودور وشرعية السلطة الفلسطينية على الصعيد الفلسطينى. ويبدو أن المسار الطبيعى لتطور الأمور سيؤدى إلى تعزيز وجود «سلطتين» فلسطينيتين كأمر واقع فى كل من «بقايا الضفة الغربية» وقطاع غزة وهو أمر ستكون له دون شك تداعيات سلبية على الوضع الفلسطينى ككل فى لحظة هنالك أمس الحاجة فيها لبناء وحدة وطنية فلسطينية فعلية.
إسرائيل أيضًا تشهد التحضير لجولة ثالثة من الانتخابات النيابية فى أقل من عام (إبريل وسبتمبر والانتخابات الثالثة فى مارس 2020) بسبب الفشل بعد جولتين انتخابيتين فى تبلور أكثرية نيابية قادرة أن تشكل حكومة. الخلاف فى البيت اليمينى المسيطر فى إسرائيل بين الليكود وحلفائه من جهة وحزب أزرق أبيض من جهة أخرى يتعلق بقضايا داخلية فيما التوافق قائم بالفعل فيما يتعلق بالأسس التى يفترض أن تشكل التسوية العادلة والدائمة للقضية الفلسطينية: فلا دولة ولا انسحاب من القدس ولا تفكيك مستوطنات، لا بل أن هنالك مزايدات وقد أطلقها نتنياهو واعدًا بالعمل على ترسيم حدود إسرائيل بشكل نهائى بعد أن يضم مجمل غور الأردن وشمال البحر الميت (ما يعرف «بالمنطقة ج» حسب تقسيمات اتفاق أوسلو») وتعزيز الاستيطان وتحصينه. ولا بدّ من التذكير فى هذا الإطار بأن إسرائيل تعتبر أن فلسطينى غزة عند انتقالهم إلى الضفة الغربية هم «أجانب غير شرعيين»: يندرج ذلك كله فى تكريس شرعية تقوم على منطق كانتوتات فلسطينية منقطعة عن بعضها البعض فى الجغرافيا والاجتماع وتحت سيطرة فعلية وقانونية لسلطات الاحتلال على الأراضى الفلسطينية. ويتساءل البعض عما إذا كانت الجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية ستسمح بكسر الجمود الحاصل وتشكيل حكومة جديدة. ويعكس ذلك الوضع بروز أزمة نظام سياسى فى إسرائيل تتعلق بنظرة الإسرائيليين لمؤسسات الدولة على اختلافها وللقيادات السياسية وللمسألة الديمقراطية كما دل على ذلك استطلاع أجراه «المعهد الإسرائيلى للديمقراطية».
وعلى صعيد آخر يبدو وكأن الاتجاه الأمريكى الراهن بعد لقاء المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط مع رئيس وزراء إسرائيل، مطلع الأسبوع الماضى، يتجه لإعلان «صفقة القرن» رسميًا قبل الانتخابات الإسرائيلية وهو مشروع يتعامل مع القضية الفلسطينية ليس كقضية تحرير وطنى بالنسبة لشعب وحقه فى إقامة دولته المستقلة بل كقضية تحسين أوضاع اقتصادية عبر مقترحات متعددة بالنسبة للشعب الفلسطينى: مشروع أن أعلن رسميًا لن يستطيع الإقلاع فعليًا: أنه منطق الحل المؤجل فيما تقام دولة «إسرائيل الكبرى» وتبقى القضية الفلسطينية مادة دسمة لتوظيفها فى صراعات المنطقة تحت عناوين سياسية وإيديولوجية مختلفة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved