حظر ترامب من وسائل التواصل الاجتماعى سيغير ملعب السياسة كليا

مواقع عسكرية
مواقع عسكرية

آخر تحديث: الأربعاء 13 يناير 2021 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defence One مقالا للكاتب بيتر سنجر، يرى فيه أن السياق السياسى الأمريكى تغير بشكل كبير فى سنوات حكم ترامب بسبب تغريداته المحرضة إلى أن وصل الأمر إلى اقتحام الكونجرس، وسيكون حظر حساباته عاملا مهما فى تهدئة الأوضاع. ومع ذلك يرى الكاتب أن التطرف لن ينتهى بحظر ترامب فالمتطرفون يتجمعون فى شبكات أقل تقييدا وأكثر حرية.. نعرض منه ما يلى.
من بين جميع الأحداث الجسام التى وقعت الأسبوع الماضى، كان إسكات الحسابات الخاصة بترامب على وسائل التواصل الاجتماعى هو لحظة «فارقة» ليس فقط للسياسة الأمريكية ولكن لمجموعة من القضايا من الصحة العامة إلى الأمن القومى. فلم يقم أى شخص فى تاريخ البشرية بنشر نظريات المؤامرة بين عدد كبير من الأشخاص مثلما فعل الرئيس الأمريكى.
من يقرأ كل تغريدة لترامب على realdonaldtrump، يرى أن هناك حجما هائلا من الأكاذيب والإهانات التى تخدر العقل. وما هو ملحوظ أيضا هو عدد نظريات المؤامرة التى بدأها ترامب بشكل كبير قبل أن يصبح رئيسا بفترة طويلة تراوحت بين الأكاذيب المعروفة وأكاذيب أخرى أكثر حقارة مثل تأجيج الأقاويل المضادة للقاحات.
الأهم من ذلك أن ترامب متفوق بشكل مذهل فى إقناع الآخرين بنظريات المؤامرة الخاصة به تماما كما حدث فى الصحة العامة بشأن الوقاية من الفيروس. والطريق الوحيد لوقف تسميم عقول الأفراد بمثل هذه الأفكار هو وضع قيود على هؤلاء المتفوقين، سواء كانت تغريداتهم متعلقة بداعش أو اليمين المتطرف أو نظريات المؤامرة.
***
حظر ترامب من على وسائل التواصل الاجتماعى يعكس تحولا كبيرا فى سياسة الشركات التى أنشأت وتدير هذه الوسائل. فهذه الشركات الآن تتخذ قرارات تتعلق بالإشراف على المحتوى ليس فقط فيما إذا كان المستخدم أو المنشور قد انتهك قواعدها، ولكن أيضا التأثير الذى قد يحدثه هذا المحتوى على الأشخاص. خصوصا المعلومات المضللة عن كوفيد ــ 19.
والمراقب للأوضاع جيدا يرى أن السياق السياسى الأمريكى تغير بشكل كبير سواء على وسائل التواصل الاجتماعى أو فى العالم الحقيقى إلى أن وصل الأمر إلى الاستيلاء العنيف على مبنى الكابيتول هيل (لم تكن عملية اقتحام الكابيتول الأمريكى حدثا فرديا؛ فقد شهد الأسبوع الماضى حشودا مسلحة مؤيدة لترامب تحاول أيضا اقتحام المجالس التشريعية للولايات ومنازل حكام الولايات فى جورجيا ونيفادا وجنوب كارولينا ويوتا وواشنطن). لكن يبدو أن الرئيس المنتهية ولايته لم يفهم ذلك وأعتقد أنه يمكنه الاستمرار فى العمل بالطريقة نفسها: عبور الخطوط الحمراء، والإفلات من العقاب. إلى أن قرر تويتر أخيرا أن ترامب تجاوز الحد المسموح. فهو لم يقم فقط بكسر قواعد المنصة بشكل متكرر بنشر تغريدات بشأن مزاعم تزوير الانتخابات. لكنه، الآن، وحتى بعد كل الأحداث التى وقعت فى الكابيتول، استخدم عودته إلى تويتر ــ بعد تعليق حسابه لفترة ــ بكسر تعهده بـ «الانتقال السلمى» للسلطة وذلك فى مقطع فيديو نشر قبل أيام.
ترامب سكب البنزين على النار مرة أخرى بعد إعلانه أنه لن يشارك فى حفل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن. وبالتالى خلص مسئولو تويتر إلى أن تغريدات ترامب «من المرجح أن تلهم الآخرين لتكرار أعمال العنف التى وقعت فى 6 يناير 2021». أضف إلى ذلك سلسلة العمليات المتطرفة المخطط لها فى 17 يناير فى عواصم الولايات المختلفة. لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن المحللين الأمنيين بدأوا مناقشة عبر الإنترنت حول «مسيرة المليون ميليشيا» المقرر تنظيمها فى 20 يناير فى واشنطن العاصمة، والغرض منها ليس فقط تعطيل تنصيب بايدن، ولكن أيضا السعى للانتقام العنيف من الشرطة بسبب «استشهاد» مشاغب فى أحداث اقتحام الكابيتول.
***
تداعيات حظر ترامب ستحدث تحولا كبيرا ليس فقط فى الأيام المقبلة، ولكن على المدى الطويل ــ وفى كل شىء بدءا من الإرهاب إلى الصحة العامة. باختصار، ملعب السياسة سيتغير بشكل كلى.
فكل شىء فى وسائل التواصل الاجتماعى كان يميل فى السابق لصالح القوى السامة، بدءا من الخوارزميات التى تدفع نحو التطرف إلى تحفظ الشركات على الاعتراف بذلك. لكن الشركات بدأت فى اتخاذ سلسلة من الإجراءات فى السنوات القليلة الماضية بسبب التضليل الانتخابى، والقتل الجماعى، والمعلومات المضللة عن كوفيد ــ 19 مما يجعل من الصعب على القوى السامة استغلال الأفراد، قامت هذه الشركات أيضا بحظر أنواع معينة من الإعلانات قطعة تلو الأخرى إلى أن تم حظر الصوت الأعلى (ترامب).
بالطبع، هذا التحول طال انتظاره. ومن يعملون فى هذه الشركات يدركون أن العديد من الأحداث المروعة التى تغذيها وسائل التواصل الاجتماعى كان من الممكن تجنبها أو على الأقل التخفيف من حدتها بمثل هذه الإجراءات. وبعد أحداث القتل الجماعى فى بيتسبرج (هجوم مسلح على معبديهودى فى بنسلفانيا فى 2018 راح ضحيته 11 شخصا) قال مسئول تنفيذى كبير فى وسائل التواصل الاجتماعى إنه على الرغم من أن شركته كانت قادرة على الحد من استخدام داعش لشبكتها، إلا أن أسبابا تقنية وقانونية تمنع من تطبيق نفس الإجراءات على اليمين المتطرف. ولكن بعد العديد من عمليات القتل الجماعى المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعى مثل كرايستشيرش فى نيوزيلندا وغيرها أصبح ما قيل عنه أنه «مستحيل» ممكنا.
ومع ذلك، واجهت الشركات أعمالا وتكنولوجيا ومعارك متغيرة بسرعة. وسيكون اتخاذ هذا النوع من القرارات ليس ما يخطط له معظم شركات التكنولوجيا فهم يريدون البناء والربح وليس المراقبة.
***
على العموم، يبدو أخيرا أن الشركات قد توصلت إلى اقتناع بعد سنوات من المراوغة، بأن لديها مجموعة جديدة من المسئوليات. فهم ليسوا مجرد مبتكرين تقنيين أو حتى محررى وسائل إعلام إخبارية. بل يديرون منصات لـ «حرب المعلومات». وأن وسائل التواصل الاجتماعى ليست مجرد مساحة اتصال ولكنها مساحة صراع.
لكن هناك حقيقة علينا إدراكها وهى أن حظر ترامب من المنصات لن ينهى انتشار نظريات المؤامرة. فالادعاء القائل إن أحداث الشغب فى الكابيتول كانت ترتيبا من حركة أنتيفا Antifa (حركة محتجين يسارية مناهضة للفاشية والنازية ومعارضة للرأسمالية والنيوليبرالية واليمين المتطرف) تمت مشاركتها من قبل أكثر من نصف مليون شخص فى اليوم الأول. كما أن حظر ترامب من وسائل التواصل الاجتماعى لن ينهى خطر التطرف. فالمتطرفون يتجمعون فى شبكات أصغر وأكثر حرية، مثل Parler أو Gab والبعض الآخر مخفى عن الأنظار.
ومع ذلك، المهم أنه تم إخراج الممثل الأكثر خطرا من المشهد وسيكون من الصعب على متابعيه أن يكون لهم نفس التأثير. فالأرقام الأولية تظهر أن ترامب مركز العديد من نظريات المؤامرة والتطرف أمثال اليمين المتطرف، وكى آنون، ومناهضى اللقاح. ويوجد ممثل رئيسى فى كل منهم يحتاج للحظر.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد.
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved